السبت 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

طبائع الاحتلال . . أيضاً

السبت 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par عوني صادق

هل يستطيع أحد أن يستخرج من الحنظل عسلاً، أو من الزيتون برتقالاً، أو من الشعير قمحاً؟! طبعاً لا أحد يستطيع، لذلك يدهشني أولئك الذين ينظرون ويتعاملون مع “دولة إسرائيل” كدولة طبيعية، في مجتمع طبيعي . ويدهشني أكثر أولئك الذين يطالبونها بأن تكون طبيعية أو ينتظرون منها ذلك، لأنه يعني ببساطة أن تغير من “طبيعتها”، وهو ما لا تقدر عليه لو وجد فيها من يريد، لأن ذلك سيكون ضد طبيعة الأشياء، ومنطق الأمور، بل ومفهوم التاريخ .
في شهر فبراير/شباط الماضي، انتهت مهام مقرر حقوق الإنسان الخاص بالأراضي الفلسطينية التابع للأمم المتحدة، ريتشارد فولك . وفي تقريره الأخير بهذه المناسبة، أوصى فولك بأن “تطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل العليا الدولية إصدار فتوى بشأن الوضع القانوني للاحتلال طويل الأمد لفلسطين، الذي يفاقمه فرض نظام إداري وقانوني مزدوج وتمييزي في الضفة الغربية، وأن تمضي في تقييم الادعاءات القائلة إن الاحتلال طويل الأمد ينطوي على خصائص غير مقبولة قانوناً تتمثل في: الاستعمار، والفصل العنصري، والتطهير العرقي” .
لقد حدد فولك في تقريره المشار إليه، وفي كلمات قليلة ما تعنيه “دولة إسرائيل”، ليس بالنسبة لاحتلالها الضفة الغربية وحسب، بل بالنسبة إلى اغتصابها ثم احتلالها لفلسطين كلها . وهو بهذه الكلمات القليلة لخص “تاريخ” هذه الدولة غير الطبيعية، وما ترتب على قيامها، ثم ما يترتب على استمرارها، الآن وفي المستقبل . والوضع المتفجر في القدس خصوصاً، وفي الضفة عموماً، وحياة قطاع غزة على حافة الحرب الدائمة، هو كل ما يمكن أن تقدمه للشعب الفلسطيني وعموم المنطقة، إلى جانب الحروب الدورية بطبيعة الحال . إن ذلك يشير بوضوح إلى عبثية أي جهد يمكن أن يبذل لتحقيق أي شكل أو نوع من السلام في المنطقة .
وحتى لا يظل الكلام معلقاً في الهواء، لنعد قليلاً لنرى ما يحدث ويقال في فلسطين منذ أشهر، على خلفية ما يجري في القدس ومحيطها . ونقول سلفاً، إننا لن نجد ولن نرى غير تلك الأنشطة الثلاثة التي حددها ريتشارد فولك في تقريره الأخير: الاستعمار، والفصل العنصري، والتطهير العرقي، وكلها أنشطة تخالف القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وما يسمى “الشرعية الدولية” بمواثيقها، وقراراتها، ومبادئها طبعاً، وسنتوقف عند بعض من شهادات “أهلها”!
في مقال له نشرته صحيفة (“هآرتس” 28-10-2014)، كتب درور أتكس: “لقد أقيم المشروع الاستيطاني منذ بدايته على مبدأين، الأول، الاستيطان اليهودي في (المناطق) التي احتلت في العام 1967 . والثاني، الحرص على الفصل المادي بين السكان المسيطرين وأولئك المسيطر عليهم . وبين هذين المبدأين يوجد توتر بنيوي دائم، تؤجل”إسرائيل“التصدي له، من خلال تعريف الوضع بأنه (مؤقت)” .
هذا “الوضع المؤقت”، كان “توصيف” حزب العمل للاحتلال، مثلما كان اسم “مناطق متنازع عليها” هو بديل الضفة الغربية، وكلاهما كان حيلة لكسب الوقت لتمرير المخططات الاستيطانية الهادفة للاستيلاء على أكبر ما يمكن من أرض الضفة . لكن بعد “انقلاب 1973”، وتسلّم اليمين المتطرف السلطة بزعامة ميناحيم بيغن، وصولاً إلى بنيامين نتنياهو، لم يعد الوضع مؤقتاً، ولم تعد الضفة مناطق متنازعاً عليها، بل أصبحت “أرض إسرائيل”، وحقها في مصادرة الأرض وإقامة المستوطنات وتوسيعها، حتى وصل الأمر إلى القدس الشرقية، ومحيطها حتى شعفاط وبيت حنينا، وقبلهما سلوان والعيزرية، بل والمسجد الأقصى ذاته . ومعروف أن الأرض الباقية “القابلة للتفاوض” “إسرائيلياً” في الضفة الغربية، والتي على أساسها تدور كل أحاديث المفاوضات، أصبحت من 8 - 10% من مجموع أرضها . أما القدس الشرقية، فيقول خليل التفكجي، رئيس دائرة الخرائط في “بيت الشرق”، إنه بعد أن كانت 100% للفلسطينيين في العام ،1967 لم يبق لهم منها سوى 13% . وإن المشاريع والقوانين “الإسرائيلية” الجديدة تهدف لتطبيق نفس النسبة تقريباً على السكان، بحيث يكون الفلسطينيون فيها أقلية لا يزيدون على 12% . وبعد أن كان سكانها بداية الاحتلال (70 ألفاً) ليس بينهم يهودي واحد، وصل العدد فيها (200 ألف يهودي) مقابل (320 ألف فلسطيني انتهوا الآن إلى 195 ألفاً)"! هذا ما يعنيه الاستعمار والتطهير العرقي في أرقام قليلة وفي عجالة .
أما العنصرية، فهي واضحة في القوانين والتشريعات، وأكثر في الممارسات القمعية والتمييزية . فإلى جانب القتل اليومي الذي تمارسه قوات جيش الاحتلال وشرطته، لا يزال في السجون “الإسرائيلية” نحو (6000) معتقل ومئات من “المعتقلين الإداريين”، وبينهم عشرات من النساء والأطفال . وحسب بيان لشرطة الاحتلال، اعتقل في عشرة أيام بين 12- 22 أكتوبر/تشرين الأول (111) فلسطينياً بتهمة المشاركة في المواجهات التي وقعت في القدس . يضاف إلى ذلك قرار وزير الحرب الأخير الخاص بمنع العمال الفلسطينيين من العودة إلى بيوتهم في حافلات يستقلها المستوطنون . لكن الأسوأ من ذلك كله، ما طالب به وزير الزراعة في حكومة نتنياهو،يائير شامير، من أنه “يجب فحص إمكانية معالجة تعدد الزوجات في أوساط البدو من أجل تقليص الولادات لديهم”، وهو ما اعتبره ب . ميخائيل، الكاتب في صحيفة (“هآرتس” 8-10-2014)، دعوة تندرج تحت اسم (جينوسايد قتل شعب) حسب تسمية القانون الدولي . وكان سبق للكاتب الصحفي جدعون ليفي أن أطلق في مقال له في (“هآرتس” 27-10-2014)، على ما يسمى “عاصمة إسرائيل الأبدية”، اسم “عاصمة الأبارتهايد الإسرائيلي”!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2176770

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2176770 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40