الأربعاء 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2014

البشمركة في سوريا

الأربعاء 29 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 par صالح عوض

تحولت الأراضي السورية إلى مسرح عمليات لقوى خارجية، أحيانا بطريقة خفية وأحيانا بطريقة علنية، مدعومة من قبل صناع القرار في المنطقة والعالم.. فبعد ان جاءت النصرة وداعش وسواهما من المجموعات المسلحة تضم إليها عناصر من اكثر من بلد عربي بالإضافة إلى دول اخرى، كما دخل في المقابل حزب الله اللبناني وقوى عراقية.

حتى هذا اللحظة كان الرفض الدولي الرسمي يلاحق القوى المسلحة التي تتقدم بالسلاح على الأرض رغم ما تتلقاه من دعم مالي وعسكري.. وكان الموقف الغربي دوما يعيش حالة الضيق والقلق والاضطراب في تناقضه بين ما هو عملي وما هو نظري.. وكانت حجة النظام السوري دوما تحاصر المنطق الأجنبي..

اما الآن فعلنا ودون تبريرات يستدعى أكراد العراق للمقاتلة في الأرض السورية دفاعا عن الأكراد في عين العرب ضد داعش.. ويتم الإعلان رسميا من قبل الدولة التركية عن السماح لتحرك القوات الكردية من شمال العراق إلى المدينة السورية لمواجهة داعش.

وتكون بالفعل قد تحركت مجموعات مسلحة بآليات إلى الأراضي التركية لتلتحق فيما بعد بالقوات الكردية في عين العرب.. وهنا نطرح اسئلة عديدة: لماذا لم يتحرك أكراد تركيا لنصرة إخوانهم في سوريا، رغم انه من الواضح ان أكراد تركيا اقرب مكانا واكثر حضورا لحمل السلاح.. وسؤال آخر هل مسموح لتركيا ان تفتح الأبواب للمسلحين من بلد آخر لدخول أراضيها يقاتلون ضد قوى اخرى؟ ثم سؤال آخر: بأي مسوغ تقدم تركيا أوراق العبور لقوات مسلحة كردية وما لذلك من دلالة خطيرة حول تكريس واقع الدولة القومية، والحروب القومية، وإلا بأي حق يأتي الأكراد من العراق ليحاربوا في سورية؟

هذه اسئلة تقف بقوة امام الواقع الذي ينجرف نحو تقسيمات إثنية تجد دعمها من قبل المسئولين الغربيين الذين لا ينظرون لمنطقتنا على اعتبار انها مكونة من دول لها سيادتها ودستورها وقوانينها، وان المواطنين امامها سواسية ويحتكمون إلى قانون واحد.. بل ان نظرتهم لمنطقتنا على الأقل للمستقبل انها علاقات قبلية وعشائرية وينبغي تفتيتها إلى عناوينها القومية والجهوية والمذهبية، بمعنى انهاء الدولة وإلغاء احتمال الوحدة.

الآن يبدو ان القتال على ارض عين العرب سيكون نموذجا للحرب في مدن اخرى، فلئن كان مسموحا للأكراد ان يقاتلوا في عين العرب، فلم لا يسمح لسواهم ان يقاتلوا في موقع آخر وخندق آخر ضد خصم آخر.. وهذا يعني ادخال القوى جميعا إلى الصراع على أرض سوريا.. فها هي الحرب مع الأكراد والتي لم تكن في اطار الخيال.. ها هي جزء من معادلة الحرب القذرة.

الحرب الآن بكل العناوين ومن كل البلاد وفي النهاية سيكون التدخل الأجنبي بضرورة ترسيم الحدود بين القوميات والمذاهب والجهات وزرع نار الفتن الانشطارية في المنطقة وسينتشر بعد ذلك العنف والقتل والجريمة في المنطقة كلها بكل العناوين.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2165631

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165631 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010