الأربعاء 27 آب (أغسطس) 2014

«إسرائيل» تخسر حروب الجو والبر والاستنزاف... وترفع الراية البيضاء

الأربعاء 27 آب (أغسطس) 2014

كتب محرر البناء السياسي:

سيخرج الكثيرون اليوم لمجادلة كلّ من يتحدث عن نصر فلسطين والفلسطينيين ومقاومتهم ليضع في وجههم حجم التضحيات، متجاهلاً أنّ فاتورة الدم الفلسطينية توضع في وجه الحكام العرب الذين شاركوا في مذبحة فلسطين، منذ اغتصاب ترابها وحقوقها وإنشاء الكيان العدواني على أرضها، وتسويق النظام العربي الرسمي لمقولة «العين التي لا تقاوم المخرز» وكلّ مقاومة مغامرة وكلّ مقاوم متهوّر، واليوم ترسم فلسطين نصرها رغماً عن أنوف كلّ هؤلاء، وكتاب صحفهم ومقدّمي البرامج والأخبار في قنواتهم الفضائية، حيث البذخ بالتقنيات ونوع الورق ودقة ونقاء الصورة وحبكة الإخراج، كما الكلام المنمّق والخبرة في النفاق، مجرّد مساحيق مفضوحة لا تخفي رائحة النفط ولا تحجب رائحة الخيانة.

فلسطين تنتصر، الحقيقة ينطقها العدو ولو تلعثمت بها ألسنة العرب، خرجت «إسرائيل» مكسورة الرمح، فاز رهان أميركا اللاتينية التي أغلقت السفارات وخاب فأل الحكومات التي لا يزال العلم «الإسرائيلي» يرفرف في سمائها، ومنها عواصم دول تدعي الودّ للمقاومة من أنقرة إلى الدوحة وما حولهما وما بينهما، لتبقى غصّة معبر رفح عالقة في الحلق، تنتظر شهامة فرسان يُفترض أنّ النصر سيحرّك فيهم بعضاً من شهامة جمال عبدالناصر، الذي يتزيّنون بصوره وكلماته.

فلسطين تنتصر، ولم تبع نصرها لأحد هذه المرة، ولم ينجح أحد بجعله سلعاً للمتاجرة أو للتأجير، من كلّ الذين فشلوا في حجز مقاعدهم على خريطة المنطقة من بوابة التآمر على سورية، وانتصر مع فلسطين خيار المقاومة الذي لم تضع عنه البوصلة، على رغم كلّ مرارة ما ورثه حلف المقاومة من أزمات ونتائج الحرب على سورية.

فلسطين تتنصر وفضيحة الربيع العربي الأسود تظهر مجلجلة، فلا واحدة من دوله التي تربطها علاقة العقيدة والتنظيم بحركة حماس الأوسع انتشاراً والأشدّ حضوراً في الحرب في غزة، تصرّفت بالموقف والموقع بما يوحي أنّ ثمة ما هو أفضل مما كان قبل هذا الربيع.

فلسطين تنتصر لأنها تجرّأت على تخطي نصرها الأول بعد إعلان المبادرة المصرية، ورفض الاكتفاء بمجرّد وقف النار وإصرارها على النصر الثاني، وهو نصر أصعب وأعقد ويستدعي فائض قوة وفائض قدرة لم يكن هناك ما يؤكد دقة حسابات وجوده.

فك الحصار يعني هزيمة «إسرائيلية» مركبة، وأداته العسكرية كانت بعد حرب الصواريخ التي أثبتت المدى والكثافة وأنهت أسطورة القبة الحديدية، وبعد إنهاء آلات الهجوم البري بحرب الأنفاق والمفاجآت الهجومية التي أخرجت لواء جولاني من الحرب في الأيام الأولى، حرب مزدوجة عنوانها استدراج «إسرائيل» لحرب استنزاف معادلتها زمن التحمّل لنزيف الدماء أمام شراسة آلة القتل «الإسرائيلية»، من جهة، وتهجير مستوطنات جوار غزة بقوة النار المتواصلة والواسعة الانتشار، من جهة أخرى، ودار الزمن وحاولت «إسرائيل» مجاراة المقاومة في لعبة الصمود وفشلت فشلاً ذريعاً على رغم فوارق الأثمان على الضفتين.

بات واضحاً أنّ قيادة المقاومة التي تولّت إدارة الحرب وإدارة التفاوض منذ فشل التهدئة ما قبل الأخيرة، قد حسبتها جيداً، شعبها ضاق ذرعاً بالحصار، ومستعدّ لدفع فاتورة الدم اللازمة لبلوغ النصر، والمقاومون مستعدّون لكلّ الاحتمالات بمخزون صاروخي يكفي لستة شهور من الحرب، وتصنيع لم يتوقف للضروري منها، حتى هجر المستوطنون مستوطنات جوار غزة من سديروت إلى عسقلان.

تولّدت قوة الضغط الداخلية بالمستوطنين الخمسين ألفاً المهجّرين، على القيادة «الإسرائيلية»، ووسّعت الشقاق بين أركانها، بينما زادت صلابة المليون مهجر فلسطيني وعائلات الألفي شهيد والعشرة آلاف جريح من عزيمة المفاوض الفلسطيني، وعززت من أسباب الوحدة الفلسطينية.

مكابرة «إسرائيل» على تحمّل حرب الاستنزاف، لم تنجح بنقلها إلى مستوى التجرّؤ على خوض حرب برية، بقيت تهدّد بها وهي تعلم أنّ نخبة النخبة فيها قد صارت خارج الحرب.

قال وزير الحرب «الإسرائيلي» موشي يعالون أول من أمس، لم يعد لدينا أمل بسحب الصواريخ ولا تدمير الأنفاق، وصار سقف مطلبنا وقف النار.

ها هو وقف النار والمقاومة تحمي سلاحها، والسلاح يحمي التراب والحقوق، وبالسلاح تدرس المقاومة تشغيل المطار والمرفأ خارج المفاوضات كحقوق لا تحتاج إذناً من أحد.

مع نصر فلسطين يتغيّر المشهد العربي من جديد، ومع نصر فلسطين لبنان شريك النصر بمقاومته، التي لم تكن بعيدة عن تحقيق النصر وتوفير شروطه، مستعدّ بهذه المقاومة دائماً لحرب وفر لها شروط النصر، ومستنفر على جبهات قتال أخرى وعينه على فلسطين.

حروب «إسرائيل» بالوكالة، كانت لاستنزاف المقاومة وحرف بوصلتها، لكن شيئاً لم يتغيّر، والمقاومة تخوض حروبها دفعة واحدة، وتبقى فلسطين البوصلة، ولبنان الذي تلقى فرحة النصر بمقاوميه وشعبه، تلقت أجهزته الأمنية المزيد من التحذيرات عن محاولات للحروب الرديفة لاستنزاف ساحته الداخلية وإرباك مقاومته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2176497

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2176497 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40