الأحد 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

أجواء انتفاضة الأقصى والأجواء الراهنة

الأحد 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par ياسر الزعاترة

الذي لا شك فيه أن الأجواء الراهنة من حيث وضع الشارع الفلسطيني والممارسات الصهيونية تبدو أكثر قابلية لتفجر انتفاضة جديدة من تلك الأجواء التي توفرت نهاية أيلول من العام 2000 حين اندلعت انتفاضة الأقصى.
جاءت انتفاضة الأقصى بعد 7 سنوات من التعويل على مسار أوسلو، بينما مضى الآن 10 سنوات من التعويل على مسار محمود عباس التفاوضي دون جدوى، فما يُعرض عليه اليوم هو أسوأ مما عُرض على ياسر عرفات في قمة كامب ديفيد صيف العام 2000.
وفي حين كان الشرارة لانتفاضة الأقصى هي زيارة شارون للمسجد من أجل تأكيد حق اليهود فيه، فإن الزيارات المماثلة، والأكثر استفزازا لم تتوقف، وهذه المرة من أناس داخل الحكومة، وليس من المعارضة كما كان حال شارون عام 2000.
الانتهاكات الصهيونية بحق المسجد الأقصى والاستيطان والتهويد هذه المرة تبدو أكثر بكثير مما كانت عليه في العام 2000، بل إن حكاية التقسيم المكاني باتت مطروحة اليوم دون تفاوض، بينما طالب بها الصهاينة؛ فقط خلال المفاوضات صيف العام 2000.
الشعب الفلسطيني بدوره هو ذات الشعب، ولا يمكن القول إن هناك جيلا أفضل من جيل، لكن الفارق هنا هو السلطة وحركة فتح، بخاصة قيادتهما، ومعهما منظمة التحرير.
هذه المرة كان المسار مختلفا، فخلال سنوات أوسلو السبع قبل انتفاضة الأقصى كان رجال الأمن وطنيون، ومن خريجي مدارس نضالية، أما الأمن الذي نحن بصدده الآن، فهو من ماركة «الفلسطيني الجديد» الذي أسسه الجنرال دايتون (المصطلح من اختراعه)، واستدعى تشكيله بعد اغتيال عرفات ومجيء من تآمروا عليه أن يحال إلى التقاعد ما يزيد عن 3000 ضابط لأنهم لا ينسجمون مع المعيار الجديد الذي لا يرى أن جزءا من مهمة الأمن يتمثل في مقارعة الاحتلال بأي حال.
هناك بالطبع عمليات إعادة تشكيل الوعي التي بدأت منذ 10 سنوات عبر إشغال الناس بالمال والأعمال والرواتب، والتي شملت السيطرة على المساجد والجامعات وكل المؤسسات التي يتسرب منها فكر المقاومة.
هل أدى ذلك إلى تغيير الوعي الفلسطيني حقا؟ ربما أثر بعض الشيء، لكن المؤكد أن ما نتابعه من احتفال شعبي بعمليات المقاومة، وانحياز الناس إلى برنامجها كما تابعنا خلال العدوان الأخير على قطاع غزة يؤكد أن الوضع لا زال يعيش روحية الانفجار، وإن حاصرته أجهزة الأمن بكل ما أوتيت من قوة.
بل إن بالإمكان القول إن العمليات الفردية التي تابعناها في الآونة الأخيرة هي نوع من الرد على حالة العجز عن تشكيل خلايا مسلحة تواجه الاحتلال، وهي الخلايا التي لم تتوقف عمليات إعادة تشكيلها طوال الوقت، لكنها كانت تضيع بين رحى الاحتلال والسلطة التابعة، ويتحوَّل أعضاؤها إلى أسرى.
وإذا كان ذلك كله يمنحنا إمكانية القول إن الوضع برمته يبشر بانتفاضة جديدة، فإن البعد الآخر الخارجي يبدو مختلفا. فعلى الصعيد العربي لم يسبق أن حظي الكيان الصهيوني بوضع عربي كالذي يتوفر الآن، والسبب أن من يريد استهداف الشعوب وحريتها بعد موجة ثورات لا بد أن يصالح عدوه، وهو ما كان، ولا تسأل عمن ينفذ انقلابا ضد إرادة شعبه، ويحظى بدعم الصهاينة، وما يمكن أن يقدم لهم من ثمنٍ لقاء ذلك.
ولا يتوقف الأمر عند الوضع العربي الذي سيبذل كا ما في وسعه من أجل لجم خيار الانتفاضة، بل يتجاوزه إلى وضع دولي يدرك أنها ستخرّب على حربه ضد تنظيم الدولة، وقد يعيد أجواء الثورات إلى المنطقة، بما يهدد مصالحه، فضلا عن حرمانه الكيان الصهيوني من استثمار الأجواء الجديدة في المنطقة من أجل فرض ما يريد على صعيد القضية الفلسطينية.
ولأن المعادلة على هذا النحو، فإن مهمة الشعب الفلسطيني بتفجير انتفاضة جديدة تبدو مقدسة، إذ أنها لن تحول فقط دون تصفية القضية الفلسطينية، بل ستشكل رافعة للوضع العربي برمته، وستمنح ربيع العرب دفعة جديدة، لاسيما أن موقف الأنظمة على بؤسه لن يكون هو ذاته، وستضطر تحت وطأة الجماهير إلى دعم الانتفاضة بدل التآمر عليها. أما مساعي التهدئة الأخير، فلا ينبغي أن تؤدي إلى تغيير المسار، لأنها محض مهدئات لن تغير في سياسات نتنياهو وخياراته السياسية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2165424

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع ياسر الزعاترة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165424 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010