الاثنين 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

ثمنُ‮ ‬غياب الرئيس

الاثنين 20 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par حسين لقرع

تعيش البلاد منذ أيام وضعاً‮ ‬خطيراً‮ ‬أقلق كل الجزائريين وجعلهم‮ ‬يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً‮ ‬من الانزلاق نحو الفتن والفوضى‮..‬

في‮ ‬غرداية،‮ ‬تجدّدت أعمال العنف بعد أسابيع قليلة من‮ “‬الهدنة‮”‬،‮ ‬وعادت الأمور إلى المربع الأول،‮ ‬وعرفت المشادّة هذه المرة استعمال الأسلحة النارية بشكل لم‮ ‬يسبق له مثيل،‮ ‬وقُتل أحدُ‮ ‬الشبان بطلق ناري،‮ ‬وأصبح الجرحى‮ ‬يسقطون بالعشرات،‮ ‬وهو مؤشر خطير لمدى التدهور الذي‮ ‬بلغته المنطقة‮.‬

وفي‮ ‬نفس الولاية خرج مئاتٌ‮ ‬من رجال الشرطة في‮ ‬مظاهرة‮ ‬غير مسبوقة احتجاجاً‮ ‬على أوضاعهم المهنية والاجتماعية،‮ ‬وفي‮ ‬اليوم الموالي‮ ‬توسّعت رقعة مظاهرات الشرطة لتشمل العاصمة ومدناً‮ ‬أخرى‮...‬

وبقدر ما أذهلت المظاهرات ملايين المواطنين الذين استغربوا كيف تنتقل عدوى الاحتجاجات إلى سلك الشرطة النظامي،‮ ‬فقد بعثت الخوف في‮ ‬نفوسهم أيضاً؛ فحينما‮ ‬يقوم رجال الشرطة بمظاهرات فهذا‮ ‬يعني‮ ‬أن الأوضاع على‮ ‬غير ما‮ ‬يُرام،‮ ‬فهل كان أكثر الجزائريين تشاؤماً‮ ‬يعتقد أن الشرطة،‮ ‬التي‮ ‬عادة ما تُكلّف بقمع المظاهرات‮ “‬المحظورة‮” ‬في‮ ‬العاصمة بقرار سياسي‮ ‬تعسّفي،‮ ‬سيفيض بها الكيل وتتحدّى هذا الحظر وتخرج للتظاهر في‮ ‬العاصمة بنفسها؟

وفي‮ ‬الوقت نفسه،‮ ‬تتفاقم الاحتجاجاتُ‮ ‬الشعبية ومسلسل‮ ‬غلق الطرقات بمختلف أنحاء الوطن،‮ ‬كما تهدّد بعضُ‮ ‬نقابات التربية بالعودة إلى الإضرابات،‮ ‬وتكثر الاحتجاجات لدى مختلف الفئات المهنية للمطالبة بتحسين أوضاعها الاجتماعية والمهنية،‮ ‬في‮ ‬حين تستمرّ‮ ‬أسعار النفط في‮ ‬سقوطها الحرّ‮ ‬بشكل‮ ‬ينذر بدخول البلد في‮ ‬أزمة اقتصادية ومالية جديدة قد تكون أخطر من أزمة‮ ‬1986‮ ‬التي‮ ‬كان من نتائجها الوخيمة وقوع أحداث‮ ‬8‮ ‬أكتوبر‮ ‬1988‮. ‬

المشكلة أن كل هذا‮ ‬يحدث في‮ ‬ظل تواصل‮ ‬غياب الرئيس بوتفليقة بسبب المرض الذي‮ ‬أقعده عن المتابعة الحثيثة اليومية لمختلف شؤون البلد كما كان الأمر في‮ ‬سنوات الصحة والعافية‮.. ‬الرئيس مريضٌ‮ ‬اليوم ومُقعَد ولا‮ ‬يستطيع النزول إلى‮ ‬غرداية والاجتماع بعقلائها وأعيانها أو إلقاء خطبة شعبية على سكّانها لتهدئة الخواطر والنفوس،‮ ‬وإخماد الفتنة التي‮ ‬عجز عن حلها سلاّل وغيرُه من المسؤولين الذين نزلوا إلى هذه المنطقة المضطربة منذ ديسمبر‮ ‬2013‮..‬

حينما كان الرئيس‮ ‬ينعم بالصحة والعافية في‮ ‬بداية حكمه،‮ ‬قام بجولات ماراطونية إلى أغلب ولايات الوطن في‮ ‬ظرف‮ ‬21‮ ‬يوماً‮ ‬في‮ ‬إطار حملته لإقناع الجزائريين بالتصويت بنعم لمشروع الوئام المدني،‮ ‬وأقنعهم فعلاً‮ ‬بخطاباته العصماء الطويلة،‮ ‬وأعاد الكرّة بعد سنوات مع مشروع المصالحة الوطنية،‮ ‬واستطاع بذلك تحجيم العنف إلى مستوياتٍ‮ ‬دنيا‮.. ‬أما اليوم فالرئيس لا‮ ‬يستطيع حتى القيام بجولةٍ‮ ‬صغيرة في‮ ‬العاصمة أو إلقاء خطبة للشعب لتهدئة النفوس‮. ‬

ما‮ ‬يجري‮ ‬الآن هو ثمرة‮ ‬ٌ‮ ‬مرّة لإصرار النظام الحاكم على ترشيح بوتفليقة لعهدةٍ‮ ‬رابعة برغم كل الاعتراضات وتصاعد التحذيرات من عدم قدرته،‮ ‬وهو على كرسي‮ ‬متحرّك،‮ ‬على إدارة بلدٍ‮ ‬يتخبّط في‮ ‬أزمات عديدة مستعصية‮.‬

كان واضحاً‮ ‬منذ البداية أن الرئيس‮ ‬غير قادر على أداء مهامه بهذه الكيفية إلى‮ ‬غاية أفريل‮ ‬2019،‮ ‬ولكن النظام حاول إقناعَ‮ ‬الناس بأن‮ “‬الرئيس‮ ‬يعمل برأسه وليس برجليه‮”‬،‮ ‬فأين هو الآن والبلاد تغلي‮ ‬والفتن النائمة استيقظت والأخطار تهدّد البلاد على حدودها الجنوبية والجنوبية الشرقية والاحتجاجات تمتدّ‮ ‬حتى إلى الأسلاك النظامية؟

بغض النظر عن خلفيات ما‮ ‬يحدث‮ (...)‬،‮ ‬فقد أثبتت الأحداث الأخيرة مدى حاجة البلاد إلى رئيس قويّ،‮ ‬معافى،‮ ‬دائم الحضور،‮ ‬ليتمكّن من حلّ‮ ‬معضلاتها المتفاقمة وتمكينها من اجتياز كل الأخطار بسلام‮. ‬



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 20 / 2182056

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2182056 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 35


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40