عيدا عن المواقف والأحكام المسبقة وفي محاولة لاستقراء “المشهد الإسلامي”، وكيفية تعاملها مع الثورات في العالم العربي فإن الحالة السلفية كانت الأكثر إرباكا، فهي مُربكة ومرتبكة في الوقت نفسه، ولعل ظاهرة حزب النور السلفي في مصر تعتبر من أخطر ظاهرة في التاريخ المصري والعربي والإسلامي الحديث، فقد انتقل هذا الحزب من النقيض إلى النقيض وأسهم بإسقاط “أول رئيس إسلامي” في مصر المعاصرة بعد أن منع التيار الإسلامي من الوصول إلى الحكم قبلها إلى الحكم بشكل غير مباشر أو غير مباشر.
فهذا الحزب “السلفي” اعتبر الديمقراطية كفراً ومنع الإسلاميين السلفيين من المشاركة في الحياة السياسية قبل اندلاع ثورة 25 يناير، مما منع “فكرة” الانتقال السلمي للسلطة، وفي الوقت نفسه كان حزب النور ضد الانتقال العنيف للسلطة إلى الإسلاميين وكان ضد حركة الجهاد والجماعة الإسلامية، ومع هذا لم يقل هذا الحزب ما هو الحل وكيف يمكن الوصول إلى السلطة إذا كان “الديمقراطية والجهاد” حرام، أي “لا سلمي ولا عنفي”، وهذا يقود إلى نتيجة مفادها أن الهدف كان منع الإسلاميين من الوصول إلى السلطة بأي طريقة من الطرق.
اللافت للنظر أن هذا الحزب انتقل من “الكفر إلى الإيمان”، أي من النقيض إلى النقيض، فمن تكفير الديمقراطية إلى المشاركة فيها بعد الثورة بعد أن أيقن أن اللعبة القديمة انتهت ولابد من تغيير وتبديل الأدوار، دون تقديم مبررات أو مسوغات لذلك، سوى أن المصلحة تقتضي ذلك، ولم يقل لنا ما هي المصلحة من الانقلاب على الرئيس مرسي أو تأييد انقلاب عسكري.
بعد الثورة تحالف حزب مع المجلس العسكري وتحول من حالة هلامية إلى جماعة دينية رغم أنه كان يعارض جماعة الإخوان المسلمين بحجة أنهم جماعة وأن الإسلام لا جماعات فيه، لكنهم، أي سلفيي حزب النور، في مرحلة بعد انتصار الثورة تحولوا إلى جماعة ومن جماعة إلى حزب سياسي وهم الذين يعتبرون الأحزاب “كفرا”.
وبعد تنصيب “الرئيس الإسلامي” الدكتور محمد مرسي أحالوا حياته إلى جحيم وانتقلوا إلى حالة من اليمينية المتطرفة والمواقف المتشددة على اعتبار أن مرسي “يهدم الإسلام” وأفشلوا تجربة الرئيس، وتنطعوا بإقامة الأذان في البرلمان وقطع الجلسات والمزايدة على الرئيس الإسلامي مرسي وباقي النواب، وتحالفوا مع خصومه العلمانيين واليساريين والقوميين والليبراليين، لإسقاطه وهو ما حصل فعلا، وألَّبوا الشارع ضده، وبعد ذلك تعاونوا مع جنرالات الجيش المصري وقدموا له غطاء دينيا في الانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب وتحالفوا مع العسكر، وبعد أن نجحوا بإسقاط مرسي اختفى التشدد والتنطع ولم يتهموا قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي والجيش بهدم الإسلام، ووافقوا على دستور انقلابي تم تشليحه من كل ما هو إسلامي، واعتبروا الخروج على الرئيس الانقلابي السيسي معصية بحجة عدم جواز الخروج على الرئيس “المتغلب” وهم الذين خرجوا على رئيس منتخب وانقلبوا عليه ولم يعتبروا ذلك حراما، ووافقوا على دستور يمنع وجود أحزاب على أساس ديني رغم أنهم حزب ديني وهي مفارقة غريبة، ومع ذلك فهم ما زالوا على الساحة رغم أن الدستور يمنع ذلك ولم يقدموا أي تبرير ديني شرعي مقنع لذلك.
الجمعة 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2014
إسلاميون ضد الحكم الإسلامي
الجمعة 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2014
par
سمير الحجاوي
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
20 /
2165341
ar أقسام الأرشيف ارشيف المؤلفين سمير الحجاوي ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
13 من الزوار الآن
2165341 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 15