السبت 16 آب (أغسطس) 2014

محاكمة الاحتلال

السبت 16 آب (أغسطس) 2014 par يونس السيد

خلال الحرب العدوانية الصهيونية على قطاع غزة، كان قادة الاحتلال يستعدون لمواجهة إمكانية التحقيق في إخفاقات هذا العدوان داخلياً وخارجياً، وسوق هؤلاء القادة، عسكريين وسياسيين، جنوداً وضباطاً، إلى المحاكم الدولية، لإدراكهم أن جرائم الحرب التي ارتكبوها في غزة لن تمر من دون عقاب، فيما التردد والارتباك لا يزال سيد الموقف على الجانب الفلسطيني والعربي .
ليست المرة الأولى، التي ترتكب فيها “إسرائيل” جرائم حرب، فتاريخ هذا الكيان يقوم على سلسلة طويلة من الحروب والمجازر والمذابح والجرائم التي ارتكبت بحق الفلسطينيين والعرب، بدءاً من مجازر قبية ونحالين وكفرقاسم ودير ياسين والدوايمة . . مروراً بمدرسة بحر البقر في مصر، ثم مجزرة قانا في جنوب لبنان، وصولاً إلى حروب قطاع غزة الأخيرة في أعوام 2008 و2012 و،2014 ناهيك عن إعدام الأسرى العرب والفلسطينيين، والمجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية قبل عام ،1948 مع كل ما استخدمه هذا الكيان من قوة مفرطة وأسلحة محرمة دولياً . . لكنها المرة الأولى التي تتوافر فيها إمكانية حقيقية لجلب هذا الكيان، قادة وأفراداً، أمام المحاكمة على المستويين الداخلي والخارجي .
داخلياً، استبقت سلطات الكيان وقف إطلاق النار في غزة بالإعلان عن تشكيل لجان للتحقيق في إخفاقات العدوان الأخير، والفشل في إدارة المعركة وتحقيق الأهداف، بهدف محاسبة المسؤولين عن هذا الفشل وتلك الإخفاقات، ما يعني التحقيق مع المستوى السياسي وعلى رأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الحرب موشي يعلون، ورئيس الأركان بيني غاننتس وكبار الضباط على المستوى العسكري . وهذه أيضاً ليست المرة الأولى التي يتم فيها تشكيل لجان تحقيق داخلية، فبعد كل عدوان يشنه الاحتلال كان يتم تشكيل مثل هذه اللجان على غرار “لجنة فينوغراد” بعد عدوان يوليو/ تموز على لبنان عام ،2006 وقبلها مجزرة صبرا وشاتيلا عام ،1982 وقبلها حرب أكتوبر عام ،1973 وغيرها . والملاحظ أنه، في كل مرة، كانت رؤوس كبيرة تتدحرج، أمثال غولدا مائير عام ،1973 ومناحيم بيغن عام ،1982 وشمعون بيرس بعد “عناقيد الغضب” عام ،1996 وايهود أولمرت وتسيبي ليفني بعد عدواني 2008 و2012 على التوالي، فيما يرجح أن يواجه نتنياهو المصير نفسه .
أما خارجياً، فقد باتت الأرضية مهيأة لمثل هذه المحاكمة، في ظل التضامن الشعبي الدولي وليس الرسمي، مع القضية الفلسطينية، وبعد صدور قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مع بدايات العدوان الأخير على غزة، بتشكيل لجنة تحقيق في جرائم الحرب “الإسرائيلية” وليس لجنة تقصي حقائق على غرار “لجنة غولدستون” التي لم يخرج تقريرها إلى حيز التنفيذ بسبب الحماية الدولية للكيان .
اللافت أن الخشية “الإسرائيلية” من المثول أمام المحاكم الدولية، لا تقابلها جدية فلسطينية وعربية ناجمة عن حسابات المصالح مع الساحة الدولية وهيمنة الخلافات والمحاور الإقليمية . لكن، مع كل ذلك، لا يجب على السلطة الفلسطينية أن تتلكأ في الانضمام إلى الأسرة الدولية والتوقيع على معاهدة روما، تمهيداً لرفع شكوى أمام محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب “الإسرائيليين” الذين يجب ألا يفلتوا من العقاب هذه المرة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 40 / 2165405

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165405 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010