الخميس 1 كانون الثاني (يناير) 2015

نكبة فلسطين في أوسلو

الخميس 1 كانون الثاني (يناير) 2015 par حبيب راشدين

إني لأعجب لسعة صدر القيادات الفلسطينية، وهي تتحمل منذ اتفاقيات أوسلو امتراء الثعابين السامة الواحد تلو الآخر، وتنتقل بالشعب الفلسطيني من تنازل إلى آخر حتى حين لا تكون مضطرة إلى التنازل، كما يفترض أن تكون اليوم وهي تخاطب رأس المجموعة الدولية في مجلس الأمن، وهي تعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بتمرير أي قرار قد يزعج قادة الكيان من قريب أو من بعيد.

والحال، ما الذي كان يمنع السلطة الفلسطينية، وقد اختارت العودة إلى الأمم المتحدة، أن تطالب مجلس الأمن بتطبيق أحد أقدم قراراته المنشئة للكيان الصهيوني على أرضية قرار التقسيم، الذي هو بمقياس السياسة أفضل ألف مرة من أي قرار صدر حتى الآن؟ وهو قرار قائم لم تجبه القرارات اللاحقة منذ قرار 242 الذي يعني فقط الأراضي المحتلة سنة 1967، ولأن العودة إلى الحدود التي رسمها قرار تقسيم فلسطين، مع ما فيه من تعدٍّ على الجغرافيا والتاريخ وحقوق الشعوب، هو أفضل من المطالبة بحدود 1967، ولأنه يرسم في الحد الأدنى حدودا لكيان جبل على التوسع، ولأنه يضمن حق العودة بشروط القرار 194 بلا مساومة، ويضيف إلى الأراضي المحتلة سنة 67 حق استرجاع الأراضي التي ضمها الكيان بعد صدور قرار التقسيم، وينهي مشكل الاستيطان، ويحرم الكيان من القدس عاصمة له، أي إنه يخلص الفلسطينيين والعرب من جميع الملفات التي عوقت وتعوق قيام الدولة الفلسطينية إلى جانب الكيان المصطنع، ما دامت النخب القيادية للشعب الفلسطيني قد تخلت عن حق تحرير فلسطين كل فلسطين.

فالنكبة الكبرى لم تلحق بالشعب الفلسطيني سنة 1948 حين قرر مجلس الأمن تقسيم فلسطين، ومنح جزء من أرضها لقيام كيان اصطناعي اسمه إسرائيل، ولم تكتمل صور النكبة حتى بعد احتلال الكيان للقدس الشرقية والضفة وغزة سنة 1967، لأن الاحتلال بالقوة لا ينشئ حقا، وإلا كانت الحالة الاستعمارية ظلت قائمة في معظم أرجاء جنوب المعمورة، لكن النكبة الفلسطينية الحقيقية بدأت حين قامت قيادة فلسطينية بصرف الفلسطينيين عن الحق في “تحرير الأرض من النهر إلى البحر” إلى الرضا بتحرير أراضي 67 قبل أن تقسمها “أوسلو” إلى أراضي ألف، وباء، وجيم، تحرير كل واحد منها يحتاج إلى ألف سنة من التفاوض، أو ظهور المهدي، وعودة عيسى عليه السلام.

الخروج من مسار النكبة له اليوم أكثر من طريق ليس مجلس الأمن أفضلها، ولا هذه السلطة هي أداته، ولا حتى هذه المعارك الموسمية التي تبيد الفلسطينيين بالتقسيط المريح، بل إن أقصر طريق إليه هو التفكيك الطوعي للسلطة، وإرجاع الكلمة إلى الشعب الفلسطيني حيثما وجد، ليسلك مجددا الطريق الوحيد المعلوم لتحري الأرض، بالوسيلة الوحيدة التي أثبتت عبر التاريخ نجاعتها ومشروعيتها، بمقاومة الاحتلال بكل ما هو متاح لشعب محتل من طرق المقاومة، لأن نهاية إسرائيل، كأي كيان استعماري استيطاني آخر، تبدأ في اللحظة التي يغلق فيها الشعب المحتل أبواب التسوية مع قوة الاحتلال، ويجعل مشروع تحرير الأرض مشروعا مشتركا بين الأجيال، يتوارثونه كابرا عن كابر حتى تتهيأ لأحدهم مقومات التحرير الكامل للأرض.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 24 / 2165418

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حبيب راشدين   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165418 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010