الثلاثاء 6 كانون الثاني (يناير) 2015

مساحات الموقف لهذا اليوم .....(مقالات مختارة)

الثلاثاء 6 كانون الثاني (يناير) 2015

- في الذكرى الخمسين لانطلاقة «فتح» والثورة الفلسطينية

بشارة مرهج*

في الذكرى الخمسين لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة بوجه الاحتلال الصهيوني تخلى مجلس الأمن الدولي مرة أخرى عن واجباته والتزاماته ورفض الموافقة على الطلب الفلسطيني المشروع بإزالة الاحتلال خلال سنتين بعدما تحولت المفاوضات الى مهزلة وبعدما تحولت مساعي اللجنة الرباعية الاتحاد الروسي، الاتحاد الاوروبي، الولايات المتحدة، الامم المتحدة الى طبخة بحص يوقد النيران من تحتها قاتل الأطفال في العراق طوني بلير أمين سر اللجنة العامل لمصلحة القهر والاستيطان.

إن التجربة المريرة التي خاضها الشعب الفلسطيني في الاتكال نسبياً على الانظمة العربية والاسلامية والاجنبية لتحصيل حقوقه غير القابلة للتصرف تلقت نكسة جديدة بعد إلقاء واشنطن بثقلها الى جانب الاحتلال واستنفارها لاصدقائها للنَيل من المطالب الفلسطينية المطروحة والتي سبق للمجتمع الدولي أن أقر بقانونيتها وشرعيتها وأيدها مراراً بقرارات مهمة بقيت حبراً على ورق.

إن واقع الحال، على بؤسه، لا يدعو لليأس اطلاقاً فالموقف الاميركي لا يشكل

مفاجأة وانما هو معروف أصلاً بعجزه عن تجاوز الإملاءات الصهيونية المعروفة، ومعروف بعدائيته العميقة للحق الفلسطيني، ولكن ما يدعو للقلق هو موقف بعض «الدول الاسلامية» التي تنكرت لعهودها والقدس والاقصى واصطفت الى جانب تل أبيب في وقت تبرز مواقف أوروبية إيجابية تجاه الحق الفلسطيني بعدما أيقنت شعوب تلك القارة ومؤسساتها المختلفة أن القهر «الاسرائيلي» للشعب الفلسطيني قد تجاوز كل الحدود، ولم يعد في الإمكان تغطيته او السكوت عليه، وانه حان الوقت لتغيرات مهمة في السياسة الاوروبية لإنصاف الشعب الفلسطيني نسبياً وتأمين مصالحها في المنطقة العربية التي يفتك بها الغلو والتطرف والإرهاب.

إن هذه التطورات الخطيرة التي تضع الشعب الفلسطيني أمام مفترق طرق تحتم عليه الالتزام بخياراته النضالية الأساسية والاستمرار في معركة التحرير بكل تعقيداتها ومشاكلها الوعرة، وتكريس النهج الذي سار عليه جامعاً بين النضال السياسي والأسلوب التي اتبعته غزة والمقاومة اللبنانية في التعامل مع احتلال عنصري يرد على كل مبادرة او موقف بالاغتيال والاستيطان.

وأمام عدو يجاهر برغبته في تهويد الأراضي المحتلة كلها من دون هوادة ويرفض عودة الفلسطينين الى ديارهم ويهيء الأجواء لطرد ما أمكنه ممن يعيشون على أرضهم لا مجال للتراجع تحت الضغوط او الإغراءات عن استكمال المسيرة سواء في الامم المتحدة أو في شوارع القدس والضفة وغزة وصولاً الى كل بقعة من أرض فلسطين المقدسة.

بهذا المنهج تستعيد الثورة التي ألهمت الأجيال في القرن الماضي ألقها وحيويتها وتعيد المنطقة كلها الى الطريق الصحيح بعدما ضل كثيرون الطريق في متاهات الصراع الداخلي.

* نائب ووزير سابق

- سورية أولاً... وحتى إشعار آخر
د. فايز الصايغ

استكمالاً للمقال السابق وللتأكيد على مضامينه وأولويات العمل السياسي السوري، في ظلّ الحصار العربي الرسمي وفي ظل التآمر العربي الرسمي متمثلاً ببعض الدول الخليجية وغير الخليجية، إذ لم يقتصر التآمر على البيانات والمواقف وتوريد وتدريب وتمويل الإرهاب الكوني في سورية، الأمر الذي أطال الصراع.

