الخميس 22 تموز (يوليو) 2010

من خبايا واسرار اغتيال «أسطول الحرية» والسطو على احتياطيات الطاقة

الخميس 22 تموز (يوليو) 2010

عرض : صباح كنعان

لاتزال خفايا وأسرار الاعتداء «الإسرائيلي» على أسطول الحرية قبالة ساحل غزة تتكشف يوماً بعد يوم، ومن بين أحدث ما نشر، مقال للبروفيسور مايكل تشودوفسكي، الباحث لدى مركز الأبحاث حول العولمة (CRG) وهو مركز أبحاث وإعلام مستقل مركزه في مونتريال (كندا). يكشف المقال عن دور الولايات المتحدة في الهجوم، ضمن إطار علاقاتها العسكرية الوثيقة مع «إسرائيل»، كما يربط الهجوم بخطط استهداف إيران، وكذلك بخطط «إسرائيل» للاستيلاء على حقول الغاز الطبيعي قبالة ساحل غزة، وفي ما يلي عرض لأهم ما ورد فيه :

حصار غزة جزء من أجندة الحرب الوقائية ضد سوريا وإيران

نتناول هنا عملية عسكرية تم التخطيط لها بعناية، إذ إن فرقة كوماندوز البحرية «الإسرائيلية» التي هاجمت السفينة «مارفي مرمرة» يوم 31 مايو/أيار كانت لديها معرفة مسبقة بمن كان على متن السفينة التركية، وحتى بمواقع إقامة الركاب عبر السفينة، وحسب الكاتب السويدي هينينغ مانكل الذي كان على متن السفينة، فإن «القوات «الإسرائيلية» هاجمت مدنيين نائمين».

هذه في الحقيقة اغتيالات مخططة لقد تم استهداف أفراد معينين، واستهدف أيضاً صحافيون من أجل مصادرة أجهزتهم للتسجيل الصوتي والمرئي.

وقال المؤرخ ماتياس غاردل الذي كان على متن السفينة «نحن شهود على جرائم قتل متعمدة».

وعندما سئل غاردل لماذا هاجم نشطاء كانوا على متن السفينة التركية جنوداً «إسرائيليين» أجاب بالقول : «المسألة ليست كما لو أن «إسرائيل» ضابط شرطة ليس من حق أي إنسان أن يدافع عن نفسه بمواجهته، فإذا أنت تعرضت لهجوم من جنود كوماندوز فمن حقك طبعاً أن تدافع عن نفسك .. كثيرون على هذه السفينة اعتقدوا أنهم (الجنود «الإسرائيليون») سيقتلون الجميع. كانوا خائفين جداً.. إنه لأمر غريب أن يكون هناك أناس يرون أن المرء يجب ألا يدافع عن نفسه ..لقد أطلقوا (الجنود «الإسرائيليون») النار على أولئك الذين استسلموا. كثيرون من أصدقائنا شاهدوا ذلك. وقد أخبروني أنه كان هناك أشخاص تعرضوا لإطلاق النار بينما كانوا مقيدين بالأصفاد».

وقال غاردل إن جنود الكوماندوز «الإسرائيليين» كان لديهم أمر صريح بأن يقتلوا.

خلفيات الهجوم

الهجوم على أسطول الحرية المتجه إلى غزة حمل بصمات عمليات «إسرائيلية» سابقة استهدفت مدنيين غير مسلحين والهجوم تم بموجب أسلوب العمليات المعتمد في عمليات الجيش والاستخبارات «الإسرائيلية» وهو أسلوب يحظى بدعم ضمني من الإدارة الأمريكية.

إن الهدف من قتل مدنيين هو استثارة رد من قوات مقاومة فلسطينية، الأمر الذي يستخدم بدوره لتبرير عمليات انتقامية «إسرائيلية»، وكذلك لتفعيل عملية تصعيد عسكري.

إن منطق هذه العملية كان في صلب «عملية الثأر المبرر» التي وضعها آرييل شارون (والتي تعرف أيضاً باسم «خطة داغان» نسبة إلى مستشار الأمن القومي لشارون الذي ترأس أيضاً جهاز (الموساد).

وهذه العملية وضعت منذ بدايات حكومة شارون عام 2001، وكانت غايتها تدمير السلطة الفلسطينية وتحويل غزة إلى سجن مدني.

