الأربعاء 31 كانون الأول (ديسمبر) 2014

«فتح» في عامها الخمسين..!!

الأربعاء 31 كانون الأول (ديسمبر) 2014 par عادل أبو هاشم

في الفاتح من يناير عام 1965م انطلقت رصاصات حرة شريفة مستقلة لتدوي مخترقة صمتاً رهيباً يلف القضية الفلسطينية، انطلقت مؤذنة ببدء الثورة الفلسطينية المعاصرة، والتي استطاعت عبر التضحيات الجسام وشلال الدم أن تنقل قضية فلسطين من الدهاليز المظلمة في الأمم المتحدة إلى تجسيد وجود شعب فلسطين، ودولة فلسطين.

في الفاتح من يناير عام 1965م انفجر البركان الفلسطيني هادراً معلناً صوت الشعب العربي الفلسطيني، ومؤكداً حقيقة الوجود الفلسطيني المتجذر عبر التاريخ، والمتواصل وفاءً وعهداً وعطاءً.

في اليوبيل الذهبي لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة ليس المطلوب مطلقاً أن نكتب لأنفسنا عن منجزاتنا السياسية والعسكرية، فعظمة هذه المنجزات الوطنية والقومية هي معيننا الذي لن ينضب ونحن ندق بقوة أبواب المستقبل.

ومن هنا يقف مناضلو حركة «فتح» في ذكرى انطلاقتها على أبواب التحول الكبير، فليس من بديل أمامهم غير التمسك بالثوابت التي انطلقت من أجلها الحركة، والتي سقط لأجلها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والأسرى لذلك لا بد من وقفة جادة ومسؤولة لمواجهة أنفسنا وجماهيرنا بدروس تجارب الثورة والكفاح المسلح، وبالحقائق العنيدة للوضع الجديد الذي وصلنا إليه.

ولا تعفينا انتصارات ثورتنا التاريخية في الكرامة والأغوار وجنوب لبنان وبيروت وفي داخل الوطن المحتل وفي كل مواقع التصدي والصمود الفلسطيني من التصدي بشجاعة للحصار الشامل المضروب حولنا من الإدارة الأمريكية والعدو «الإسرائيلي»، والتصدي لحالة الانقسام والتشرذم التي تشهدها الأراضي الفلسطينية.

لقد انطلقت حركة «فتح» من مقولة «السمك الفلسطيني الذي يسبح في البحر العربي»، وقد اكتشفنا بمرارة «أن لا بحر في الصحراء العربية»، وأن «ثلوج جبل الشيخ أحن علينا من بعض الأنظمة العربية» كما قال قائد الثورة أبو عمار - رحمه الله - قبل سنوات طويلة.

في قرارة تجربتنا المرة والمريرة انتصر «الإقليمي على القومي»، وانتصر «أمن نظام الحكم على الأمن القومي»، ولم نستغرب بعد ذلك أن تكون الكوارث والمصائب التي حلت بشعبنا وثورتنا على أيدي عربية أكثر منها «إسرائيلية»..!!

إن الظروف العامة للشعب الفلسطيني الآن هي أفضل ألف مرة من ظروف عام 1948م وحتى عام 1965م، وبالتالي يدور السؤال:

كيف تتمكن حركة «فتح» من زج الأجيال الفلسطينية الجديدة في إطار بناء ثوري جديد يستجيب لمتطلبات الحركة في مرحلتها القادمة في ظل حالة الترهل التي مرت بها في السنوات الأخيرة؟!

فيجب أن نواجه أجيالنا الفلسطينية بالحقائق المرة والصعبة، فعلى هذه الأجيال يتوقف الآن مصير الحركة ومصير القضية، فليس هناك - لا في الأفق ولا فيما وراء الأفق - تسوية سياسية طالما بقيت حكومة القتلة بقيادة مجرم الحرب بنيامين نتنياهو تحكم في الكيان «الإسرائيلي»، والاعتبارات التي كنا نراعيها في وعينا وموقفنا السياسي منذ قيام السلطة الفلسطينية عام 1994م لم تعد قائمة، ويجب أن نقول ذلك لشبابنا الثوري حتى يبدع أشكالاً جديدة في النضال والتضحية والجهاد والصمود.

صحيح أن وجود حركة «فتح» بجانب باقي التنظيمات والفصائل الإسلامية والوطنية بين جماهيرنا في الوطن يسرع في العملية الثورية داخل أداة التحرير وعلى صعيد معركة التحرير، ولكن خروج بعض المتنفذين والمحسوبين على السلطة في التسابق في إصدار البيانات التي تشوه وتسفه وتحقر تاريخ نضال وجهاد الشعب الفلسطيني متناسين عن سابق إصرار وسوء نية أن الاحتلال «الإسرائيلي» هو أساس الداء ومصدر البلاء، ومتجاهلين عمليات القتل «الإسرائيلي» اليومي والمذابح ضد أطفالنا ونساءنا وشيوخنا قد أساء إلى تاريخ الحركة النضالي!

هذه الأصوات - بكل بساطة - لم تقرأ ولم تفهم تاريخ ثورتنا المعاصرة، ولم تفهم المضمون الحقيقي لمعنى الانتفاضة المباركة التي يفهمها أبناء شعبنا في التمسك بحقنا الكامل بالتراب الفلسطيني من خلال الصمود والنفس الطويل والكفاح المسلح وحرب الشعب التي تجلت بأبهى صورها في انتفاضات شعبنا المباركة.

