الأربعاء 7 كانون الثاني (يناير) 2015

رقصات سعدي على مزامير داود

الأربعاء 7 كانون الثاني (يناير) 2015 par حبيب راشدين

في تناغم مثير للدهشة، وزعت الأدوار بين كمال داود وسعيد سعدي، بقصف مركز لمكونات الهوية الوطنية والدين والتاريخ، فكان لأحدهم أن ينهي سنة 2014 بهجوم سافر على الدين، وتكفل الثاني مطلع السنة الجديدة بسب رموز من الحركة الوطنية، وأعلام ثورة التحرير، مع وجود قاسم مشترك بينهما ينطق بكراهية للجزائر، واحتقار لشعبها وتاريخها، فاق ما كان ينسب للحركة زمن الاستعمار.

للأمانة لم يكن سعيد سعدي أول من تهجم على هؤلاء الرموز وعلى غيرهم، ولم يسلم حتى الأمير عبد القادر والشيخ عبد الحميد بن باديس، ووجد من يخوض بغير علم في سيرة قادة المقاومة الوطنية، وقد ساعدهم تراخي الدولة في حماية التاريخ ومقومات الهوية الوطنية منذ الاستقلال، كما ساعدهم كسل النخبة الوطنية المثقفة والأكاديمية في التصدي لمثل هذه الحملات التي نراها تنطلق كمقدمة للفتنة وصاعق مفجر لها، وإلا لِمَ اختار سعيد سعدي تحديدا منطقة القبائل دون سواها، بخطاب يحرض أبناء المنطقة على إخوتهم في الوطن، ويستدعي بعض الفتن من التاريخ على طريقة الشيعة، يحاول صناعة مظلمة كاذبة لسكان المنطقة؟

قد نجد بعض الأعذار لشاب مثل كمال داود، وقد غررت به دور النشر الفرنسي،ة كما فعلت مع سلمان رشدي وأمثاله، لكن لا أرى عذرا لرجل حاضر في المشهد السياسي منذ ربع قرن، اعترف بمرارة أنه أخطأ في الشعب، لكن الشعب لم يخطئ فيه، كما لم يخطئ في أمثاله ممن أرادوا التسويق للثقافة الكولونيالية وروافدها الغربية، عبر برامج سياسية اقتصادية وفكرية هي التي قاومها من قبل عبد القادر، وبن بديس، ومصالي الحاج، وبن بلة، وعلي كافي، وعميروش، وغيرهم من قادة المقاومة والحركة الوطنية.

سعيد سعدي لم يخطئ على ما يبدو في الشعب، بل أخطأ في الزمن والتوقيت، لأن الترويج لخطاب يطعن بجهالة في رموز البلد من المقاومين والمجاهدين، كان سيفتح أمامه أبواب قصر الحاكم الفرنسي زمن الاحتلال، وكان سيدعى ضيفا مكرما لجميع نوادي كبار المعمرين رفقة الڤياد والباشاغات والنخبة من الحركة، فما كان أحوج المحتل لأمثاله يتطوع لضرب رمز مثل مصالي الحاج، أو يتهم واحدا من زعماء الثورة الخمسة بالعمالة لجمال عبد الناصر، وقد راود المحتل “حركته” على ما هو دون ذلك، وأثابهم على عمالة لم ترق حد التنصل من الملة، والتنكر للتاريخ، والطعن في رموز المقاومة.

وقد يحسن بنا أن نفتح مجددا ملفات “الحركة” وسلوك من تعامل مع المحتل قبل وأثناء ثورة التحرير، حتى نعلم يقينا من استلم منهم لواء العمالة للإستعمار بعد رحيل آخر حركي مع مجتمع المعمرين، لأن الاستقلال، وإن كان قد أنهى ظاهريا حالة الاحتلال والاستيطان، فإنه لم يفكك المنظومة الفوقية الاستعمارية في الثقافة والتعليم، المنتجة لما وصفه مالك بنابي بالقابلية للاستعمار، والتي لن تتوقف عن تفريخ عقول مريضة، عالقة بالموروث الاستعماري، حتى يلتفت جيل الاستقلال إلى واجب استكمال معركة التحرير، بتحرير المنظومة التربوية والتعليمية والثقافية من قبضة الاستعمار الجديد، الذي يكون كسب المعركة في اللحظة التي سكتنا فيها عن فرية “الفرنسية غنيمة حرب”، ليغنم المستعمر دون قتال إدارة البلد ومنظومتها التعليمية التي خرجت كما داود وسعيد سعدي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2178131

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حبيب راشدين   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178131 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40