و«عملية الرصاص المصبوب» التي نفذت خلال اجتياح غزة في ديسمبر/كانون الأول 2008 يجب فهمها كجزء من منطق «عملية الثأر المبرر». وبدوره، فإن الهجوم «الإسرائيلي» على اسطول الحرية يجب اعتباره استمراراً لـ «عملية الرصاص المصبوب» التي استهدفت فرض الحصار على غزة.

إن الهجوم على اسطول الحرية يحمل بصمات عملية عسكرية استخباراتية نسقها الجيش «الإسرائيلي» وجهاز «الموساد الإسرائيلي» الذي يقوده الآن واحداً من المهندسين الرئيسيين لـ «عملية الثأر المبرر»، وهو مائير داغان.

ويجدر أيضاً تذكر أن داغان، عندما كان كولونيلاً شاباً، عمل بصورة وثيقة مع وزير الدفاع آنذاك آرييل شارون في عملية اقتحام مخيمي صبرا وشاتيلا الفلسطينيين في بيروت عام 1982.

دور الولايات المتحدة في الهجوم

هناك مؤشرات على أن «إسرائيل» استشارت الولايات المتحدة على أعلى المستويات في ما يتعلق بطبيعة العملية العسكرية الموجهة ضد الاسطول. علاوة على ذلك، فإن كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا أعادتا بعد انتهاء العملية تأكيد دعمهما لـ «إسرائيل» بصورة واضحة تماماً.

هناك علاقات قديمة ومستمرة إلى الآن على المستويين العسكري والاستخباراتي بين الولايات المتحدة و«إسرائيل» بما في ذلك علاقات عمل وثيقة بين مختلف الأجهزة والوكالات الحكومية : البنتاغون ومجلس الاستخبارات القومي، ووزارة الخارجية، ووزارة الأمن الداخلي على الجانب الأمريكي، والأجهزة المماثلة على الجانب «الإسرائيلي».

وكل هذه الأجهزة والوكالات الحكومية معنية باستشارات وارتباطات تجري على أساس روتيني، وتدار عادة من خلال السفارة الأمريكية في «إسرائيل»، وتشمل تبادل زيارات متكررة لمسؤولين بين واشنطن و«تل أبيب». علاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة، وكذلك كندا، لديها اتفاقيات تعاون أمني معلنة مع «إسرائيل» في ما يتعلق بحفظ أمن الحدود الدولية، بما فيها الحدود البحرية.

وفي الأشهر القليلة التي سبقت هجوم 31 مايو/أيار، عقدت عدة اجتماعات أمريكية «إسرائيلية» على مستوى عال.

رام عمانوئيل عقد اجتماعات مغلقة مع بنيامين نتنياهو «يوم 26 مايو/ أيار»

هنا يظهر على المسرح رام عمانوئيل، كبير موظفي البيت الأبيض في إدارة أوباما، والذي زار «تل ابيب» قبيل الهجوم على الاسطول، وعقد اجتماعات خلف أبواب مغلقة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «يوم 26 مايو/أيار»، كما عقد اجتماعاً خاصاً مع الرئيس شمعون بيريز «يوم 27 مايو/أيار». والبيانات الرسمية لم تذكر ما إذا كان مسؤولون آخرون، بمن فيهم وزراء أعضاء في مجلس الوزراء المصغر أو مسؤولون من الجيش «الإسرائيلي» و«الموساد» قد شاركوا في اجتماع رام عمانوئيل ونتنياهو، لكن الصحافة «الإسرائيلية» أكدت أن رام عمانوئيل عقد اجتماعاً مع وزير الدفاع «الحرب» إيهود باراك الذي تعتبر وزارته مسؤولة عن الإشراف على الهجوم ضد اسطول الحرية.

والبيت الأبيض أكد أيضاً أن زيارة رام عمانوئيل شملت اجتماعاً مع مسؤولين «إسرائيليين» كبار آخرين، من دون إعطاء أية تفاصيل أخرى .

ورام عمانوئيل ولد في الولايات المتحدة، لكنه يحمل أيضاً الجنسية «الإسرائيلية» وقد كان يخدم في الجيش «الإسرائيلي» إبان حرب الخليج الأولى (عام 1991).

ومعروف عن رام أن له صلات مع اللوبي الموالي لـ «إسرائيل» في الولايات المتحدة، وقد وصفته صحيفة «معاريف» «الإسرائيلية» بأنه «رجلنا في البيت الأبيض».

ومعروف أيضاً أن رام عمانوئيل قدم دعمه لأوباما خلال حملته الانتخابية عام 2008، وذلك في أعقاب الخطاب الذي ألقاه أوباما أمام اللوبي الصهيوني الرئيسي في أمريكا وهو لجنة الشؤون العامة الأمريكية - «الإسرائيلية»» (آيباك).