لقد علمنا التاريخ الفلسطيني المعاصر بأن الجماهير يجب أن تتسلح بالوعي الجديد الذي وصلنا إليه بعد المآسي التي مرت بها، وأول هذا الوعي وآخره كذلك هو أن على الفلسطينيين أن ينهضوا بأعباء الكفاح المسلح والتحرير حتى ينهار حلم العدو «الإسرائيلي» بالقضاء على الفلسطينيين على رؤوس أصحابه!

وعلمنا التاريخ الفلسطيني - أيضاً - بأن هذا هو قدرنا.. قدرنا الفلسطيني..!!

قدر الفلسطينيين أن يقاوموا.. ويقاتلوا.. ويجاهدوا.. ويستشهدوا..!!

لقد وضع القدر على كاهل شعبنا المكافح وكوادرنا المناضلة مهمة إنجاز النتائج التاريخية الكبرى لنضالنا الوطني في انتزاع الحرية للوطن والشعب، والحياة والعزة لأهلنا.. لأطفالنا.. لنسائنا.. لشيوخنا فوق أرضنا الطاهرة.

وعلمنا تاريخنا الفلسطيني - أيضاً وأيضاً - أننا وحدنا في المعركة، فالأنظمة العربية العارية حتى من ورقة التوت تصر - إصراراً عجيباً - على أن خيارهم الإستراتيجي هو خيار السلام، هذا الشعار المسخ الذي ابتدعه بعض المنهزمين في أمتنا العربية، وصدقه كل العرب وتمسكوا به حتى آخر فلسطيني..!!

لقد ضرب شعبنا الفلسطيني البطل المثل الرائع في التضحية والفداء والاستشهاد على مر العصور، ومنذ أن سقط شهيدنا الأول البطل أحمد موسى في 7/1/1965م مضرجاً بدمائه، وقوافل الشهداء تترى لتشكل سلسلة من المشاعل والمنارات التي تضيء طريق الكفاح الطويل في سبيل الله والوطن، وفي خضم هذه الموجة الجديدة للانتفاضة الشعبية العارمة المتواصلة منذ أشهر في القدس المحتلة، والتي ما هي إلا امتداد لموجات الانتفاضات الشعبية المتواصلة منذ انطلاقة ثورتنا العملاقة يزداد سلاح الإرادة والعزيمة الفلسطينية مضاءاً، ويتجدد التصميم الفلسطيني على مقاومة الاحتلال الصهيوني الجاثم على جسد أرضنا المقدسة، ويتدفق شلال الدم الفلسطيني ويتسع ليروي كل ذرة من ذرات تراب وطننا الغالي فلسطين، ليتغلب سلاح الدم الفلسطيني على سلاح السيف الصهيوني في معركة الشرف والبطولة معركة الأرض والمصير.

إن شعبنا المعطاء الذي فجر ثورته أثبت - بتضحياته وأصالته وجدارته بالحياة الحرة الكريمة - أن الأرواح التي يقدمها شعبنا في كل يوم فداءاً لأرضنا المقدسة هي مفتاح النصر وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

إننا وفي ذكرى انطلاقة «حركة فتح» يجب علينا ألا ننسى الآلاف من شهدائنا الأبطال، ربحي والفسفوري في معركة الكرامة الخالدة، وعبد الفتاح حمود وأبو علي إياد ووائل زعيتر ومحمود الهمشري وأبو يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر وباجس أبو عطوان وسعيد حمامي وعز الدين القلق وأبو حسن سلامة ونعيم خضر وماجد أبو شرار وسعد صايل وخليل الوزير وصلاح خلف وهايل عبد الحميد وفخري العمري وياسر عرفات الذين اغتالتهم يد العدو «الإسرائيلي»، وكل شهداء عمليات الداخل وانتفاضاته المتكررة، ولا ننسى شهدائنا الأبطال في كل مواقع النضال الذين استطاعوا بدمائهم أن يحطموا القيود ويفكوا الحصار الذي حاول العدو الصهيوني وعملائه فرضه على ثورتنا.

وإننا إذ نتذكر شهداءنا لنستلهم العبرة ونزداد قوة وإصراراً على مواصلة المسيرة النضالية المسلحة رغم كل التحديات ورغم كل حروب الإبادة والتدمير التي خاضتها وستخوضها مقاومتنا الباسلة، لأن قدراتنا الثورية دوماً أكبر من كل التحديات.

إن هذا الجسد الفلسطيني الفتي الذي يقذف الحجارة في وجه آلة الحرب والدمار «الإسرائيلية»، وهذه الروح الفلسطينية المتأججة بكل هذا الكبرياء داخل سجون ومعتقلات وزنازين الاحتلال، وهذه الجماهير الهادرة من النساء والأطفال والرجال والشيوخ تصنع اليوم تاريخاً جديداً، وفجراً مشرقاً، وتواجه بهذه العزيمة والإيمان كل العنف والإرهاب الصهيوني، وتتحدى بهذا الصمود الملحمي الاحتلال «الإسرائيلي» الفاشي العنصري، وتقوم اليوم الأجيال الفلسطينية الفتية بحمل رايات الانتفاضة والمقاومة المخضبة بدمائها الطاهرة، ويقدم الشعب الفلسطيني مواكب الشهداء والتضحيات الجسام لتكتب التاريخ بأحرف من نور ونار.

هذا هو شعبنا العظيم مادة ثورتنا الأساسية، يقدم على درب النضال الشهداء تلو الشهداء...

لا ييأس.. فالدرب طويل...

لا يحزن.. مهما عظمت التضحيات...

ولا يبخل.. يقدم ما يمليه عليه الواجب ليرى النصر بعيون أطفال الآر بي جيه وأطفال الحجارة...



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 22 / 2166065

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عادل أبو هاشم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2166065 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 25


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010