السبت 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

هل “النصرة” بديل “المعارضة المعتدلة” أم “داعش”؟

السبت 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par د. عصام نعمان

عادت “جبهة النصرة” إلى الصعود في سوريا . وصعودها يتمّ على حساب تنظيمات محسوبة على ما تسميه إدارة أوباما “المعارضة السورية المعتدلة” . في أرياف محافظة إدلب قضت “النصرة” على “جبهة أحرار سوريا” (جمال معروف) وعلى تنظيمات أخرى أضعف منها، بينها “الجيش السوري الحر”، كما هاجمت “النصرة” مدينة إدلب، مركز المحافظة، لكنها عجزت عن زحزحة الجيش السوري منها، فاندفعت إلى ريف حلب في سباق مع تنظيم “داعش” للسيطرة على معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية .
حاولت “النصرة”، في الماضي القريب، تبييض صفحتها لدى الولايات المتحدة لشطب اسمها من لائحة التنظيمات الإرهابية أملاً في أن تصبح حليفة “المعارضة المعتدلة” في حربها ضد حكم الرئيس بشار الأسد . واشنطن ترددت ثم ما لبثت أن ضمّتها إلى لائحة الأهداف الجاري قصفها جواً في وسط سوريا . إزاء هذا الموقف، عدّلت “النصرة” تكتيكها مركّزةً عملياتها القتالية ضد التنظيمات المسلحة المحسوبة على “المعارضة المعتدلة” . قيل إن لها غرضين من وراء ذلك: الأول، إقامة أمر واقع على الأرض تضطر معه الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون إلى التعامل معها كبديل وحيد من تنظيمات “المعارضة المعتدلة” الذاوية . الثاني، أن تكون بديلاً من “داعش” إذا قيض ل “التحالف الدولي” أن يقضي عليه في سوريا .
إدارة أوباما لم تراهن أصلاً على “المعارضة المعتدلة” و“جيشها الحر” . أوباما نفسه وصفهما مرةً بأنهما “فانتازيا” . لذلك اتخذ قراراً بتدريب خمسة الآف مقاتل سوري (وربما غير سوري أيضاً) ليكونوا نواة “جيش حر” جديد . لكن، كيف يمكن نشر هذه القوات طالما أن “النصرة” و“داعش” يسيطران على أقسام واسعة من أرياف محافظات إدلب وحلب ودير الزور؟
إدارة أوباما حائرة ومحيِّرة . وزير الدفاع تشاك هاغل رفع مؤخراً إلى موظفة أدنى منه مرتبة، مستشارة الأمن القومي سوزان رايس، مذكرةً يطالب فيها الإدارة بموقف واضح من نظام الأسد . تصرفُ هاغل حيّر المراقبين: هل يبتغي حمل الإدارة على تليين موقفها من الأسد أم التشدد معه؟
من الواضح أن مقاربة أوباما و“تحالفه الدولي” لمسألة الإرهاب عموماً ومحاربة “داعش”، خصوصاً تتعثّر . ف“القاعدة” طوّرت عملياتها الإرهابية في اليمن من جنوبه إلى شماله، كما ضاعفت نشاطها في ليبيا، ثم ما لبث أحد أفرعها، “أنصار بيت المقدس” في سيناء، أن أعلن مبايعته “أمير المؤمنين” الداعشي أبي بكر البغدادي .
بعض الدول العربية استشعرت ارتباك إدارة أوباما وتعثر مقاربتها لمحاربة الإرهاب، فأخذت تتدارس مسألة إنشاء حلف عسكري ضد المقاتلين “الجهاديين” واحتمال إنشاء قوة مشتركة لمواجهة الإرهاب في ساحتين قيل إنهما ليبيا واليمن .
الحلف المنشود مازال في مراحله الأولى . ثمة وجهات نظر متعددة بين مؤسسيه في تعريف الإرهاب وفي تحديد الساحات الواجب العمل فيها . البعض يريد الاستعاضة عن مصطلح الإرهاب والإرهابيين بمصطلح التطرف والمتطرفين . لكن السؤال يبقى مطروحاً: من هم الإرهابيون أو المتطرفون؟ هل الحوثيون متطرفون يستوجبون المكافحة أم مجرد تيار سياسي لا يستأهل أكثر من المعارضة؟ ثم، ما الساحات التي تتطلب تدخلاً سريعاً لمواجهة الإرهابيين والمتطرفين؟ وكيف سيكون التدخل؟ بقوة برية أم بقوة جوية؟ وهل للولايات المتحدة دور في الحلف الجديد؟
إدارة أوباما لم تتخذ موقفاً من الحلف بعد . الناطق باسم وزارة الدفاع الأميرال جان كيربي قال : “لسنا على صلة وثيقة بذلك، ولن أعلق عليه” . مردُّ الإحجام عن الكلام انهماكُ أوباما وأركانه في دراسة المسألة بجميع أبعادها ولاسيما بعدما تمكّن الجمهوريون من السيطرة على مجلسيّ الكونغرس . ولا شك في أن لاحتمال توصل واشنطن وطهران إلى اتفاق جديد غير نهائي بصدد برنامجها النووي علاقة وثيقة بالموقف الذي تعتزم الولايات المتحدة اتخاذه من مسألة الإرهاب في ضوء ما قام به “التحالف الدولي” حتى الآن، وما يمكن ان يقوم به الحلف المنشود .
إلى ذلك، سرّبت أوساط المعارضة السورية في لندن خبراً مفاده أن صراعاً دبلوماسياً وعسكرياً يستعر بين معسكري النظام وحلفائه من جهة، والمعارضة وحلفائها من جهة أخرى على “معركة حلب” لاعتقاد الطرفين أن مصير حلب سيلعب دوراً حاسماً في مستقبل الصراع والتسوية في سوريا، وأن صراعاً تركياً إيرانياً يشتد في هذا السياق . ألا يدفع هذا الخبر غير الموثوق (مقروناً بخبر موثوق حول دعوة الرئيس الفرنسي هولاند ووزير خارجيته فابيوس “التحالف الدولي” إلى تركيز جهوده، بموازاة معركة عين العرب (كوباني)، على “معركة حلب”) إلى التساؤل عمّا اذا كان رجب طيب أردوغان قد سعى هو الآخر إلى إقامة حلف بين تركيا وفرنسا لتسعير الصراع ضد النظام السوري؟
تحالفات وأحلاف قامت وتقوم لمحاربة الإرهاب والتطرف، وما إلى ذلك من المصطلحات الجاري نحتها، بينما الإرهاب يستعر وتدفع الشعوب ثمنه بشراً وحجراً وشجراً، بعلم الكبار والصغار، وعلى مرأى من العالم أجمع .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 37 / 2166084

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عصام نعمان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2166084 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010