استكمالاً لكلّ ما ذُكر نقول: نعم لقد دفعتنا الأحداث في ظلّ استهداف عالمي شاركت فيه أميركا وأوروبا ودول الجوار العربي وغير العربي، إلى التمسُّك، أكثر من أي وقت مضى، بسوريتنا وبفطرتينا. فنحن بلد الفكر القومي والعمل القومي، بعضنا اندفع أكثر باتجاه الخارطة السورية وبعضنا أرجأ الهام عن الأهم وأعاد ترتيب الأولويات.

إنّ الحفاظ على سورية، موضوعياً، والتمسّك بخياراتها، من شأنه الحفاظ على العروبة والقومية والإسلام الصحيح، لأنّ استهداف سورية وسقوط نظامها السياسي، هو سقوط للأمة العربية لا قبله سقوط ولا بعده، وهو انحسار مرعب لقيم ومفاهيم الإسلام وهو خذلان للشارع العربي عموماً، وهو أيضاً قضاء على تطلعات حركات التحرّر في المنطقة، إن لم نقل في العالم.

إنّ الذين خططوا للمؤامرة على سورية ونفذوها، عرباً وأجانب ودوائر استخبارات، يعرفون ذلك جيداً، وخلصت الدراسات والتحليلات والاجتهادات، إلى أنّ قرار استهداف سورية، خصوصاً بعد أن أثبتت جدارتها السياسية والاقتصادية من جهة، وقدرتها على قيادة العمل القومي وانتزاع مكانتها على طريقة العالم من جهة أخرى، لن يكون سهلاً.

القرار الذي لخصته كوندوليزا رايس عندما كانت مستشارة الأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش الإبن، الذي قرّر بعد أحداث 11 أيلول استهداف مواقع «القاعدة» في افغانستان. فأميركا تبحث عن أهداف عسكرية أخرى ما دامت مروجّة العدوان وهي لا تريد التوقف عند ملوك «القاعدة» أو مراكز تجمّعها فقط. يومها أعلنت رايس عزم الولايات المتحدة الأميركية على إطلاق ما سُمي «الشرق الأوسط الجديد» والتمهيد له عبر نشر الفوضى الخلاقة. ولم تكد تمرّ ساعات معدودات، حتى انطلقت الفوضى ولا تزال مستمرة، وقد حققت أهدافها في أغلب الجغرافية العربية وبعض الجغرافية السورية، لكنها وبعد أربع سنوات فشلت على أعتاب سورية والجيش السوري والإرادة السورية.

عندما تسقط المؤامرة هنا، تسقط في الأمكنة الأخرى. وبدلاً من أن يتضامن العرب مع سورية وهي تدافع عنهم وعن أموالهم لا يزال التآمر مستمراً،

وها هي تخوض اليوم معركة متعدّدة الأهداف، أبرزها وحدة الأرض السورية وحماية استقلالها والقضاء على الإرهاب. إنها معركة وجود الأمة كلها، معركة بقاء تتطلب وحدة السوريين ووحدة مؤسسات الدولة الوطنية. أما شكل وطبيعة النظام السياسي فيرسم ملامحهما الشعب السوري نفسه وقواه السياسة الوطنية والمجتمع السوري الحي والمتفاعل مع نفسه ومع غيره من المجتمعات العربية، في الإطار القومي العربي، وغير العربي في الإطار الأممي والإنساني، وهو ما شرعنا في تحقيقه على نحو غير مسبوق خلال العقود الماضية من حياة الزهو السوري ومن حياة المشروع القومي العربي المناهض والمتصدّي للمشروع الصهيوأميركي المعروف والموصوف، وآخر علاماته رفض أميركا الاعتراف بدولة فلسطين التي يراد لها أن تكون «دويلة» على بعض من بعض فلسطين المذبوحة بالساطور الأميركي الصهيوني وبالسكاكين العربية نفسها التي تطعن الجسد السوري اليوم.

صحيفة «معاريف» تقول اليوم أنّ الجيش «الإسرائيلي» يستعد للمواجهة ويعمل بشكل مكشوف على طول الحدود اللبنانية ويخترق القرار 1701 ويجمع المعلومات، وهذا يعني أنه يحاول استغلال انشغال سورية في مواجهة الإرهاب لتحقيق مآرب عسكرية لم يستطع تحقيقها من قبل. ألا يستدعي هذا فقط، من بين آلاف الأسباب دعم سورية ورفع شعار كنا في يوم من الأيام ننتقد مطلقيه وهو سورية أولاً… نعم سورية أولاً، وحتى إشعار آخر. منها ومن على ترابها تتحقق الطموحات، إذا ما بقي عند العرب من طموحات… للحديث صلة أيضاً.

