الاثنين 30 حزيران (يونيو) 2014

قواعد فتح وتصريحات زعيمها

الاثنين 30 حزيران (يونيو) 2014 par ياسر الزعاترة

بيانات كثيرة صدرت من دوائر ذات صلة بحركة فتح على خلفية تصريحات (زعيمها)؛ الرئيس الفلسطيني في جدة بالمملكة العربية السعودية، وفي حين لم تنطو التصريحات على جديد يذكر بالنسبة لخطاب رئيس السلطة، ورئيس حركة فتح، ورئيس منظمة التحرير (في آن)، إلا أن تجميعها في سياق واحد وبطريقة أقرب إلى الفخر والتحدي، منها إلى التبرير على استحياء، كان مستفزا لقطاعات كبيرة من الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج.
ولأن كوادر حركة فتح هم جزء لا يتجزأ من شعبهم، ويعيشون همومه وهواجسه، ولأن التصريحات جاءت على خلفية عملية أسر لثلاثة جنود أصابت سلطات الاحتلال بالقهر، هي التي تتميز أجهزتها الأمنية بقدرات مذهلة بكل المقاييس، لأن الأمر كذلك، فقد كانت التصريحات أكثر استفزازا من أية تصريحات مشابهة، فضلا عما ذكرنا من تجميعها جميعا في سياق واحد (الافتخار بالتنسيق الأمني، هجاء عملية الأسر، واعتبارها مدمرة، هجاء انتفاضة الأقصى التي تعتبر فلسطينيا من أروع مراحل النضال الوطني، واعتبارها مدمرة أيضا، رغم أن مئات من أسراها لا يزالون قيد الأسر، ما ينطوي على تسخيف لبطولتهم وتضحياتهم باعتبار أنها كانت مدمرة أيضا).
على هذه الخلفية صدرت بعض البيانات التي لا يُعرف من أصدرها (أحدها لكتائب شهداء الأقصى التي حلّت عمليا منذ 2007) تندد بالتصريحات إياها، وتعتبرها نوعا من العار، وتعتبر أن قائلها لا يمثل حركة فتح، فيما اضطرت دوائر عديدة في الحركة إلى إصدار بيانات مشابهة تؤيد الرئيس، وتعلن دعمها الكامل له.
وبقدر ما كانت بعض البيانات التي نددت بالتصريحات المذكورة مثيرة للارتياح (معها مواقف في مواقع التواصل)، فإن الأكثر إثارة بالنسبة لي شخصيا في كل ما صدر من بيانات هو بيان صدر من شبيبة فتح في الجامعات الأردنية يعلن تأييد الرئيس فيما صدر عنه، ما يشير إلى خلل في العقل والضمير في آن، لاسيما أنه يصدر عن شبان؛ الأصل أنهم في ذروة حالات الثورة والرفض، ولا يمكن أن يقبلوا تصريحات انبطاحية من ذلك اللون، حتى إن السؤال الذي ألح عليّ هو: إذا كان هؤلاء يقولون ذلك في هذه المرحلة العمرية، فماذا سيقولون بعد سنوات عندما يكبرون ويتزوجون وينخرطون في شؤون السياسة ومستحقاتها على مختلف الأصعدة؟! ثم كيف يمكن لهؤلاء الذين ينتمون عمليا إلى أبناء لاجئين أن يرحبوا بتصريحات رجل طالما تنازل عن حقهم في العودة إلى وطنهم، واعتبرهم مرتاحين في أماكن وجودهم؟!
إنها عقلية القبيلة لا أكثر، تلك التي شعارها: “وما أنا إلا من غزية؛ إن غوت غويت، وإن ترشد غزية أرشد”، أو رافعوا شعار “اللي بتزوج أمي بقلوا يا عمي”. كيف لهؤلاء الذين يتغنون بالزعيم الرمز (ياسر عرفات)، أن يمدحوا من اصطدم معه بسبب الموقف من انتفاضة الأقصى، وفُرض عليه بسطوة القوة الأمريكية الصهيونية؟!
إنها القبلية في أسوأ تجلياتها، والتي تضع الوطن في المرتبة الثانية بعد القبيلة الحزبية، ويمكنها أن تبرر أي موقف مهما بلغ مستوى بؤسه، ولو أهال التراب على ما يسمى الثوابت، ولا نتحدث هنا عن الثوابت الحقيقية ممثلة في فلسطين من البحر إلى النهر، بل عن 22 في المئة فقط من أرض فلسطين، مع حق العودة الذي نصَّت عليه ما تعرف بقرارات الشرعية الدولية، فضلا عن حق الشعب الواقع تحت الاحتلال في المقاومة بكل أشكالها.
كيف يؤجر بعضهم عقله وضميره على هذا النحو، ومن يمثل هؤلاء في واقع الحال؟! أسئلة تطرح نفسها في مواجهة هذا الذي يجري، لكن الوجه الآخر للصورة مثّله نفر من أبناء وشباب حركة فتح الذي أثارتهم التصريحات، فكتبوا في مواقع التواصل بما يشير إلى ضيقهم، وهؤلاء هم من يستحقون التحية في واقع الحال، لأنهم عبروا عن ضميرهم الوطني أكثر من انتمائهم الحزبي.
ما فعله ويفعله هذا الفريق في القيادة غير مسبوق في تاريح القضية الفلسطينية، وهو غير مسبوق أيضا في تاريخ حركات التحرر، والأمل كل الأمل أن يتمرد شرفاء فتح، ومن تبقى من شبابها النقي على هذا الذي يجري، بحيث تجري استعادتها كحركة تحرر، هي التي تحولت عمليا إلى حزب سلطة تحت ولاية الاحتلال، بل يعمل في خدمته!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 74 / 2177827

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177827 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40