الثلاثاء 6 كانون الثاني (يناير) 2015

معركة الإسقاط القانوني للاحتلال

الثلاثاء 6 كانون الثاني (يناير) 2015 par لميس اندوني

حين يدخل انضمام فلسطين إلى محكمة الجنايات الدولية التنفيذ سيكون دخولاً في معركة حقيقية، تكسر شروط المفاوضات المفروضة أميركياً وإسرائيلياً، بغض النظر عن حسابات القيادة الفلسطينية، خصوصاً أنها تزود الشعب الفلسطيني بأداة جديدة لمواجهة ومقاومة إسرائيلية. إذ، حتى إذا لم تستعمل السلطة الفلسطينية حقها في مساءلة إسرائيل أمام المحكمة، فإن انضمام فلسطين يعطي الحق لأي جهة فلسطينية بملاحقة الحكومات الإسرائيلية والمسؤولين فيها أمام محكمة الجنايات الدولية، أي أنها تفتح جبهة جديدة للمواجهة، متاحة لكل الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده.
لكن، إذا قامت السلطة بالخطوة كمناورة تفاوضية، أي أن تستخدم ورقة المحكمة الدولية لتحسين شرط تفاوضي، فهذا لعب مرفوض، بل وخطير، حينها تفقد الخطوة الكثير من قيمتها، وتخضع القرار الفلسطيني مجدداً للشروط نفسها، المبنية على ضمان أمن إسرائيل، فيما تمعن هذه وجيشها في خرق أمن الشعب الفلسطيني وأمانه.
ليس واضحا ما إذا كانت السلطة تدرك أنها بدخولها المحكمة الدولية، تملك أداة جديدة لتقويض معادلة “التنسيق الأمني” الذي يحمي الاعتداءات الإسرائيلية ويحللها، ويضفي قبولاً لهيمنة الاحتلال العسكري على الأرض الفلسطينية والإنسان الفلسطيني، لأن مقاضاة إسرائيل تعني إعادة الأمور إلى نصابها: أي أن لا شرعية للاحتلال نفسه، وليس فقط ممارساته وخروقاته. فالمشكلة لا تتلخص في قتل المدنيين، خرقاً للمواثيق الدولية، بل الاحتلال نفسه يمثل الخرق الأساس، لأن تلخيص المسألة بجريمة قتل المدنيين تحرم الفلسطيني من حق المقاومة. وبذلك يتم تجريم المقاومين، أي أن التقدم للمحكمة الدولية لا يكفي من دون دراسة اختيار القضايا المقدمة وأسسها القانونية. لكن ذلك كله يعتمد على جدية السلطة بالتقدم إلى محكمة الجنايات، ووضع ملف الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة أمام المحكمة، أو أنها ستعيدنا إلى لعبة التراجع بعد كل وعد أميركي وتهديد إسرائيلي، خصوصاً بعد أن أخذت، بالفعل، خطوة تحدت بها كل الضغوط والشروط، من ترغيب وترهيب.
لكن، هذه المرة أي تراجع رسمي، أو العدول عن استعمال حق مقاضاة إسرائيل، ليس مقصوراً على القرار الفلسطيني الرسمي، فالساحة فتحت أمام الشعب الفلسطيني، فرادى أو مجموعات، للتقدم إلى محكمة الجنايات الدولية، وجعل حياة المسؤولين الحاليين والسابقين صعبة، على أقل تقدير.
فكما يذكرنا المحلل الفلسطيني، الدكتور غسان الخطيب، فإن أي قضية تقدم للمحكمة، قد تحد من تحركات المسؤولين الإسرائيليين في العالم، خصوصاً أن المتقاعدين من الجيش والمخابرات يبحثون عن وظائف في شركات الاستشارات الأمنية العالمية، وعادة يجدونها، لذا، من المهم عدم التقليل من أهمية الإجراء الفلسطيني. وفي الوقت نفسه، يجب عدم المبالغة بتصوير الخطوة، وكأنها معركة إنهاء الاحتلال، فحتى لو تمت الاستعانة بأهم العقول القانونية، فإن محكمة الجنايات الدولية ليست بعيدة تماماً عن نفوذ القوى الدولية، وخصوصاً واشنطن، وإلا لرأينا أغلب المسؤولين في العالم، وخصوصاً الأميركيين منهم، خلف القضبان.
في الحالة الإسرائيلية، تم تطويع القوانين الدولية، وأحيانا تحطيمها، لإعطائها شرعية تشريد شعب وسرقة وطن. لذا، تشعر إسرائيل بخطورة تقترب من المساءلة القانونية تهديداً لشرعيتها، وهذا، في حد ذاته، مصدر قوة للشعب الفلسطيني، لا يحق للسلطة إخضاعه لأي حسابات تفاوضية.
فهذه فرصة لمحاكمة الاحتلال نفسه، وليس فقط إفرازاته، ولو في محكمة الرأي العالمي، من خلال مجرد طرح القضايا أمام محكمة الجنايات، لكن ذلك يتطلب إرادة سياسية، للتحرر من سطوة العملية التفاوضية، ومبادرات فلسطينية خارجة عن نطاق السلطة، للتذكير أن لا معاهدات ولا مفاوضات تستطيع تشريع الاحتلال، أو إسقاط الحقوق الفلسطينية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165800

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام الموقف  متابعة نشاط الموقع لميس اندوني   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165800 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010