الأحد 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

لولا”حزب الله” لتواجَدَ داعش في لبنان

الأحد 19 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par د. فايز رشيد

في زيارتي الأخيرة وزوجتي إلى لبنان إبّان إجازة العيد وقد استمرت عشرة أيام، راقبت خلالها الوضع اللبناني الداخلي عن قرب من خلال أجهزة الإعلام المختلفة، هالني حالة تعمق الانقسام المذهبي – الطائفي مقارنة مع زيارات أخرى سابقة، وحالة “اللاثقة” الشعبية في سلامة الوضع اللبناني عموماً على المستويين الداخلي والخارجي. إضافة إلى حالة تحولت وتتحول في كل يوم إلى”هاجس” متزايد من احتمال انفجار الوضع الداخلي في حرب طاحنة, لا تقاس معاناة الشعب منها أثناء الحرب الأهلية منذ عام 1975-1990, مع احتمالات المعاناة الجديدة!.الأبرز ما شعرته من حملة ظالمة يتعرض لها “حزب الله” من أطراف عديدة على الساحة اللبنانية: قوى كثيرة إضافة إلى أناس عديدين: يطالبون بانسحاب الحزب من سوريا، فوفقاً لوجهات نظرهم: فإن تدخل الحزب في سوريا هو سبب انفتاح شهية داعش للتواجَد في لبنان؟! الغريب وفق المنطق اللبناني السائد: أن لا أحد يتحدث عن الأخطار الإسرائيلية؟!.
مع تجاوز درجة المغالاة التي يتحدث بها كثيرون من السياسيين, وأناس عديدون من اللبنانيين عن الوضع الداخلي، يمكن القول إن ضوابط كثيرة تمنع انفجار الوضع وصولاً إلى الحرب الأهلية, ويتمثل أبرزها في العقلانية الشديدة لحزب الله، الذي أكدّ في مرات عديدة من خلال خطابات أمينه العام وعديدين من قياداته، بأن الحزب لن ينزلق إلى الحرب الداخلية … هذا رغم استفزازات كثيرة يتعرض لها الحزب في مواقع عديدة من مناطق لبنان، وكأني ألمس المحاولات المستميتة لجرّه إلى حرب لا يريدها! لقد أعلن الحزب مراراً: أن أسلحته لن يجري استعمالها داخلياً، وإنما هي موجودة لمواجهة الخطر الإسرائيلي. ثاني الضوابط أن كافة قوى 14 مارس(آذار) تدرك تماماً: أن الحزب بعداده وعدته, قادر على حسم الأمور لصالحه في أيام قليلة، وهذا ما يردع قوى كثيرة من تفجير الأوضاع والوصول إلى”مرحلة اللاعودة” في التعايش.العامل الثالث: أن الحرب الأهلية اللبنانية السابقة, وإضافة إلى المعاناة الشديدة للبنانيين جرّاءها وخروج كافة القوى منها خاسرة , تماما مثلما خسر لبنان, تجبر كافة القوى مئات المرات قبل التفكير بمحاولة إشعال أوارها.الضابط الرابع: أنه لا مجال (نظراً لخصوصيات الوضع الداخلي اللبناني) ومن أجل تحقيق السِلْم الأهلي للجميع، سوى التعايش على صيغة متفق عليها من كافة القوى والأطراف، وهذا ما حصل في”مؤتمر الطائف”بعد إنهاء الحرب الأهلية السابقة،إذ عادت كافة القوى إلى صيغة التعايش السابقة … بعدها بدأ لبنان في استرداد عافيته.
فيما يتعلق”بداعش” فإن له أحلاما “في دولة خلافته الواسعة” التي تمتد إلى العديد من الدول العربية من ضمنها لبنان! هذا ما لا نتجناه على داعش الذي نشر علناً مرّات عديدة خريطة “لدولته”-لإمارته الإسلامية – لدولة خلافته, أي أن داعش باختصار ليس بحاجة إلى مبررات للسيطرة على الحدود الشرقية والشمالية للبنان. من جانب ثان: معركة عرسال كانت بمثابة “البروفة” لاختبار الوضع اللبناني, باعتبار عرسال نقطة انطلاق للبقاع اللبناني. داعش يؤكد مطامحه في السيطرة على شمال لبنان، وتهيئة الأوضاع للوصول إلى ميناء بحري له. أيضاً فإن الخلايا الداعشية النائمة في لبنان, وبخاصة في الشمال, تجاهر علناً بتأييدها لداعش وانتمائها إلى تنظيمه. لا نقول ذلك تجاوزاً وإنما اعتماداً على أحداث حقيقة: الداعية اللبناني عمر بكري فستق وفي اعترافاته أمام القضاء اللبناني قال: “إننا نعبىء الشباب ضد الدولة ومؤسسة الجيش. إننا نقيم معسكرات تدريب في الشمال. إننا نسعى إلى إنشاء إمارة إسلامية يرفرف علمها فوق القصر الجمهوري”.أيضاً: فإن أجهزة الأمن اللبنانية خلال معركة عرسال رصدت : اتصالات هاتفية بين عرسال وداعش, ومناطق لبنانية عديدة، وهو ما يؤكد وجود خلايا داعشية نائمة تشكل حاضنة لداعش.هذا يلقي الضوء على مخطط داعش في لبنان.
على صعيد آخر: فإن خيارات السلطة اللبنانية في مواجهة داعش محدودة, بحكم الضعف الذي يشكو منه الجيش اللبناني عدداً وعدة، الأمر الذي يحد من إمكانياته … والغريب أن قوى لبنانية عديدة رفضت عرضاً إيرانياً بتسليح الجيش اللبناني! كما أن إمكانية الاستناد بما سمي”بالتحالف الدولي” لا يلقى اهتماماً شعبياً وإجماعا عليه. أيضاً يسعى داعش لأن يكون لبنان مصدراً رئيسياً لإمداد معركته في كل من سوريا والعراق. لكل هذه الأسباب, تحرك حزب الله لمواجهة داعش في معركة عرسال, ولولا جهود حزب الله لسقطت البلدة في الأيدي الداعشية ولحاول داعش مد نفوذه إلى الشمال اللبناني.
يبقى القول: إن تدخل حزب الله إلى جانب حليفته سوريا, مشروع تماماً, فلولا وجود نظام الممانعة في سوريا, لانقطعت امدادات حزب الله من الصواريخ الإيرانية التي تردع الكيان الصهيوني عن اقتراف عدوانٍ جديد على لبنان, على شاكلة عدوان عام 2006، وقد هدد سماحة السيد حسن نصر الله أنه: وفي حالة اندلاع عدوان إسرائيلي جديد على لبنان, فسيسيطر مقاتلوالحزب على الجليل. أما آن للضمائر أن تصحو لدى العديد من القوى اللبنانية؟ التي لسان حالها يطالب باحتلال لبنان من قبل داعش لمواجهة”خطر”حزب الله على لبنان؟؟؟ أي منطق غرائبي عجيب هذا؟!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165859

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165859 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010