الاثنين 26 تموز (يوليو) 2010

لا «تشرّعوا» المفاوضات العبثية

افتتاحية صحيفة «الخليج» الاماراتية
الاثنين 26 تموز (يوليو) 2010

سيبدو المشهد العربي الرسمي كوميدياً بامتياز، في سبتمبر/ أيلول المقبل، إذا ما قرر النظام العربي «شرعنة» المفاوضات المباشرة العقيمة، بعد كل ما نتج عن هذه المفاوضات من مثالب ومظالم، وانتهاك للحقوق المشروعة غير القابلة للتصرف، وإسقاط غير مباشر لكل القرارات الدولية ذات الصلة.

إن العودة إلى المفاوضات المباشرة بين سجين لا يملك شروى نقير وسجان عنصري إحلالي فاشي، يدوس حتى على حلفائه بكل صلافة وازدراء، ولا يبالي بالقانون الدولي الإنساني، هي لعبة تثير الغثيان، وتبيع الوهم من خلال جرعات تخدير متعاقبة ومتصاعدة، ويكسب المحتل خلالها المزيد من الوقت للاستيطان وقضم الأرض وتهويد المدن وسرقة الثروات والموارد في فلسطين وخارجها .

أكثر من ذلك، إنها لعب بالنار، وعبث في رمادها، لن يتوقف انتشاره عند حد، وبخاصة أنه يأتي في ظل مناخ إقليمي متوتر، تسعى «إسرائيل» فيه إلى شن حروب جديدة في اتجاهات عدة، بعدما انتهت لعبة العلاقات العامة الأمريكية، لعبة لا يعنيها في نهاية المطاف سوى معركة الانتخابات الداخلية، التي لا تتوقف عن الدوران والنشوب في كل عامين، ومدى الحياة.

ليس من المنطقي أن يواصل النظام العربي الرسمي، هذا التفكير المزمن بالهروب إلى الأمام، بدلاً من اتخاذ موقف مسؤول، يساعد الفلسطيني على تقوية مناعاته وحفز ممكناته، ويبطل ضغوطاً دولية سجينة للقبضة الصهيونية، ويعلن العصيان على قانون الغاب الجديد.

فشل تسوية «أوسلو» صار ساطعاً، بعدما وصلت مساحات الاستيطان «الإسرائيلي» إلى أكثر من 42% من مساحة الضفة الغربية «من دون القدس المحتلة». ويعيش فيها نحو نصف مليون مستوطن.

إن ما نخشاه، هذه المرة، أن تكون الوظيفة الأساسية للمفاوضات المباشرة، لا علاقة لها بإنهاء الاحتلال، وإنما بـ «أجندات» أخرى متعددة، في منطقة تغلي بالمفاجآت، حيث لا انضباط ولا رادع.

ولا سبيل لإقناع النفس بأنه في ظل المفاوضات القادمة، لن يتواصل هدم البيوت، ولن يتوسع الاستيطان، ولن يتحول محيط الحرم القدسي إلى «حدائق توراتية»، ولن تسقط كل القرارات الدولية المتعلقة بإزالة الاحتلال ورد حقوق الفلسطينيين.

وقد تستشيط «الجامعة العربية» غضباً، وتهدد بالشكوى إلى مجلس الأمن، وقد تطلب ضمانات مكتوبة، لا تساوي الحبر المكتوبة بها.

هل فقد النظام العربي الرسمي، بما فيه الفلسطيني الحائر في رام الله وغزة، القدرة على تخيل خطة بديلة فعالة، أبعد من مجرد إعلان نوايا في مبادرة سلام عربية ظلت من يومها على الرف.

المفاوضات ملهاة أكثر من كونها عقيمة، فلا «تشرعوا» استمرار هذا العبث المسدود الأفق، وإلا تحملتم وزر تسليم كل شيء للوحش الصهيوني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2181737

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2181737 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40