وفي الوقت الذي كان يتأكد فيه تعيين رام عمانوئيل في منصب كبير موظفي (رئيس ديوان) البيت الأبيض، نشرت تقارير في وسائل إعلام شرق أوسطية تحدثت عن صلات رام بالاستخبارات «الإسرائيلية».

غير أن طبيعة صلات رام عمانوئيل مع الجيش والاستخبارات «الإسرائيليين» ليست المسألة الرئيسية هنا. ذلك أن ما نتحدث عنه هو عملية واسعة من التنسيق وصنع القرارات على أساس ثنائي بين الحكومتين في مجالات السياسة الخارجية والاستخبارات والتخطيط العسكري.

وهي عملية جارية بشكل متواصل منذ أكثر من 50 سنة، وفي هذا الاطار، فإن «إسرائيل» وإن كانت تتمتع بدرجة معينة من الاستقلال الذاتي في صنع القرارات العسكرية والاستراتيجية فإنها لا تتصرف من طرف واحد، من دون الحصول على «الضوء الأخضر» من واشنطن واجتماعات رام عمانوئيل مع رئيس الوزراء نتنياهو والمسؤولين «الإسرائيليين» الآخرين هي جزء من هذه العملية المتواصلة.

استهداف إيران

كانت اجتماعات رام عمانوئيل مع المسؤولين «الإسرائيليين» متابعة روتينية لزيارتين قام بها إلى واشنطن كل من رئيس الوزرآء بنيامين نتنياهو في مارس/ آذار ووزير الدفاع (الحرب) إيهود باراك في إبريل/ نيسان.

وخلال مختلف هذه الاجتماعات الأمريكية - «الإسرائيلية» الثنائية في البيت الأبيض ووزير الخارجية والبنتاغون، كان رام عمانوئيل يلعب على الدوام دوراً رئيسياً.

واجتماع 27 إبريل/ نيسان بين وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس ونظيره «الإسرائيلي» بارك شمل مناقشة «مجموعة من المسائل الدفاعية المهمة» حسب بيان رسمي.

مؤتمر صحافي مشترك بين غيتس وباراك «يوم 27 إبريل/ نيسان»

وفي مؤتمر صحافي مشترك، قال الوزير غيتس : «كما أكد الرئيس أوباما، فإن التزام الولايات المتحدة بأمن «إسرائيل» لا يتزعزع، وعلاقتنا الدفاعية أقوى من أي وقت مضى، من أجل المنفعة المتبادلة لكلتا الدولتين والولايات المتحدة وحليفتنا «إسرائيل» تواجهان معاً العديد من التحديات الأمنية، من مكافحة الإرهاب وحتى مواجهة الخطر الذي يمثله برنامج إيران للأسلحة النووية».

وهذا يعني أن هذه المشاورات الثنائية كانت تتعلق بالاستعدادات العسكرية الجارية في ما يخص إيران. وفي الآونة الأخيرة، أعلنت الولايات المتحدة و«إسرائيل» ان خيار هجوم وقائي ضد إيران ليس مستبعداً.

والهجوم على اسطول الحرية قد يبدو مسألة منفصلة وغير مرتبطة بخطط الحرب الأمريكية - «الإسرائيلية». ولكن من منظور ««تل أبيب» وواشنطن، فإن هذا الهجوم هو جزء من أجندة عسكرية أوسع نطاقاً. لقد كان يقصد منه إيجاد ظروف تلائم مناخاً في المواجهة والتصعيد في مسرح الحرب الشرق اوسطي.

وفي مقال نشر في 4 يونيو/ حزيران 2010، لاحظ جان شاول، الباحث في مركز الأبحاث حول العولمة ان «جميع المؤشرات تدل على أن «إسرائيل» تصعد استفزازاتها من إيجاد سبب للحرب ضد «حماس» في غزة و«حزب الله» في لبنان. و«تل أبيب» تعتبر أن هناك عملاً لم ينجز في حربيها غير الحاسمتين، الأولى في لبنان عام 2006، والثانية في غزة خلال 2008 - 2009».

وفي أعقاب الهجوم «الإسرائيلي» غير المشروع (على الاسطول) في المياه الدولية، صرح نتنياهو بلهجة تشديد بالقول «ان «إسرائيل» ستواصل ممارسة حقها في الدفاع عن النفس. ونحن لن نسمح بإقامة ميناء إيراني في غزة».

