الخميس 21 آب (أغسطس) 2014

كلهم نتنياهو

الخميس 21 آب (أغسطس) 2014 par زهير ماجد

يحاول نتنياهو ألا يسقط، يفعل المستحيل كي تظل غطرسته قائمة كي لا ينكسر. هؤلاء المغرورون سرعان ما تتحطم أعصابهم فيسقطون صرعى الكآبة إذا ووجهوا بعناد ما. ظل الوفد الإسرائيلي في القاهرة على ذهابه ومجيئه دون زيادة أو نقصان في الأداء بعد توجيهات نتنياهو له القائلة بأن المهم أن لا تصلوا إلى أي اتفاق .. هو يريده انتصارا له، كل ما يهمه من أمره أن يقول للإسرائيليين انظروا ما فعلت مع الفلسطينيين، لم أمنحهم سوى الموت والدمار كي يتعلموا في المرات القادمة ألا يتجاوزوا حدودهم.
ولكن ليس نتنياهو لعنة بحد ذاته، كلهم “نتنياهويين” ولعنات مدججة بالحقد والبغضاء والتشوف .. كل إسرائيلي له ما عند نتنياهو من إحساس العظمة بأنه المختار والفلسطيني أقل منه بكثير .. هو السوبر، والفلسطيني مجرد حالم بواقع لن يصل إليه .. هو المتفوق والفلسطيني المتخلف، وما ينطبق على الفلسطيني ينطبق على العربي أيضا. بهذه العقلية جاء اليهود إلى فلسطين ليحصدوا على وجه السرعة بلدا بالاغتصاب، فكان القتل ديدنهم، ومثله علموا “داعش” الشيء بالشيء يذكر، علموها كيف ترسم خطواتها مع العرب، وبالإرهاب وحده ضمانة طريقها كما هم فعلوا .. ألم يلحق مناحيم بيجن إبان مجزرة دير ياسين بأحد الأطفال وهو شاهرا سكينه قائلا له أن لا تخف السكين حادة فلن تشعر بالذبح أبدا.
ستعود المفاوضات إلى القاهرة، وهي أصلا لم تنتهِ لأنها انتقلت ساخنة إلى غزة، وفي العاصمة المصرية ستمر أيام أخرى لها من شهوة الإسرائيلي ما سوف يستمر. فهو قاتل بسلاحه المنوع، وقاتل عندما يفاوض .. في الحالتين يريد قتل الفلسطيني، محوه تماما، وإلا فتقييده طويلا كي لا يتحرك، وكي لا يفكر، وكي لا يسعى إلى أمل ولو بعيدا.
مرّة حياة ابن غزة، لكنها تصويب لأول مرة نحو انتظام حياته على قاعدة الإحساس بإنسانيته وتحقيق مطالبه .. لا تراجع عن الغايات الكبرى. لا مجال للتسليم بمشيئة الإسرائيلي، لا يجب أن يربح بالسياسة ما خسره في الحرب ..
حتى ذلك الحين، سيظل السيف مسلطا فوق رقابه، وليظل شعبه يتحسس الخطر وليعش الخوف على مدار الساعة، ولتصبح حياته بلا أمل، بل أن يحمل جوار سفره الآخر ليطرد نفسه من بلاد غير مستقرة، لن يتوقف أصحابها الحقيقيون من الضرب على أبوابها بأنهم قادمون.
عداد الشهداء يزيد، لكن المآل في الحصول على المطالب يزيد أيضا .. لن يخسر الفلسطيني ما خسره، لكن وعود ربحه ستتحقق .. ففي القاهرة كباش من نوع جديد، يريده نتنياهو إنقاذا، فيما يريده الفلسطيني تحققا، جرعة حياة مختلفة، أنسنة، فإذا ما تمكن من الوصول إلى أهدافه، وهو واصل لا محالة لن يكون أمامه سوى العبور إلى الدنيا الجديدة.
صبر ساعة وعض على الجرح الراعف طالما أنها باتت صراع إرادات .. فلقد بات معلوما أن الجيش الإسرائيلي لن يقاتل ابن غزة، جربها في المرة السابقة فكانت العبرة استحالة صمود في المستنقع. فإذا ما عادت الحرب إلى أوارها، سيكون على الإسرائيلي ألف حساب وحساب طالما أن الغزاوي يمشي إلى حلم الشهادة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 39 / 2165490

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165490 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010