السبت 26 تموز (يوليو) 2014

ميزان ردع

السبت 26 تموز (يوليو) 2014 par د. عصام نعمان

ثلاثة تطورات لافتة حدثت أخيراً .
أولها، صمودُ الفلسطينيين وتجاوزهم مجزرة الشجاعية المهولة، ولا سيما بعد نجاحهم المبين في أسر جندي “إسرائيلي” .
ثانيها، نجاح الفلسطينيين في نقل الحرب إلى عمق “إسرائيل” ما انعكس سلباً على اقتصادها، بدليل اضطرار شركات الطيران الأمريكية والأوروبية وغيرها إلى تعليق رحلاتها إلى “تل أبيب” .
ثالثها، مسارعة محمود عباس إلى العودة لرام الله لنصرة شعبه الثائر في الضفة الغربية والأراضي المحتلة العام ،1948 مؤكداً له أن “الهدف الرئيسي لهذا العدوان”الإسرائيلي“هو تدمير قضيتنا وإجهاض المصالحة” .
صمود أهل غزة اعجازي . لم ينجح في تصليب إرادة الغزاويين فحسب، بل أدى ايضاً إلى تحريك إخوتهم في الضفة والناصرة وحيفا كما في الشتات، الأمر الذي حقّق وحدة فلسطينية حقيقية .
عدد من أركان منظمة التحرير والسلطة ومساعدي الرئيس الفلسطيني أحسوا بقوة التغيير الذي أحدثته مقاومة غزة في المشاعر والمواقف والسلوكات، فبادر أبو مازن إلى الإعلان بصراحة أن جهوده تهدف إلى إعلان التهدئة “ومن ثم العمل على إنهاء الحصار وفتح المعابر ووقف أشكال العدوان جميعاً . .”، محملاً “إسرائيل” مسؤولية العدوان، بل يتهمها، بحق، بأن الغاية من وراء عدوانها “تدمير قضيتنا وإجهاض المصالحة” .
وهنا نسأل: متى تعلن السلطة الانضمام إلى معاهدة المحكمة الجنائية الدولية كي يتمكن الفلسطينيون من “ملاحقة كل مرتكبي الجرائم بحق شعبنا مهما طال الزمن”، كما تعهد هو شخصياً في خطابه؟
بات واضحاً الآن بعد مرور نحو عشرين يوماً على عدوان “إسرائيل” على غزة وصمود أهلها الصابرين، وفشل كل محاولات العدو اختراق خطوط المقاومة من شمالي القطاع إلى جنوبيه، أن حقيقة استراتيجية لافتة قد نشأت هي قيام ميزان ردعٍ بين الطرفين المتحاربين يحول دون نجاح أي منهما في تحقيق اختراق عسكري لمصلحته يمكّنه من ترجمته سياسياً إلى إنجازات . من هنا تستبين حاجة الفلسطينيين عموماً إلى تثوير إخوتهم في الضفة الغربية والأراضي المحتلة العام 1948 والشتات، وتفجير تعبئة شعبية عارمة، وإيجاد مناخ سياسي عاصف يرفض العودة إلى سياسة “إسرائيل” الداعية إلى وقف الحرب على أساس “تهدئة مقابل تهدئة”، والإصرار على فتح ملفات قضية فلسطين من أساسها وصولاً إلى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الآيلة إلى قيام دولة حرة مستقلة سيدة .
لمحمود عباس، رئيساً لمنظمة التحرير ورئيساً للسلطة الفلسطينية، دور كبير في تحقيق التعبئة الشعبية والسياسية اللازمة لنصرة قضية المقاومة في هذه الظروف العصيبة، بغية الضغط على “إسرائيل” ومن يقف وراءها لوقف عدوانها المتمادي على الفلسطينيين، شعباً وقضية، وإكراهها على الرضوخ لقرارات الشرعية الدولية، فهل يفعل؟
إن ظاهرة توازن الردع بين الفلسطينيين و“إسرائيل”، ونشوء مناخ شعبي فلسطيني وعربي ضاغط على “إسرائيل” وحلفائها قد لا يتكرران، فلا مناص، إذاً، من اغتنامهما والحرص على استخلاص أفضل النتائج السياسية منهما .
الأمة أعلى من السلطة، والمقاومة أفعل من السياسة، والسياسة بما هي إدارة مصالح الناس وشؤونهم أرقى من النوازع الشخصية والمصالح الضيقة والعصبيات المذهبية الفارغة .
هل يتغيّر العرب؟ هل يتفوق أصحاب القرار على أنفسهم؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 61 / 2177628

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عصام نعمان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

32 من الزوار الآن

2177628 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40