السبت 19 تموز (يوليو) 2014

غزة....اللهب المقدس

السبت 19 تموز (يوليو) 2014 par عبدالعالي رزاقي

ليس صدفة أن تقوم إسرائيل، كل سنتين، بالاعتداء على غزة وقتل نشطائها وتدمير بنيتها التحتية، وليس صدفة أن يغض الطرف ما يسمى بـ“العالم الحر” عن الجرائم الصهيونية ويبررها بـ“الدفاع عن النفس” بحجة أن “صواريخ” من صناعة محلية تنطلق من الأراضي الفلسطينية المحتلة باتجاه الكيان الصهيوني تهدد أمن المغتصب، وليس صدفة أن تعقد جامعة الدول العربية اجتماعا وزاريا بعد أن يتجاوز عدد القتلى والجرحى أكثر من 1700 فلسطيني، وليس صدفة أن تقوم الحكومة المصرية بوساطة لهدنة افتراضية عبر وسائل الاعلام يعلن خلالها عدم التزام حماس بها...فما قصة الاعتداءات المتكررة على غزة؟.

منع الوحدة وافتعال الارهاب؟

القراءة البسيطة للاعتداءات الاسرائيلية على غزة منذ سقوط “اسطورة الدولة التي لا تقهر” على أيدي مناضلي حزب الله عام 2006 وهي تحاول استرجاع ما فقدته من قوة عسكرية بالاعتداءات المتكررة على غزة انطلاقا من الإدعاء بأنها تعمل على تدمير“صواريخ المقاومة”، والحقيقة عكس ذلك فإسرائيل تمارس الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني حتى لا يستطيع هذا الشعب تحرير أرضه، وتدفع به نحو القنوط بتدميرها للبنية التحتية حتى ينشغل الفلسطينيون والعرب بإعادة إعمارغزة وليس تحرير فلسطين.

في البداية كانت إسرائيل تعمل بالتنسيق مع بعض الدول العربية على تكسير شوكة حماس لصالح “سلطة” محمد عباس حتى تتمكن من الحصول على المزيد من التنازلات وعندما لم يعد هناك ما يمكن التنازل عليه فها هي تواصل عملها حتى لا يتحد الفلسطينيون في “غزة ورام الله” لقيام الدولة الفلسطينية باعتبار أن المصالحة الفلسطينية خيار إستراتيجي للمقاومة وهي في الوقت نفسه مبرر جوهري لإسرائيل لضرب غزة التي أصبحت لهبا مقدسا للأمة العربية تستعيد به تضامنها مع فلسطين المحتلة.

كانت في إسرائيل في عهد مبارك تنفذ أجندة عربية بإضعاف حركة حماس لصالح محمود عباس لكنها خلال الثورة المصرية تراجع دورها وبدأ يدب في عروقها الخوف من مصر الجديدة إلا أن الانقلاب على الاختيار الشعبي وقيام دولة أمنية عسكرية لاستئصال كل ما هو إسلامي وفر الأجواء لإسرائيل للتحرك مرة أخرى لغزو غزة بهدف القضاء على آخر “فصائل المقاومة” في خطوة استباقية للوصول إلى حزب الله بعد أن صار آلة في يد النظام السوري الذي يصب يوميا “براميل النار” على شعبه.

فشل الانقلابيون في إقناع الأقطار العربية اعتبار “الاخوان المسلمين” تنظيما إرهابيا، لكن ما يحدث في ليبيا من محاولات للإطاحة بالبرلمان المنتخب جعل دول الجوار تعقد اجتماعا لمساعدة الليبيين على بناء دولتهم، ويبدو أن الانقلابيين في مصر يريدون أن يأخذوا القيادة السياسية للوطن العربي عبر “السكوت” عما يجري من إبادة في غزة ودعم سياسة الاستئصال.

من المفارقات العجيبة أن تترأس اللجنة السياسية حكومة مصر لإجراء مصالحة بين الفرقاء في ليبيا بالرغم من أنها ضد المصالحة في مصر، وكأن هذا الاجتماع يراد منه دعم التوجه “المعادي لصناديق الاقتراع” في ليبيا، والغريب أن الجزائر التي استطاعت أن تؤسس لميثاق “السلم والمصالحة” وتعيد الأمن في البلاد قبلت بـ“رئاسة اللجنة الأمنية” وكأن مهمتها الأساسية هي حفظ أمن الآخرين وليس القيام بوظيفتها كدولة محورية في المغرب العربي.

