عندما يفكر المرء بالواقع الفلسطيني من كل جوانبه، يصيبه الحزن وتؤلمه في الصميم تلك الوقائع الممسكة برقاب الفلسطينيين سواء كانوا في الداخل أم في عالم الشتات. ففي الداخل هنالك عدو متربص أكل الأرض ويقضم المزيد منها حتى بات الحديث عن الوطن الفلسطيني كمن يتحدث عن سراب. فلقد استحكمت اسرائيل بالضفة وبنت عليها مستوطناتها وهي تزحف تدريجيا لإقامة المزيد من المستوطنات حتى تجاوز عدد المستوطنين أكثر من ستمائة الف خلال سنوات قليلة.
يحدث كل ذلك بعد أن تراجع الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية إلى حد النسيان، بل من منطق الضعف العربي وتدهور حالته الصحية سادت الفكرة القائلة بأن العرب تركوا فلسطين إلى قدرها، بمعنى ان على الفلسطينيين ان يتحملوا وزر ما يحصل لهم، وكأن فلسطين خصوصية شعبها، فيما نعرف جميعا انها قضية العرب اجمعين، نورهم وضوؤهم، موتهم وحياتهم، قوتهم وضعفهم.
لكن، لا شك ان هنالك مسؤولية كبرى تتحملها القيادة الفلسطينية التي اعطيت لقب سلطة، مع ان العالم بدأ يمنحها اعترافا بدولتها، فعلى ماذا تكون تلك الدولة وعلى اي ارض ستقام، وهل يكفي رفرفة العلم الفلسطيني على ادارات كي نقول ان فلسطين تحيا، وانها صارت دولة. لكن الحقيقة تكمن في واقع مر، فالقيادات الفلسطينية الحالية كأنها تريد النأي بنفسها عن قضيتها، تريد الابتعاد عن كل ما يمت بصلة لشعبها الذي يملك تلك الهمة العالية في التعبير عن التمسك بأرضه ووطنه. تلك القيادة التي تحمل لواء فلسطين ليست جاهزة في الأساس لأن تتحمل معاركها الصارمة في وجه العدو التاريخي لها. بل ان رأسها معروف عنه كرهه للسلاح وبموقفه ضد اية مقاومة مسلحة بل ضد مفهوم الكفاح المسلح الذي كان في زمن مضى عنوانا اسطوريا لشعب احضر فلسطين من الغياب واعادها إلى الحياة بقوة السلاح.
لا تستاهل فلسطين ما يحصل لشعبها المكافح الذي هز الكيان الصهيوني والعالم بتجلياته في ابتداع اساليب المقاومة وبدون اي حسابات للمخاطر، وكل من نفذ شكلا من اشكاله كان يعرف معنى النهاية الحتمية له، ومع ذلك تفانى الجميع في التعبير الذي بلغ مستوى هز المجتمع الاسرائيلي كما هزته صواريخ غزة اثناء العدوان الاسرائيلي الأخير عليها.
لا نقول ان الواقع الفلسطيني في خطر، بل هو تجاوز الخط الأحمر وما زالت تصرفات قادته على حالها في مواجهة تدخلات اميركية كاذبة، وفي تجولات من يحاولون لعب دور الوساطة، وفي ركون قيادة فلسطين لها جميعها من باب الضعف وليس من باب القوة وفسح المجال لإعادة انضاج انتفاضة نراها جاهزة للتعبير عن نفسها اذا ما تم تغذيتها على الفور، فإذا لم يكن بالسلاح، فبالحجر، او بالتجمع واستعمال الصوت الجمعي كمرجعية.
نخاف اذن على ما تبقى من فلسطين من ضياع نراه محسوبا وليس مجرد ظاهرة سوف تنتهي. لا تمر مستوطنات اسرائيل الا لأن الطرف المعني بها يسمح بذلك ويقدم لها خطابا تسويقيا، كونه ضعيفا في جمله، مستورد الكلمات، تائه في البحث عن المواجهة، وهي امور اذا ما تجمعت تشكل وبالا على القضية المقدسة التي فيما العالم يطور نظرته الايجابية إليها نرى اصحابها يتراجعون عنها، مثله مثل اشقائهم العرب الذين اسدلوا الستائر منذ زمن على القضية وأرادوا لها ان تبقى مجرد شعار في اصول التعريفات النظرية ليس الا.
الثلاثاء 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014
الوطن العمانية:فلسطين تتقزم أمام عيون أصحابها
الثلاثاء 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
10 /
2181874
ar المرصد صحف وإعلام ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
15 من الزوار الآن
2181874 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 18