الاثنين 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014

إسرائيل وإيران

الاثنين 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 par صالح عوض

متى نستطيع أن نرى الأشياء كما هي؟ نستطيع ذلك عندما يكون رضى الله قد حل بنا.. وأنى لنا ذلك ونحن نرى الأشياء كما نريدها أن تكون فنخسر العبرة والحكمة ونعمة العقل.. نقول هذا الكلام فيما يمثل أمامنا مثال إيران وإسرائيل.. قوتان في المنطقة لهما أنياب وأيد باطشة إلى حد بعيد..

إسرائيل كيان باطل ليس له أصل في المنطقة وهو حالة طارئة عدوانية عنصرية قائمة على حساب حياة مجتمع آخر وحقه في الحياة. أما إيران فهي بلد وشعب من أعرق البلدان والشعوب في المنطقة وهي جزء رئيسي من مكونات المنطقة.. وهنا نقطة اختلاف جوهرية تتحكم بالضرورة في كيفية صياغة موقفنا تجاه أي منهما.. ومن جهة أخرى، تقوم إسرائيل كأداة متقدمة للمشروع الغربي بالاعتداء على دول المنطقة قصفا واختراقا أمنيا وإرهاقا واستنزافا وإرباكا، بل يتعدى أذاها إلى ما بعد دول الجوار لأنها كيان قائم على البطش والجريمة.. فيما تعرضت إيران لحرب من دول الجوارالعربية بتفاهم مع الغرب الاستعماري ثماني سنوات مؤلمة وقاسية قتلت من أبنائها أكثر من مليون ودمرت منشآتها وعطلت النمو فيها سنين طويلة. ورغم ذلك لم تتنكر للعرب من جيرانها وانهمكت في الملف الفلسطيني وهو ترمومتر لكل المواقف فسلحت ومنحت وقدمت بلا تردد وعلى رأس الأشهاد لكل المقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين في حربهم ضد الكيان الصهيوني.. وغني عن القول إن ثمن هذا التصرف معروف تماما.

هنا لا مجال لعقد مقارنات بين إيران وإسرائيل ولكن توصيف لما هو أهم في قراءة التوجهات الاستراتيجية للحالتين رغم كل الاختلافات الجوهرية في طبيعتيهما واستراتيجيتيهما واصطفافات كل منهما.. وقد نلبي نزغات البعض إن قلنا إن هناك اختلافات مع إيران في الرأي والاجتهاد فلا بأس.. لكن ينبغي أن نسرع بالقول إن هناك تناقضات جوهرية تمس الوجود والحياة مع الكيان الصهيوني..

في المنطقة اليوم لا توجد إلا إسرائيل وإيران وذلك كقوتين استراتيجيتين تحاول كل منهما امتلاك النوعي في السلاح والتزام الجدية والسرية في البناء والتخطيط والانتشار خارج الحدود وكسب الحلفاء والأصدقاء وتجنيد طاقات الناس والاستفادة من كل الإمكانيات.. إسرائيل بنت المشروع الغربي وقد ولدت لتنفيذ أهداف استراتيجية له.. وإيران نهضت ضد الشاه وضد النفوذ الصهيوني في إيران فكانت بالتبعية ضد المشروع الغربي في المنطقة.

إيران قاتلت إسرائيل على جبهتين أو على الأقل زودت المقاتلين ضد إسرائيل على جبهات القتال في ميدانين خطرين الأول في جبهة فلسطين والمقاومة الفلسطينية “حماس والجهاد وألوية الناصر وفصائل أخرى”.. والثاني في الجبهة اللبنانية عندما وقفت ولا تزال تقف مع المقاومة اللبنانية بكل ثقلها..

إسرائيل وإيران حالتان نقيضتان وكل منهما يتزود بكل إمكانيت التفوق إلا أن هناك اختراقا واضحا لصالح إيران لا سيما مع الرئيس الحالي الذي فكك الاشتباك حول إيران ونزع فتائل الألغام فمنح إيران وقتا إضافيا تحتاجه لتمتلك عناصر قوة استراتيجية.. وحاولت قيادة إسرائيل مرات عديدة أن تنجح في تحريض الأمريكان والغربيين لشن هجوم ماحق ساحق ضد إيران وقوتها الاستراتيجية إلا أن الغربيين كانوا على يقين بأن ذلك لن ينجح وأنه من شأنه حرق مصالحهم في المنطقة لسنوات عديدة في حين إنهم يمرون بظروف اقتصادية معقدة لا تحتمل مغامرة مع إيران.

المعركة الفاصلة بين إيران وإسرائيل قادمة بشكل خطير سواء كانت مباشرة أم بالنيابة وتكون القوات الإيرانية تمتعت بمعنويات عالية بعد أن تكشف هزال المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وخورها من خلال معاركها المفتعلة في جنوب لبنان وغزة..

إننا نسير يوما بعد يوم نحو المواجهة الحاسمة فإما إسرائيل وإما إيران والمنطقة لا تحتمل قوتين استراتيجيتين نوعيتين متناقضتين.. والعقل يقول إن الطارئ يجب أن يرحل ولن يبقى في الوادي إلا حجارته.. فهل يستفيد القادة في المنطقة لترتيب أوراقهم وأولوياتهم حسب دراسات بعيدة عن الهوى والأمنيات ذلك ما نتمنى.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 49 / 2182036

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2182036 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 48


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40