الجمعة 29 آب (أغسطس) 2014

متى تكرر إسرائيل حربها على غزة ؟

الجمعة 29 آب (أغسطس) 2014 par طلعت رميح

تولد الحرب الجديدة من رحم الحرب المنتهية، طالما لم يخضع أحد الطرفين إرادة الطرف الآخر، وحين تظل القضية التي تسببت في الحرب.. دون حل. والحروب السابقة على غزة سببها وجوهرها وجود الاحتلال وطالما بقى، فالحرب تظل قائمة. فالقضية الأصل التي تسببت في اندلاع 7 حروب كبيرة على مدار القرن وكانت جولة العدوان الصهيوني على غزة إحدى أو آخر محطاتها، هي قضية احتلال فلسطين.
الحرب ستجري طالما ظلت فلسطين محتلة، ولا شك أن المقاومة تعلم ذلك، وأنها ستبدأ الاستعداد للحرب القادمة من لحظة وقف إطلاق النار، وقد كان خطاب المقاومة في احتفالات النصر واضحا إذ قال الجميع إن نصر غزة يفتح الطريق لتحرير القدس.
الحرب قادمة لا شك في ذلك، وإن كان هناك ما يمنع أو يؤخر الحرب القادمة، فهو ذات السبب الذي يدفع القيادة الصهيونية بمحاولة التعجيل بها، وتلك مفارقة جديدة أدخلها نصر غزة على توازنات قرار الحرب.
كان أهم ما جرى في الحرب والعدوان الأخير على غزة، أن الكيان الصهيوني قد تلقى ضربة قاسية لم يكن يتوقعها وهو ما سيجعله يفكر كثيرا قبل الولوج إلى حرب قادمة، غير أن هذا النصر الكبير والمهم لغزة، قد فتح طريقا استراتيجيا واسعا لتفكيك الكيان الصهيوني وليس فقط لتغيير التوازنات، وهو ما سيجعل القيادة الصهيونية في وضع الاستعجال لخوض حرب جديدة!
انتصار غزة وضع إسرائيل أمام قرار صعب للغاية، فإن صمتت مدافعها وطائراتها ولم تشرع في عدوان جديد على غزة بعد وقت قصير، فهي تخشى أن تستثمر المقاومة الوقت في تطوير قدراتها بمعدلات أعلى من تلك التي حققت بها هذا النصر، وعندها تصبح الحرب القادمة مغامرة خطرة على الكيان ووجوده، خاصة في ظل الهجوم السياسي الفلسطيني المتوقع بعد اتفاق وقف النار، إذ واحدة من أخطر نتائج الحرب أنها أعطت عوامل قوة حقيقية للمفاوض الفلسطيني وأضعفت الخط المساوم على الحقوق.
لكن إسرائيل تدرك في ذات الوقت، أن دخولها الحرب قريبا يعني تلقيها هزيمة جديدة،تكون نتيجتها اخطر من الأولى،فهى حرب مرشحه لاحداث حالة اضطراب حقيقي في داخلها وبتعجيل تغيير كل المعادلات والمفاهيم التي قامت عليها وبررت إمكانات استمرار وجودها أمام مواطنيها. وهي تدرك أنها ستخسر علاقاتها الدولية على نحو خطير وستضع من تحالف معها من العرب المتصهينين في مأزق، قد يؤدي لتغييرات لا تحتملها إسرائيل استراتيجيا، فضلا عن أن مثل تلك الحرب القريبة ستفتح الطريق واسعا لحرب عميقة في الضفة –التي تعلمت درس غزة-وربما تذهب الأمور أبعد إلى أوساط عرب 48، إذ واحدة من ملامح الحرب على غزة، أن خاضها الشعب الفلسطيني موحدا مجتمعيا وعلى صعيد قواه السياسية والمقاومة.
القيادة الصهيونية القادمة ما بعد نتنياهو –الذي انتهت حياته السياسية -ستكون في وضع المأزق لا الأزمة.الحرب الصهيونية الأخيرة على غزة، قد وضعت إسرائيل في وضع الخطر الشديد، ويمكن القول بأنها جاءت تعبيرا عن انقلاب منحنى القوة. فهي دولة قام وجودها على هزيمة الآخر، ويحتشد مواطنوها حول القيادة والجيش باعتبارهم منتصرين – إذ لا مكان لاحتمالات الهزيمة فهي دولة إن هزمت ماتت –وجيشها طالما تباهى بأنه أمن الجبهة الداخلية حتى كان المواطنون يتنزهون على البحر فيما العمليات تجري على أرض الخصوم، وهي دولة طالما تفاخرت بأنها صاحبة العقل الأرقى في التخطيط والإعداد للحرب وخوضها، وكل ذلك قد وجهت له ضربة قاسية على يد المقاومة الفلسطينية في غزة. والأخطر أن الإسرائيليين لن يجمعوا على قرار الحرب الجديدة، كما كان الحال من قبل، فمواطنو محيط غلاف غزة سيفضلون مغادرة إسرائيل لا النزوح مجددا في داخل إسرائيل، وهم لم يعودوا على ذات الثقة في إمكانية النصر. ومواطنو إسرائيل في كل من الوسط وعلى شريط المتوسط يدركون أن الحرب القادمة سيكون وضعهم مثل وضع سكان المستوطنات في غلاف غزة بحكم تطور صواريخ المقاومة.
قرار الحرب لن يكون سهلا كما كان. ولا شك أن المقاومة ستواصل استعدادها، تراقب وتحلل وتضع خططا جديدة للمواجهة الجديدة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165332

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165332 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010