الأربعاء 28 تموز (يوليو) 2010

فلسطين، في قبضة الحركة الصهيونية

الأربعاء 28 تموز (يوليو) 2010 par الياس سحاب

ليس ضرورياً أن يكون الانسان العربي من المتشائمين، حتى يصاب بأشد ألوان الانقباض والمرارة، وهو يتأمل في هذه الايام أحوال القضية الفلسطينية، سواء نظر اليها من زاوية تجليها على ارض فلسطين نفسها، او من زاوية تجليها على ارض محيطها العربي، في الجوار المحيط بها اولاً، ثم في بقية أرجاء الارض العربية.

فاذا نظرنا اولاً الى ارض فلسطين نفسها، فسنجد انها، ومنذ مدة غير قصيرة، أصبحت خاضعة بكاملها، من البحر الى النهر، لقبضة الكيان الصهيوني، ارضاً وشعباً، فيما عدا فئات شعب فلسطين الهائمة على وجهها في الشتات العربي او الدولي.

ان احدث قطعة ارض فلسطينية سقطت بالكامل في قبضة الكيان الصهيوني، قد مضى على سقوطها ثلاثة وأربعون عاماً، ودخل السقوط الآن في عامه الرابع والأربعين.

ومع ان بعضنا ما زال يخفف عن نفسه بتوزيع ارض فلسطين المحتلة قانونياً، بين اراض احتلت عام 1948، وأخرى احتلت عام 1967، فإن نظرة موضوعية الى الوضع الفعلي لكامل ارض فلسطين، وتفحصاً موضوعياً دقيقاً لمصادر اليد العليا التي تسيطر فعلياً، على كامل ارجاء فلسطين، مهما كان وضعها القانوني، وتاريخ احتلالها، سترينا ان هذه اليد العليا هي في نهاية المطاف قبضة الكيان الصهيوني.

حتى قطاع غزة، المفترض ان الاحتلال «الاسرائيلي» قد انسحب منه، ما زال ساقطاً كلياً في القبضة الصهيونية، بأرضه وبحره وسمائه. ومن ما زال متشككاً في هذه الحقيقة المفجعة، ما عليه سوى التأمل بدقة وهدوء في وضع المرفأ والمطار وفي الطريقة التي يمارس بها سكان قطاع غزة حياتهم اليومية في ظل الحصار «الاسرائيلي» المضروب منذ ما يتجاوز السنوات الاربع.

اما الضفة الغربية، فإن من باب المكابرة والمغالطة وإيهام النفس، تصديق تسمية السلطة الفلسطينية على اراضي الضفة الغربية، من رام الله غرباً، حتى الاغوار شرقاً. ومن يكابر في هذه الحقيقة عليه ان يتذكر مصدر السلطة الحقيقية التي تصدر عنها بطاقات التنقل في ارجاء الضفة الغربية، ابتداء من جسر الملك حسين (اللنبي سابقاً)، حتى تلك التي يحملها اعضاء السلطة الفلسطينية نفسها، مهما كان لقبهم رفيعاً. كما عليه ان يتذكر من هي السلطة المسيطرة على كل الموارد الطبيعية في جميع اراضي الضفة الغربية.

هذا عن احوال ارض فلسطين، بكامل ترابها، اما عن الشعب الذي ما زال متشبثاً بتلك الارض حتى الآن، فقسم منه من حملة الجنسية «الإسرائيلية»، اي انه يخضع تماماً لسلطات الكيان الصهيوني. (راجع مأساة النائب العربي السابق عزمي بشارة، ومأساة النائبة الحالية حنين الزعبي، والشيخ رائد صلاح رغم كل صلابة المقاومة لدى المذكورين الثلاثة).

وأما القسم الآخر من شعب فلسطين الموزع بين قطاع غزة، والضفة الغربية، فأحواله المعيشية اليومية، والطويلة المدى، خاضعة للسلطة الصهيونية نفسها، التي تخضع لها اراضي قطاع غزة والضفة الغربية.

وحتى حرية التنفس المتروكة لعرب فلسطين في قبضة الكيان الصهيوني، آخذة في الضمور يوماً بعد يوم. فها هي القوانين «الإسرائيلية» الجديدة تمنع لم شمل آلاف العائلات الفلسطينية الموزعة بين اراضي 48 وأراضي 67، اذا كان احد الزوجين من هنا والآخر من هناك.

اي انه ليس للعربي الفلسطيني الذي آثر رغم كل المصاعب والاغراءات التمسك بأرض وطنه، ليس لهذا العربي، او لم يعد له، حرية اختيار الموقع من ارض فلسطين الذي يريد العيش فيه.

حتى الأماكن المقدسة، الكلمة العليا فيها ليست للسلطات الدينية الاسلامية او المسيحية، بل لسلطة الكيان الصهيوني.

غير ان كل هذه التفاصيل ليست هي الأسوأ، لكن الأسوأ اطلاقاً هو الموقع السياسي الذي يقبع فيه العرب والفلسطينيون حالياً، حيث تخلّوا معاً عن اي ارادة سياسية حرة، عربية كانت ام فلسطينية، وأخذوا يدمنون انتظار الحل الذي تجود به، اما سلطات الاحتلال «الاسرائيلي» نفسها، او يتدخل فيه الحليف الاستراتيجي لهذا الاحتلال.

تريدون مشهداً يختصر كل هذه الفاجعة السياسية والإنسانية، انظروا الى الأوضاع الحالية لمدينة القدس، بقسمها العربي، وللأماكن المقدسة فيها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2178283

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178283 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40