الخميس 29 نيسان (أبريل) 2010

الرقم 48.. موعد مؤجل مع الذاكرة

بقلم جميل حامد
الخميس 29 نيسان (أبريل) 2010

الحقيقة المرة التي يشهدها العالم العربي، هي ذات الحقيقة التي دمجت مليون وربع فلسطيني في الجنسية الإسرائيلية والكيان العبري ومؤسسات دولته! وهي ذاتها الحقيقة التي ما زالت تقمع المواطن العربي الفلسطيني، وتحاصره في عنق الزجاجة الاسرائيلية! وهي نفسها الحقيقة الحاضرة في ذهنية الإخوة العرب، من أن محمد الفلسطيني في الكرمل هو إسرائيلي الهوى، وأن عيسى القابع في الناصرة هو صهيوني المنبت! وهي الحقيقة التي ما زالت غائبة عن مسرح الصراحة والوضوح مع الذات البشرية، التي أوقعت ابن حيفا ويافا وعكا والكرمل والجليل والمثلث والنقب في شرك الاندماج بدولة، يُجري تحديثها القانوني والسياسي والاقتصادي والأخلاقي، على مدار الساعة في كافة أروقة الأمم!

الحكاية، أية حكاية تنطلق من بُعدَي المكان والزمان، إلا حكاية الرقم 48 الذي انطلق من ثلاثة أبعاد، ما زال الإنسان فيها جوهر القضية، وما زال المكان مسرحا للعبث الوجودي القسري، والزمان ليس أكثر من عقرب يلتف على أصول الانسان، والمكان بلغات عدة؟
فما هو الرقم 48 الذي تبعثر بين أرقام هيئة الأمم المتحدة بإغاثتها الدولية، أو في أرقام المهجرين على حدود الغربة والشتات، أو في أرقام السجون التي بدلت الاسم برقم يؤكد أهليته للحياة من جهة، وووجوده عليها من الجهة الأخرى؟ وهل رقم 48 عصيٌّ على الكسر، أم أنه قابل للذوبان في مشاريع التصفية والتسوية، وما الى ذلك من مشاريع تحفل بها أبعاد المعادلة الوجودية للدولة اليهودية الاندماجية!؟

في ظل حكاية الرقم المرعب“48”، تتفاعل حروف اللغات المضغوطة بقرص الحقيقة، وهنا، لا فرق بين عكا وسورها المبلل بآهات البحر، وبين جدار الضفة الأخرى! كلاهما برسم الاحتلال الهستيري ينطقان بذات الرقم، لكن هل إسراطين (إسرائيل – فلسطين) اللغة الدخيلة على إرث الأجداد، كفيلة بهتك بكارة هذا الرقم الذي ما زال مصبوغا بالألم؟