منذ الاعتداء على غزة وجميلة بوحيرد تقود حملة عربية من أجل رفع الحصار عنها، وها هي اليوم تخرج لتؤكد حضورها ويبقى التساؤل:لماذا لا تتحاور الرئاسة مع الشخصيات الوطنية أمثال بوحيرد ومن بقي من مجموعة الـ 22 والعقيد يوسف الخطيب وطالب الابراهيمي وحمروش وغيرهم، وتحاور نفسها عبر من تقلدوا مسؤوليات في أجهزتها؟.

تبقى جميلة بوحيرد التي أطلق اسمها على الكثير من المدارس كشهيدة بالرغم من نضالها المستمر رمزا لغزة وشاهدة على أن الثورة الجزائرية ما تزال اللهب المقدس الذي يضيء سماء غزة فهل تستطيع إسرائيل اطفاء هذا اللهب الذي حرر الجزائر بعد 132 سنة من الاستيطان؟ وهل يستطيع من شاركوا فرنسا احتفالاتها يوم 14 جويليه الماضي أن يمحوا جرائمها في الجزائر؟.

توازن الرعب؟

حين شنت إسرائيل هجوما على لبنان عام 2006 ادعت دول عربية أن مناوشات حزب الله هي السبب وتبين فيما بعد أن المقاومة اللبنانية استطاعت أن تفرض نظرية توازن الرعب على العدو فحطمت اسطورة الدبابات التي لا تقهر، وحين أعادت اسرائيل الكره على غزة عام 2008 أصبح الخوف في صفوف الملوك والرؤساء والزعماء العرب فلم يستطيعوا عقد قمة عربية حول غزة، لكن حين اندلع الربيع العربي وأرادت إسرائيل تجديد الغزو على غزة فوجئت بالرئيس المصري محمد مرسي يتحرك فتراجعت ولجأت الى توقيع هدنة.

واليوم هاهي تقرر الغزو مرة أخرى بعد الحصار الذي فرضته على غزة عبرإغلاق المعابر على الفلسطينيين والتنصل من اتفاقيات الهدنة، وتوقيف المفاوضات بحجة أنها ترفض أن تكون حماس في حكومة السلطة ألفلسطينية، وهاهي تعتقل النواب والأسرى المحررين وتخترق اتفاقية الأسرى لعام 2011.

البعض يبرر الغزو باختفاء ثلاثة إسرائيليين وقتلهم في ظروف غامضة وردة الفعل بحرق الشاب محمد أبو خضير حيا وعدم معاقبة من قاموا بالجريمة والبعض الآخر يزعم أن صواريخ المقاومة هي السبب والحقيقة أن الكيان الصهيوني ورث عن جنوب افريقيا الابارتهايد وعن النازية جرائمها وعن الفاشية جبروتها.

لا أحد منا ينتظر أن تتحرك الدول العربية لتوقيف العدوان الصهيوني على غزة، ولا أحد ينتظر من المجتمع الدولي أن يقف مع قضية فلسطين وهو ما يحدث الآن، فالمقاومة استطاعت أن تطور صواريخها من 3 كيلومترات إلى 80 كيلومترا مما يعني أنها قادرة على تهديد أمن المحتل وزرع الرعب بين جيوشه، ومجرد اختراع طائرة بدون طيار (أبابيل 1) واختراقها الأجواء الإسرائيلية هو دليل مادي على قدرة المقاومة في صناعة المعجزة، وعندما تخترق الاجهزة الالكترونية للعدو وتدخل عبر البث الفضائي في قنواته وهواتفه النقالة لتوجه رسالة إلى اليهود فهذا دليل آخر على قدرة الشباب على تحرير فلسطين.

إن توازن الرعب هو الذي دفع بأمريكا إلى تحريك النظام المصري للإعلان عن مبادرة هدنة جديدة ليضمن له شرعية الوساطة لكنه لم يبلغ حركة حماس مما وفر غطاء سياسيا لإسرائيل لمواصلة الابادة والتدمير بحجة أن الطرف الآخر رفض الهدنة فهل يريد السيسي مساعدة الكيان الصهيوني على الانفراد بمحمود عباس؟.

صحح أن غزة التي فوق الأرض تقاوم العدو بصدورها العارية ولكن غزة التي تحت الأرض لا تستطيع إلاّ أن تكون خنجرا في جسده فعل تستطيع الجيوش الاسرائيلية دخول غزة بدون دفع الثمن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2166090

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2166090 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010