وهذا يوحي بأن حصار غزة هو جزء من أجندة الحرب الوقائية الموجهة ضد إيران وسوريا ولبنان.

علاوة على ذلك، تزامن الهجوم على الاسطول مع مناورات حربية موجهة ضد إيران أجرتها «إسرائيل» وحلف الأطلسي.

مسألة مياه إقليمية وحقول غاز بحرية

إن الحصار «الإسرائيلي» على غزة هو جزء من مسألة أوسع نطاقاً، هي مسألة السيطرة على المياه الإقليمية لغزة، التي تحوي مكامن غاز طبيعي ذات شأن.

وما هو مطروح في الميزان، إنما هو مصادرة حقول الغاز الفلسطينية ووضع المناطق البحرية لغزة تحت السيادة «الإسرائيلية» بالأمر الواقع ومن طرف واحد. فإذا ما تم كسر الحصار، فإن سيطرة «إسرائيل» بالأمر الواقع على احتياطيات الغاز قبالة ساحل غزة ستتعرض لخطر.

يشار إلى أن مجموعة «بريتيش غاز» البريطانية (BG)، وشريكتها «شركة كونسوليدانر كونتراكتورز انترناشيونال» (CCC)، التي يوجد مقرها في أثينا وتملكها عائلتا صباغ وخوري اللبنانيتان، حصلتا على حقوق استغلال البترول والغاز بموجب اتفاق مدته 25 سنة وتم توقيعه مع السلطة الفلسطينية في نوفمبر/ تشرين الثاني 1999.

وحسب صحيفة «معاريف» «الإسرائيلية»، فإن حقوق استغلال حقل الغاز البحري تتوزع على التوالي بين مجموعة (BG 60%)، وشركة (CCC 30%)، وصندوق الاستثمار التابع للسلطة الفلسطينية (%10).

وحسب مجلة «ميدل إيست ايكونوميك دايجست»، فإن هذا الاتفاق يشمل تطوير حقل الغاز وبناء خط أنابيب لنقل الغاز.

والحقوق التي حصلت عليها مجموعة BG تغطي كامل المنطقة البحرية قبالة غزة، المجاورة لعدة منشآت غاز بحرية «إسرائيلية».

وتجدر الإشارة إلى أن %60 من احتياطيات الغاز على طول خط غزة - «إسرائيل» الساحلي تخص فلسطين.

وقدرت مجموعة BG احتياطيات الغاز الطبيعي بحدود 1،4 تريليون قدم مكعبة، وبقيمة حوالي 4 مليارات دولار. وهذه الأرقام نشرتها مجموعة BG، في حين أن حجم احتياطيات فلسطين من الغاز الطبيعي يمكن أن يكون أكبر من ذلك بكثير.

إن مسألة السيادة على حقول الغاز التابعة لغزة هي مسألة جوهرية. ومن وجهة نظر قانونية، فإن احتياطيات الغاز الطبيعي تخص فلسطين.

ولكن وفاة ياسر عرفات، وانتخاب حكومة «حماس»، وتدمير السلطة الفلسطينية، كل ذلك مكن «إسرائيل» من فرض سيطرة بالأمر الواقع على احتياطيات الغاز قبالة ساحل غزة.

وانتخاب آرييل شارون رئيساً للوزراء عام 2001 كان منعطفاً كبيراً، فقد رفعت قضية أمام المحكمة العليا «الإسرائيلية» من أجل نقض سيادة فلسطين على حقول الغاز البحرية. وأعلن شارون بصورة واضحة ان ««إسرائيل» لن تشتري أبداً غازاً طبيعياً من فلسطين»، ما يقصد به ضمنياً أن مكامن الغاز الطبيعي قبالة غزة تخص «إسرائيل».

والاحتلال العسكري لغزة يقصد منه نقل السيادة على حقول الغاز الطبيعي إلى «إسرائيل»، وهو ما سيكون انتهاكاً للقانون الدولي. و«إسرائيل» تسعى لإبطال العقد الموقع عام 1999 بين مجموعة BG والسلطة الفلسطينية عندما كان يترأسها ياسر عرفات.


titre documents joints

The Siege against Gaza: America’s Ongoing Support of Israeli Military and Intelligence Operations

21 تموز (يوليو) 2010
info document : HTML
72.4 كيلوبايت

By Prof. Michel Chossudovsky



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2180947

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع خبايا وأسرار   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2180947 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40