الرقم “48” هو الرقم الذي يشطب أحد شعبين عن الوجود!
والتسميات التي ألصقت بسكان فلسطين المحتلة كانت ذكية وخطيرة، وهي تسميات نزعت من البدايات صفة الشعب والهوية الوطنية عن “120” ألف فلسطيني، تضاعفوا خلال ستة عقود الى مليون فلسطيني وربع، يترنحون بين إنكار العرب لعروبتهم وفلسطينيتهم من جهة، وبين طمس اليهود لهويتهم، تحت طائلة الأسرلة التي لصقت بهم!
فما وجه التخلي الذي مارسه العرب عمّا يسمى بالأقلية العربية في إسرائيل؟ وكيف وافق العرب في الدول العربية على هذا المسمى؟ ولماذا “يلوك” الفلسطينيون مصطلح عرب إسرائيل، في الوقت الذي تتجه به دولة الاحتلال لإعلان نفسها دولة يهودية، في خطوة تمهد لتهجير ما تبقى في مدن وقرى الساحل والجليل والمثلث من فلسطينيين؟
في الوقت الذي يختلف به الكون على المسميات بين عرب إسرائيل، أو عرب الـ48، أو عرب الداخل، أو فلسطينيي 48، جاءت زيارة وفد من ممثلي فلسطينيي الداخل الى ليبيا في خطوة ليبية، اعتبرها المحللون مفاجأة من العيار الثقيل، لكن؛ بالنظر إلى تاريخ الزيارات التي قام بها أعضاء كنيست عرب الى الدول العربية: سواء لبنان، سوريا، الأردن أو قطر، نجد أن المفاجأة لم تخرج عن سياق استخدام هذه الشخصيات وهؤلاء الأعضاء كمَعْبر، لفتح علاقات مع الكيان العبري، ولم تخرج عن سياق اعتبار الفلسطينيين في الداخل المحتل جزءًا من الكيان الإسرائيلي! فهل دعوة أعضاء الكنيست وغيرهم من الشخصيات الاعتبارية والاجتماعية، يشكل خطوة نحو الاعتراف الليبي بالاحتلال الإسرائيلي؟ أم أن استقبال العقيد القذافي لهذه الشخصيات يمثل البداية، لإعادة التطبيع العربي مع الفلسطيني الذي سلخته أمّته منذ ستة عقود عن بني جلدته؟
هل تأتي دعوة هؤلاء النواب لإعادة إحياء خيار “إسراطين”؛ الذي يدعو له الرئيس الليبي مرارا وتكرارا، أم أنه إنكار لهذا الخيار وتخلٍّ عنه؟ ولماذا تتسابق الدول العربية على استقبال أعضاء الكنيست العرب، وتمنع الفلسطيني القابض على جمر الصمود في سخنين وعرابة والجليل، وغيرها من قرى الساحل والمثلث والنقب، وبلدات ومدن النكبة من دخول أراضيها؟
المضحك المبكي الذي جاء في كلمة عضو الكنيست أحمد الطيبي أمام القذافي: أن اسرائيل تدير ثلاثة أنظمة حكم تتلخص: بديمقراطية ل80% من السكان أي لليهود “إنها ديمقراطية عرقية”، ونظام الإقصاء والتمييز العنصري ضد 20% من السكان “ضدنا نحن العرب”، نظام الاحتلال والأبرتهايد في الأراضي المحتلة عام 1967، وأكد أن اسرائيل نجحت في تسويق نفسها عبر النظام الأول فقط، ونسي العالم أو تناسى النظامين الثاني والثالث! ويضيف في معرض كلمته: “نريد للعالم ان يعرف تفاصيل حياتنا ومعاناتنا، وانعدام المساواة المطلق بيننا”!
ما قاله الطيبي يؤكد أن العرب انتظروا أكثر من ستة عقود لفتح ملف طوته هيئة الأمم المتحدة في قراراتها العتيدة! فهل فعلا العرب ما زالوا يجهلون حقيقة التمييز والعنصرية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي؟
وهل ينظر العرب لفلسطينيي الداخل المحتل على أنهم جزء من النسيج المجتمعي اليهودي، على غرار الفلاشا والروس وغيرهم من القادمين والمهاجرين لبلاد السّمْن والعسل؟ لماذا لا يتحمل العرب المسؤولية الأخلاقية والوطنية والعقائدية، تجاه مليون فلسطيني ما زالوا في الحبس القسري؟

لقد وجد عضو الكنيست عن حزب التجمع القومي الديموقراطي الدكتور عزمي بشارة مكانا له في قطر، التي منحته حق اللجوء إليها، بعد أن اتهمته إسرائيل بالاتصال بمنظمة حزب الله اللبنانية، وتسريب معلومات وغيرها من التهم! فلماذا تحتضن عاصمة عربية عضوا في الكنيست الإسرائيلي، في الوقت الذي تغلق به كافة العواصم في وجه شعب يقال عنه أقليه عرقية؟
لماذا يصل الحال بالبعض لوشم فلسطينيي الداخل بالعملاء والجواسيس للاحتلال، لأنهم قبلوا الهوية الإسرائيلية والتجنيس، ويتم استقبال وإيواء أعضاء كنيست، بعضهم شغل لجانا مؤثرة في الكنيست الإسرائيلي؟
إذا كان العرب وعلى رأسهم العقيد القذافي في طريقهم لإعادة فلسطينيي الداخل للحاضنة العربية، فلماذا الإصرار على إبقاء قضيتهم مدفونة في الجنسية الإسرائيلية؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2178515

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع المنبر الحر   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178515 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40