الجمعة 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

شرارة الأقصى وإعادة توجيه البوصلة

بقلم:د.رحيل محمد غرايبة
الجمعة 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

منظر المجندات «الإسرائليات» حول قبة الصخرة الذهبية في الصورة المنتشرة في أغلب الصحف والمواقع الإخبارية، أمر يثير كل كوامن الغضب لدى الجماهير العربية الإسلامية، على امتداد الرقعة الأرضية، حيث ظهرن بالبزة العسكرية والأحذية الجلدية المرتكزة على الجدار المحيط بالقبة، في إشارة بالغة السوء وفي منتهى الاستفزاز لمشاعر المسلمين الذين ينظرون إلى القبة على أنها تعلو الصخرة التي عرج منها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى السماء، فهي من أقدس بقاع الأرض وأطهرها، وأعزها على قلوب المسلمين عامة.
نحن أمام حالة صادمة، لأن البشر عادة يقدرون قدسية المقدسات لدى الأعداء والأصدقاء على حدٍّ سواء، ويتجنب الناس في الأعم الأغلب تعمد الإساءة إلى المقدسات الدينية، لكن ما نراه في القدس والأقصى أمر يخرج عن طور البشر، عندما نرى التدنيس المتعمد لأماكن الصلاة داخل المسجد، عندما يدخلون ويدنسون وكأنهم صنفاً من الحيوانات المتوحشة التي لا ترعوي ولا تعرف معروفاً ولا تنكر منكراً.
الأمر الأشد استفزازاً وأكثر جرحاً للمشاعر، تلك الاعتداءات الوحشية على المصلين خاصة النساء اللاتي يتعرضن للإهانة، والإساءة والتجريد من الحجاب، بطريقة تسيء إلى كل عربي و مسلم على وجه البسيطة، وتسيء إلى كل من يحمل بين جنبيه بقايا آدمية.
المبالغة الصهيونية في الانتهاكات البشعة وصلت إلى ذلك الجد الذي ينبئ بإشعال شرر المواجهة، وينفخ على الجمر المشتعل تحت الرماد، وقد بدأت ملامح التوتر عندما أقدمت الأردن على سحب السفير أو استدعائه كرسالة واضحة ومقدمة لخطوات تصعيدية قادمة في وجه المخطط الصهيوني واضح المعالم اتجاه ما يطلق عليه «التهويد»، هذه الخطوة إذا كانت ضمن برنامج تصعيدي واضح المعالم، فهي جزء من صورة المشهد المستقبلي القادم لا محالة.
شرارة الأقصى المتوهجة مقدمة لإعادة تصحيح البوصلة العربية كلها، على الصعيدين الرسمي والشعبي، لأن الأقصى يذكِّر الأمَّة العربية بأنظمتها وجيوشها وأحزابها وشعوبها وقوها السياسية، ومؤسساتها المدنية، بالعدو الحقيقي.
العدو الصهيوني يرتكز في خطته على صرف أبصار الأمَّة عن رؤية العدو الحقيقي ويحاول عبر سنوات طويلة مستعيناً بالحلفاء والأصدقاء أن يصنع للأمَّة عدواً جديداً منبعثاً من داخلها، من أجل أن تبقى جميع الأطراف منشغلة في معركة الاقتتال الداخلي و في معركة الفناء الذاتي.
إن المعركة التي تدور رحاها الآن في العالم العربي، بين أطراف عربية وعلى أرض عربية، وبمال عربي، القاتل والمقتول ينتميان إلى أمَّة واحدة، ودين واحد، وثقافة واحدة، بينما الأعداء الخارجيون يكتفون بالتحريض والتخطيط والتوجيه، ضمن لعبة ذكية يشترك فيها إعلامنا العربي بطريقة تخلو من الذكاء.
المتطرفون اليهود والمتدينون والمستوطنون ربما يشكلون سبباً ليقظة الأمَّة من جديد لكي تصحو على مخطط الإبادة الداخلية، وتصحو على صرخات الأقصى والقدس، وصرخات المرابطين والمرابطات الذين يخوضون معركة الأمة الحقيقية.
إن صمود أهل القدس المرابطين سيشكل نقطة تحول بالغة الأهمية في تاريخ المنطقة، من أجل الشروع في إعادة تصحيح البوصلة (بوصلة الصراع) التي يجب أن تبقى متجهة في التأشير على العدو الأول للأمَّة الذي يقوى ويتنفَّس على حساب فرقتنا وصراعنا الداخلي البائس الذي يهدر الأرواح ويبدد الثروة ويقتل الروح المعنوية لدى الأجيال.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2179021

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

45 من الزوار الآن

2179021 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40