- المسلمون بين المولد.. والميلاد

عبدالرازق قسوم*

تعانـقت الأجساد على غير هدى، والتفت الأذرع والسيقان على غير تقى، فسالت “نهارا- أنواع الخمور، وسادت”جهارا- ألوان الفجور، فهتكت الأعراض، وكشف الظاهر والمستور؛ وكل ذلك احتفاء بالنبي المأمور، سيدنا عيسى، السيد الحصور؛ من طرف أدعياء أتباعه من النصارى، آكلة الخنازير ومدمني الخمور.

وسار على نهجهم في الخطيئة، بعض المنسلبين عندنا، من الأتباعيين والتقليديين، والمهزومين نفسيا، وثقافيا، أولئك المذبذبين.

تذكَّر النصارى "إذن- ومعهم تبعهم من بني جلدتنا، والمحسوبين على عقيدتنا، أن لهم نبيا اسمه عيسى، عليهم أن يعظموه، وأن يحيو ذكرى ميلاده فيقدسوه، ولكن بأي ثمن يفدوه، وعلى حساب أي قيم يخلدوه؟.

حجزت طاولات المراقص والمطاعم، ومقاعد الطائرات والفنادق، فشد بعض الشذاذ الرحال، إلى مختلف البلدان، إيذانا بإحياء ليلة الغفران، فساد الصخب وعزفت ألحان موسيقى “الراي”، ووصل صداه إلى أطفال المدارس، الذين رقصوا رقصة “الواي واي” بمباركة من وزيرة التربية والتعليم والرأي.

تبا للعقل السخيف عندما يحيد عن مبتغاه، والويل للمجتمع الذي يفقد بوصلته، بضياع معتقده وهداه. إنه يستأصل من ملته، ولا يندمج فيما سواه.

حدث كل هذا بمناسبة أعياد الميلاد، بدء ببلاد “الكوفبوي”، ووصولا إلى شذاذ موسيقى “الراي”.

وحدث أيضا، أن تزامن هذا الحدث العولمي بحدث عالمي آخر، هو ذكرى مولد سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وما بين الحدثين “ضاع النقل، وضاع العقل” كما يقول إمامنا الإبراهيمي.

فقد ساد الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عبث آخر، هو عبث الأطفال بالمولد وعبث الكبار بالتشدد. فأطفالنا بدل أن يتغنوا بشمائل محمد، وعوض أن يقتدوا بأخلاقه وأسوته الحسنة، راحوا يفسدون على الناس هدوءهم وأمنهم، ويزعجون بكل أنواع المفرقعات، سلامهم ويُمنهم، ولاح العبث الآخر بالذكرى، من دعاة المنع بالاحتفاء بالمولد، وتبديعه، وتفسيق المحتفين به. وهكذا، وجد المسلم نفسه محتارا، بين نوعين من التطرف والغلو، تطرف وغلو الذي يلوث بالمحاريق والمدافع طهر الجو، وطهارة السمو، وبين من يحرم على الناس ذكر الله وترديد النشيد، وتهديدهم بالويل والوعيد.

فيا قومنا! يا أيها المغزوون المنسلبون بثقافة الغرب النصراني! يا أيها الماجنون المقلدون للفكر الفاسد؟، الجوّاني منه والبراني، لقد أضعتم الفكر الصحيح الحقاني، ووقعتم في الهوان، عندما أصبحتم تنتجون لنا، الفيلم المشوه لحضارتنا، كفيلم الوهراني.

ويا إخوتنا في الدعوة إلى العقيدة، ما هذا التشدد الذي تبدونه للناس في هذه الفتاوى الغريبة الفريدة، هل انتهت مشاكل الأمة الإسلامية كلها، ولم يبق منها إلا مشكل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟

كنا نحسب، أن علماءنا الأولين منذ علماء دولة بني زيان، بتلمسان، خلال القرن السابع الهجري، إلى علماء جمعية العلماء بقيادة ابن باديس، والإبراهيمي، وحوارييهم، كانوا يضعون للمولد النبوي الشريف منهجية ثقافية، ودينية، واجتماعية، مستلهمة من روح الإسلام ومقاصده.

فقد كان علماؤنا على اختلاف عصورهم يتخذون من ذكرى مولد سيد البشر، مناسبة للتثقيف والتوعية، يذكرون الناس فيها بكنوز السيرة المحمدية، ويعمقون فيهم معاني الانتماء للهوية الإسلامية، وينشئون الناس على حب محمد ودين محمد وأمة محمد

فأين البدعية في أن يتغنى أطفالنا بنشيد محمد العيد، شاعر الإصلاح؟

بمحمد أتعلـــق وبخلقه أتخلـق

وعلى البنين جميعهم في حبه أتفوق

إنّ في هذا لتحصينا للذات المسلمة من داء فقد المناعة العقدية والإيديولوجية، وعصمة لها من ثقافة الراي، ورقصة “الواي واي”، “أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ، مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ”[سورة القلم، الآية 35-36].

