الجمعة 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

غليان في القدس

بقلم: محمد عبيد
الجمعة 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

لم تتوانَ سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” عن رفع مستوى الغليان الشعبي الفلسطيني، من خلال التصعيد غير المسبوق الذي تنتهجه إلى جانب قطعان مستوطنيها الأشد تطرفاً تجاه مدينة القدس المحتلة ومقدساتها، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، الذي لم تحفظ له حرمة ولم تتورع عن منح جنودها المدججين بالحقد والأكاذيب التلمودية، أمراً غير مقيد، باقتحامه لمواجهة القلة المرابطة فيه .
“بساطير” جنود الاحتلال دنست المسجد وأسلحتهم أطلقت العنان لذخيرتها داخل صحنه، لتواجه عدداً قليلاً من الفلسطينيين المرابطين داخله، الذين تحدوا هذه الهمجية المنفلتة من كل عقال، وألفوا أنفسهم وحيدين من غير أي دعم شعبي، في ظل تشديد سياسة خنق الحرم القدسي التي تتبعها سلطات الاحتلال منذ مدة، ومع تصاعد وتيرة المشروع التهويدي، ووصولها إلى نقطة خطيرة، ولحظة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية بشكل عام .
ما من منطقة في عموم الأرض الفلسطينية المحتلة غير مهددة أو لم تطلها آلة الاحتلال سواء بالتدمير أو المداهمات أو القتل أو عمليات الاعتقال الدموية، وغيرها من أساليب جيش العنصرية في مواجهة الحق الفلسطيني، والحقيقة التي يريد الصهاينة لها أن تغيّب أو تطمس، أو ينصرف العالم عنها في ظل انشغاله بالكثير من المآسي والتحديات، التي بات واقعاً أن “إسرائيل” متورطة بشكل أو آخر في خلقها وإشعالها، وجعلها أزمات كبرى .
وأمام واقع يريد الاحتلال أن يثبته على الأرض، ينطلق من قاعدة أن لا شيء يردعه عن جرائمه، ولا أحد يستطيع عرقلة مخططاته الهادفة إلى القضاء على الفلسطينيين وقضيتهم، يبدو العالم الغارق أكثر فأكثر في تفاصيل أزمات لا تكاد تحصى، محاولاً أن يلتقط أنفاسه في ظل تسارع الأحداث وعجزه عن مجاراتها، ما يعني أن قضايا كثيرة ستغيّب أو توضع “على الرف” حتى حين، وليس هناك في العالم من هو أبرع من الكيان المارق في استغلال هذا الوضع، وتجييره لمصلحة تنفيذ مخططاته، ورفع وتيرة الاستهداف .
كثير من المراقبين والمحللين أشاروا بلهجة تحذيرية إلى إمكانية اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، يكون الأقصى عنوانها للمرة الثانية، بعد انتفاضة الأقصى الأولى التي اندلعت أواخر سبتمبر من عام ،2000 وهذا ليس مستبعداً، أو بالأحرى هذا ما بدأنا نشهده مع تصاعد حدة المواجهة بين الكثرة المدججة بأحدث الأسلحة وأشدها فتكاً، والقلة المضطهدة التي لا تمتلك إلا إرادة وعزماً على الاستمرار في النضال المشروع ضد هذا الاحتلال القبيح .
ليست العبرة في المسميات، فسواء سميت انتفاضة ثالثة أو هبّة جماهيرية شعبية جديدة، وسواء أعطيت رقم ثلاثة أو أربعة أو خمسة، فهي لن تكون أمراً جديداً على الفلسطيني، الذي خاض على امتداد عقود مظلمة من الاحتلال والقهر، مئات المعارك وآلاف المواجهات، وصمد في وجه عدد لا متناهٍ من سياسات القهر والسلب والتدنيس والتهويد، ويعلم يقيناً أنه لا بد من الاستمرار في المواجهة حتى النهاية .
الحالة الفلسطينية هي حالة انتفاضة دائمة، لا تتوقف ولا تخدّرها الوعود الدولية بالتوصل إلى حلول، فالوجدان الشعبي الفلسطيني يدرك تماماً أن الاحتلال ليس معنياً بأي حل سلمي، ولا يرى ذلك إلا وسيلة أخرى للمضي في مخططاته ومشاريعه، للوصول في نهاية المطاف إلى تجريد الفلسطيني من حقوقه الثابتة، وهذا ما لن يكون



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165543

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165543 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010