السبت 2 آب (أغسطس) 2014

دماءُ شهداء غزة ليست للبيع

السبت 2 آب (أغسطس) 2014 par حسين لقرع

مع الإعلان عن قرب بداية المفاوضات في القاهرة حول وقف دائم لإطلاق النار، تصاعد الحديث عن ضرورة نزع سلاح المقاومة وتدمير أنفاق غزة كشرطٍ صهيوني رئيس لوقف العدوان مقابل رفع الحصار، وحاولت الولايات المتحدة مجدداً إغراء المقاومة برصد 50 مليار دولار تقدّمها عدة دول لإعادة إعمار القطاع وتحقيق الازدهار لاقتصاده المنهار والرخاء لسكانه الذين أنهكتهم 8 سنوات كاملة من الحصار والتجويع الصهيوني ـ المصري المشتَرك.

إنه النفاقُ الدولي في أبشع صوره والانحياز السافر للجلاد على حساب الضحية؛ فعوض رفع الحصار دون قيد أو شرط لمخالفته لكل القوانين والأعراف الدولية، تساوم أمريكا وحلفاؤها العرب المقاومة َعلى سلاحها البسيط الذي أعدّته للدفاع عن غزة ضد النازية الصهيونية، في حين تقدّم الولايات المتحدة المزيد من الذخائر والأسلحة الفتّاكة لربيبها الصهيوني في عزّ الحرب ليفتك بالمزيد من الأطفال والنساء ويواصل ارتكاب المجازر في القطاع بكل راحة، وترصد لها مساعدة مالية قدرها 244 مليون دولار لتطوير قبّتها الحديدية.

هذا العالمُ لم يعد يتورّع عن التواطؤ السافر مع المجرم السفاح والاجتماع على المقاومة المستضعَفة والضغط عليها بكل صلف وجبروت لنزع سلاحها والاستسلام دون قيد أو شرط للجلاد الصهيوني ومن ثمّة تصفية القضية الفلسطينية، وتعميم ما يُسمى “السلام الاقتصادي” على سكان غزة بعد أن كانت مقتصرة على الضفة، يتخلون بموجبه عن المقاومة ويقبلون التعايش مع الاحتلال وسياسة الاستيطان والتهويد والاذلال، مقابل التكفل الدولي بأجور الموظفين والاحتياجات الضرورية للسكان.

ويذكّرنا هذا العرض الأمريكي الذي ستتكفل دولٌ عربية غنية بتمويل الجزء الأكبر منه بأمر من سيّدهم، بـ“مشروع قسنطينة” الذي قدّمه دوڤول في محاولة يائسة لإخماد الثورة الجزائرية، لكن المجاهدين رفضوا الإغراءات الاقتصادية الفرنسية بقوة برغم ميل الميزان العسكري لصالح جيش الاحتلال، وواصلوا الثورة إلى غاية تحقيق النصر بعد أن التفّ حولها الشعب.

واليوم يبدي سكانُ غزة بدورهم التفافاً منقطع النظير حول المقاومة، ويطالبونها بالثبات والصمود والاستمرار في مقارعة العدوّ، ويمكن معرفة ذلك من خلال الاستجوابات المباشِرة التي تجريها بعض الفضائيات مع النساء والمدنيين والجرحى داخل المستشفيات وحتى الأطفال، حيث يُعلِنون دعمهم المطلق للمقاومة ويطالبونها بمواصلة الحرب إلى غاية تحقيق أهدافها وفي مقدّمتها رفع الحصار الجائر، ولم نسمع أبداً أحداً يتذمّر منها ويحمّلها مسؤولية المجازر، بل أن فلسطينياً فقد أطفاله بدأ يصرخ “يا مقاومة اشتدّي” في حين قالت امرأة فقدت ابنها إنها ستُنجب غيره ليرفع لواء المقاومة عالياً...

إن شعباً يقابل المذابح الوحشية وتدمير بيوته على رأسه بصمود وثبات ويلتفّ حول مقاومته، لا يجوز خذلانُه، ولا المساومة بآلامه، ولا بيع دمائه الطاهرة بأموال الدنيا كلها وليس فقط بـ50 مليار دولار يقدّمها أعرابُ النذالة والتآمر والخنوع والمجتمعُ الدولي المنافق الذي يتابع أعمال الإبادة والجرائم الصهيونية ضد الإنسانية ببرودة دم كبيرة ثم يحمّل الضحية مسؤوليتها بكل وقاحة واستفزاز.

لا حديثَ عن سلاح المقاومة خلال المفاوضات، قالتها المقاومة ونرجو أن تثبت عليها، حينما تشتدّ عليها الضغوط الأمريكية والعربية خلال المفاوضات المنتظرة، إكراماً لهذا الشعب الذي احتضنها ولم يبخل عنها بدفع ثمن باهظ من دماء أبنائه لتحقيق الانتصار ورفع الحصار بأي ثمن ومهما كانت جسامة التضحيات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 66 / 2165612

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

2165612 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010