يجب أن يدرك إخواننا الدعاة، أن الأمة الإسلامية، تواجه اليوم مخاطر وتحديات، أكبر وأبعد من الاحتفال أم عدم الاحتفال بالمولد النبوي. إنها مخاطر إثبات الوجود، ومحاولة استئصال الهوية، وزرع الانسلابية والاتباعية في عقول أبناء وبنات الأمة الإسلامية، فاعملوا رحمكم الله، على ضم الصفوف، وتعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم كي نوحد فتوانا، ونفوت الفرصة على كل من عادانا، وأن ننزل منهجية الدعوة المؤصلة، المستوحاة من مقاصد الشريعة على كل ما فيه صلاحنا، ونحقق منانا ومبتغانا.

إنّ مجرد تأمل ما هو واقع هذه الأيام من تعامل مشين، مع ذكرى الميلاد وذكرى المولد، ليرسل بخطاب فصيح وصريح إلى كل من يحمل أقل مسؤولية، في الدعوة إلى الله أن يهب، لتقليل الخسائر، ويعمل على إصلاح، وإنقاذ الوعي الإسلامي في الجزائر.

فلو فعلنا ذلك، لما وجدنا من شدّ الرحال إلى دول بعيدة أو قريبة، ليحتفل “بالنويل”، وينقل إلينا بعد ذلك ثقافة الفساد والويل.

إنّ منهجية الدعوة الإسلامية اليوم، هي أشد حاجة، إلى توحيد الصف، وتحديد الهدف، لنقضي جميعا على آفات الهف، وضرب الدف، ونحن نمد أيدينا الصادقة إلى الجميع، فعسى أن نلقى الإقبال السريع، بدل التفسيق والتبديع. اللهم إنّي قد بلغت! فاللهم فاشهد!

