الأحد 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

المقاومة الفلسطينية ليست دائماً على حق

بقلم: اواب المصري
الأحد 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

شهدت الأسابيع الماضية أسلوباً جديداً في عمليات المقاومة الفلسطينية لم يكن مألوفاً من قبل. فاستخدمت السكاكين والبلطات للطعن والقتل، والسيارات للدهس، ولا ندري ما تحمله لنا الأيام القادمة من أدوات جديدة يلجأ إليها الشعب الفلسطيني.
التغيير النوعي في العمل المقاوم كان نتيجة طبيعية للتصعيد الإسرائيلي والاستفزازات التي لم تتوقف أصلاً. فتزايدت وتيرة اقتحام المسجد الأقصى المبارك، وأحرق المستوطنون مسجد المغير في رام الله، وشنقوا المقدسي يوسف الرموني، وقبله بأشهر خطفوا وعذبوا وأحرقوا جثة الفتى محمد أبو خضير (16 عاماً) الذي كان متوجهاً لأداء صلاة الفجر. هذا بالطبع إلى جانب استمرار سياسة الاستيطان الإسرائيلية التي تواصل قضم الأراضي، والحصار المفروض على قطاع غزة. وكان طبيعياً أن ينتج عن هذه الممارسات احتقان فلسطيني، يبحث عن طريقة يعبر فيها عن غضبه. فلم يكن غريباً أن يبادر الشعب الفلسطيني للبحث عن وسائل جديدة يتمكن من خلالها للرد على استفزازات الاحتلال وانتهاكه للمقدسات، وثأراً لأرواح الشهداء الذين يسقطون على أيدي جيشه ومستوطنيه. حالة الاحتقان هذه تركزت بشكل أساسي على المقدسيين الذين يلمسون بشكل مباشر اعتداءات المستوطنين وانتهاك الأقصى، وليس بأيديهم سلاح للدفاع عن أنفسهم إلا التظاهر، والرباط في المسجد الأقصى لحمايته، ورفع الصوت مطالبين العالم بالتحرك لوقف الاعتداءات الإسرائيلية. لكن يبدو أن المقدسيين يئسوا من نخوة العالم، ولم يجدوا أمامهم سبيلاً لمواجهة ما يتعرضون له إلا بالطعن والدهس. هذه العمليات، إن دلت على شيء، فإنما تدل على أن الشعب الفلسطيني مازال حياً ثائراً ينبض بالمقاومة، لا يرضخ للاحتلال ولا لاعتداءاته، وهو مؤشر يدحض كل ما قيل عن رغبة الشعب الفلسطيني بوقف المقاومة والتعايش مع واقع الاحتلال، لاسيما المقدسيين منهم.
كان طبيعياً أن تبارك فصائل المقاومة الفلسطينية عمليات الطعن والدهس، فبغض النظر عن الوسائل المستخدمة وتأثيراتها ونتائجها، هي فعل مقاوم في مواجهة الاحتلال، لا يمكن إلا إعلان التأييد له ومباركة السواعد التي قامت به. لكن هذا التأييد لا يعني بالضرورة أن هذه الأعمال مفيدة للمقاومة وتصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، اللهم إلا إذا اعتبرنا أن مصلحة الشعب الفلسطيني تكمن في محاولة إشعال انتفاضة ثالثة، تعيد خلط الأمور، وتطيح بمسار عملية السلام المتعثرة، وتؤسس لواقع جديد يضغط على الجانب الإسرائيلي للاستجابة للمطالب الفلسطينية المحقة، حينها يكون الطعن والدهس وكل عملية مقاومة مشابهة مساعدة في تحقيق هذا الهدف. أما إذا لم يكن هذا الخيار مطروحاً، ولم تكن قوى المقاومة تسعى إليه ومستعدة له، فربما يكون لهذه العمليات أثر عكسي على مصلحة المقاومة، ومن ورائها الشعب الفلسطيني.
فالمصلحة هي البوصلة التي يجب أن تسير على هديها فصائل المقاومة المختلفة، وحين لا تتحقق هذه المصلحة يجب تعديل المسار باتجاه تحقيق هذه المصلحة. ولعلّ من أخطر المصائد التي تقع فيها قوى المقاومة عامة، هي أن يسيطر منطق الثأر العاطفي على منطق المصلحة، حينها تفقد المقاومة نقاط قوتها ومكتسباتها مقابل تحقيق أهداف ثأرية صغيرة وبسيطة، وهو ما نجحت المقاومة الفلسطينية في تعلّمه مؤخراً، فانعكس تقدماً نوعياً في أدائها، وأدى إلى تحقيق نتائج غير مسبوقة.

- عن صحيفة الشرق القطرية ....عدد الاحد 23/11/2014



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2178258

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178258 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40