*كاتب جزائري

- عباس: كيف تحب صورتك؟

عماد توفيق

سجّل الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة ثلاث محطات أسطورية، في صلابة الصمود أمام آلة الحرب الصهيونية العاتية والغاشمة، في مسيرة هذا الشعب النضالية نحو الحرية. وفيما يسجل الشعب الفلسطيني صفحات مشرقة من الإقدام والجرأة، في مقاومة المحتل، بشكلٍ كان ليشرّف ويكون محل تفاخر أدنى شعوب العالم، فضلاً عن أشرفها، وكان يمكن أن يصبح مثالاً عالميّاً يحتذى، وتنسج حولها قصص البطولة والشرف.
عوضاً عن ذلك، رأينا كيف كانت القيادة الفلسطينية، المتفردة، متمثلة في الرئيس، محمود عباس، تشعر بالحرج من بطولة غزة، عوضاً عن الشعور بالعزة. وقد أصبح قطاع غزة قلعة للمقاومة، فيما يجهد عباس في تحويل الضفة الغربية إلى قلعة من نوع معاكس، قلعة للمفاوضات والتنسيق الأمني. وهو يستقوي بالنظام المصري الذي لم يخفِ عداءه المفضوح لغزة ومقاومتها.
وبلغت درجة علاقة عباس مع الأنظمة المصرية المتعاقبة درجة متقدمة، وقال، في أكثر من مقابلة مصورة، إنه صاحب اقتراح إقامة السور الحديدي تحت الأرض والقناة المائية فوقها لمنع الأنفاق على حدود غزة لخنقها. وفي مقابلة أخرى، اعترف عباس بأنه قدم بنفسه خرائط الأنفاق على حدود غزة، مطالباً مصر بهدمها، وبإقامة منطقة عازلة.
كان الرئيس، محمود عباس، يستطيع أن يرسم صورته بريشة غزة الصامدة، في أبهى صفحات التاريخ، لو أنه احتضن شعبه الذي صمد في معركة غير متكافئة، أكثر من خمسين يوماً، ولو أنه ساند مقاومته الباسلة التي رفعت رأس الشعب الفلسطيني والأمة العربية عاليّاً.
وافقت المقاومة، مخطئة، على تشكيل وفد فلسطيني مشترك لمفاوضة الاحتلال في القاهرة، وفرضت رفع الحصار بصمودها، وبات شرطاً مقبولاً دوليّاً، إلا أن نظام عبد الفتاح السيسي تنكر لذلك، ومارس كل ما من شأنه زيادة الحصار وخنق القطاع بطرق عدة، منها هدم الأنفاق وإقامة المنطقة العازلة، واستمرار غلق معبر رفح، وفتحه بالقطارة فقط، ومنها احتكار الوساطة مع “إسرائيل” والمفاوضات غير المباشرة، للحصول على استحقاقات وقف إطلاق النار، حيث عطل هذه المفاوضات بحجة ظروفه الأمنية، ومارس، من تحت الطاولة، تحريضاً للعدو الصهيوني على الصمود في وجه المقاومة الفلسطينية الباسلة.
في الوقت الذي تحارب فيه أميركا، وعلى أكثر من جبهة، قوى ذات أحلام إمبراطورية، بدءاً من داعش، مروراً بالصين، وليس انتهاء بروسيا، فإنها باتت في غنى عن فتح معارك جانبية في غزة، تحرج حلفاءها العرب أمام شعوبهم المتململة. والتقدير السائد أن كلاً من “إسرائيل” وأميركا، وبغض النظر عن أمنياتهما بكسر المقاومة في غزة، لكنهما، باتتا أقرب إلى الاقتناع بوجوب تخفيف وطأة الحصار قليلاً، ليس شفقة على الشعب الفلسطيني، ولكن، لأن ذلك قد يقلل من احتمالات الانفجار، مرة أخرى، في وجه “إسرائيل”، وإبعاد الحرج عن أميركا وحلفائها.
في هذه الأثناء، بات الرئيس عباس يعرف أكثر من غيره أن تكتيك التجويع لكسر حماس بعد حصارها، وجعلها تختار بين الطعام والاستسلام، أو بين الجوع والصمود، أو بين الجوع والركوع، قد فشلت في غزة فشلاً ذريعاً، وبات على الرئيس عباس، خصوصاً بعد فشله غزوته في مجلس الأمن، أن يتحصن في أحضان شعبه الصامد في غزة، وأن يعمل بجدية ومصداقية، هذه المرة، لإعادة الإعمار الموعود، وأن يكف الأيدي الخفية عن عرقلته.
ولكي ينجح الرئيس عباس في معاركه المفتوحة على أكثر من جبهة، ومنها المواجهة ضد الاستيطان والمفاوضات العقيمة، والتصدي لمحمد دحلان، المدعوم من دول عربية معلومة، ومواجهة الولايات المتحدة في المحافل الدولية، يجب أن يغلق عباس جبهة صراعه مع حماس في الضفة وغزة، ويستخدمها كأقوى أوراق القوة لديه، مع تثبيت أركان الوحدة الوطنية، وتفعيل منظمة التحرير، بعد إعادة تشكيلها.
يدرك سيادة الرئيس عباس الذي شارف على الثمانين عاماً، أن ريشة التاريخ سوف ترسم له صورة مروعة، إذ في عهده تحول الاستيطان في الضفة المحتلة إلى مدن مكتملة. وغابت معالم القدس، حتى كاد أهلها لا يعرفونها. في عهده، تشظينا وتفرقنا وتفسخنا، وبانت عورتنا حتى ازدرانا القريب قبل البعيد. وفي عهده، بلغ العار منا شأواً عظيماً، حيث التنسيق الأمني المقدس والخيانة الوطنية عمل بطولي. وفي عهده، خوّن الأمين وولي الرويبضات شؤون العامة، ونبذت المقاومة، وجرمت وحرمت عوضاً عن التكريم والتبجيل. وشنت على غزة ثلاث حروب. وفي عهده، خضع شطر شعبه لحصار فتاك، في محاولة فاشلة لمقايضة الخبز بالحرية والكرامة. وفي عهده، بات الإسمنت في غزة مادة ممنوعة. وانقسمت “فتح” إلى أرباع وأثمان وأخماس، حتى باتت في كل منطقة دكانة باسم فتح، وتتزين بكوفية أبو عمار، حيث كل يدعي وصلاً بليلى. وفي عهده، باتت الكهرباء في غزة أربع ساعات فقط، وإذا استمر الحال كما هو ستكون الأربع ساعات نعمة كبيرة.
نتوجه لسيادة الرئيس محمود عباس: كيف ترغب، يا سيادة الرئيس، أن تبدو صورتك في صفحات التاريخ؟ هل ترغب في أبهى صورة مشرفة في صدر كتب التاريخ، رئيساً لكل شعبه، يجمع شتاتهم ويوحد قوتهم، ويمضي بهم نحو الحرية بصفوف موحدة؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 3 / 2178333

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178333 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40