الخميس 15 كانون الثاني (يناير) 2015

ملاحقة فرنسا بتهمة “القتل العمدي خارج القانون”

الخميس 15 كانون الثاني (يناير) 2015 par حبيب راشدين

فضح سلوك الحكومة الفرنسية، وتفكيك روايتها الرسمية الكاذبة، هو اليوم أولى من الدعوة لمظاهرات مليونية تحتج على الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، لأن ما نشر حتى الآن من معلومات متضاربة حول عملية شارلي إيبدو، سوف ينتهي بأي تحقيق قضائي نزيه، إلى اتهام السلطات الفرنسية بتهمة “القتل العمدي خارج القانون”، لثلاثة من مواطنيها المسلمين.

الانتصار لرسول الله بالشجب والتظاهر لن يجدي نفعا، وهو في كل الأحوال متوقع، بل إن الجهة الرسمية الفرنسية التي ساعدت على إعادة نشر الإساءة على هذا النطاق الواسع، سوف يسعدها مثل هذا الاحتجاج، ويسعدها أكثر لو ينجح في إثارة الجالية المسلمة، وحملها على الدخول في مسار العنف على نطاق واسع، يسمح لها بتبرير الترسانة القمعية التي تستعد الحكومة الفرنسية لإصدارها.

الذين تابعوا خطاب الوزير الأول الفرنسي أمام البرلمان، ومداخلة وزير الداخلية كازنوف أمام مجلس الشيوخ الفرنسي، يكون قد وقف عند بيت القصيد من عملية “شارلي إيبدو”، حيث دعا الوزير الأول ووزير الداخلية المشرع الفرنسي إلى إعادة صياغة الترسانة القمعية ضد ما يسمى بالإرهاب، والتي كانت قد اعتمدت منذ شهرين، وأخفقت فيها الحكومة في تمرير ما يشبه “الباتريوت آكت”، وعلى ما بدا من مداخلات النواب الفرنسيين، فإن الحكومة سوف تمرر ترسانة قمعية أشد من تلك التي اعتمدت في “الباتريوت آكت” الأمريكي، سوف تتخذ من العنف المنسوب للمسلمين ذريعة لتضييق الخناق على الأوروبيين، وعلى الحركة داخل فضاء شنغن.

لأجل ذلك، قد تسعد الحكومة الفرنسية بأي انفلات يطال الجالية المسلمة، ويدفع بها إلى العنف، فضلا عن كونه سوف يصرف النظر عن الفضائح التي بدأت تتفجر في وجه الحكومة والمصالح الأمنية، وبداية تصدع الرواية الرسمية، وظهور مواطن الكذب والتدليس فيها، وهو ما ينبغي للجالية المسلمة أن تتوقف عنده، وتبني عليه لتنظيم مقاومة عقلانية تكون أكثر إحراجا للمؤسسات الأمنية والقضائية الفرنسية.

فبوسع الجالية المسلمة في فرنسا أن تتأسس كطرف مدني، مع أو بالوكالة عن أسر المتهمين الثلاثة الذين اغتالهم الأمن الفرنسي في ظروف غامضة، بعد أن ألصق بهم تهمة جريمة ارتكبها طرف ثالث، وبين أيديهم شواهد وقرائن كثيرة من الرواية الرسمية نفسها، والتي سوف تبرئ لا محالة ساحة الأخوين كواشي وأحمدي كوليبالي، أو تنتهي على الأقل بإثبات تلاعب المخابرات الفرنسية أو الموساد الإسرائيلي بهؤلاء الشباب.

شريط الأحداث الموثق اليوم في المواقع الإعلامية الفرنسية والعالمية، وتصريحات المسئولين الفرنسيين، يسمح دون أدنى شك بتبرير رفع مثل هذه الدعوى، إما أمام محكمة فرنسية، أو أي محكمة أوروبية ذات الاختصاص، ولتكن تحت عنوان “القتل العمدي خارج القانون”، لأن ذلك ما حصل للشبان الثلاثة، إما قبل أو أثناء أو بعد انتهاء العملية.

ربما يكون جانب من الإعلام العالمي قد شعر بالحرج أمام أسطورة عثور الشرطة على بطاقة هوية أحد الأخوين في سيارة “سي 3”، وكان كثير من وسائل الإعلام والمحللين قد سخر من هذه الرواية، خاصة بعد أن أظهرت شرائط الفيديو مقدار حرفية الكوموندو، لكن بيت القصيد ليس هنا، بل هو في مكان آخر، وتحديدا في كشف جهات إعلامية عن أسماء الأخوين كواشي بعد 12 دقيقة من بداية تنفيذ عملية شارلي إيبدو، وعن ارتباط هذه المصادر الإعلامية بإسرائيل وبالموساد.

ما هو موثق، أن أول من نشر اسم الأخوين كواشي على أنهما من نفذ الهجوم على “شارلي إيبدو” هي ثلاثة أطراف:

الطرف الأول : وهو شخص معروف في الأوساط الإعلامية الفرنسية بقربه وتورطه في عمليات استخباراتية فرنسية وإسرائيلية، يدعى “جان بول ناي”، هو من نشر على حسابه بتويتر، ثم على بعض المواقع التي يملكها أو يشارك فيها، نبأ تعرف الشرطة الفرنسية على المنفذين في الساعة الحادية عشرة و42 دقيقة، أي بعد 12 دقيقة من بداية العملية.

ولمن يريد أن يعرف من هو “جان بول ناي” أحيله على ويكيبيديا، وما تم جرده لهذا الشخص من أدوار سابقة لصالح الاستخبارات الفرنسية، ومساهمته في انقلاب دبرته الاستخبارات الفرنسية في ساحل العاج، اعتقل على إثرها، وتدخلت الدبلوماسية الفرنسية لإطلاق سراحه بعد أكثر من سنة من الاعتقال.

الطرف الثاني الذي سرب وثائق أمنية فرنسية مزورة منسوبة للشرطة الفرنسية، تقول بتعرف الشرطة على الأخوين، ساعات طوال قبل أن تعلن الشرطة الفرنسية، يوم الأربعاء، في حدود الساعة السابعة مساء على عثورها على بطاقة الهوية، هو الموقع الإسرائيلي “جي أس أس نيوز”، وهو موقع إسرائيلي صرف، قد وطن موقعه بالصين، ويشتغل داخل الفضاء الفرنسي والأوروبي، وكان طوال يومي الأربعاء والثلاثاء الممول الأول للإعلام الفرنسي، وهو الذي كان وراء توجيه الإعلام الفرنسي المبكر نحو إلصاق التهمة بالأخوين كواشي وكوليبالي، ثم للجالية المسلمة.

الطرف الثالث هو التلفزيون الإسرائيلي “إي 24”، الذي شكل رابطة وصل بين موقع “جي إس إس نيوز” والفضائيات الفرنسية، وهو من كان صحفيوه موجودين دقائق قليلة بعد بداية العملية فوق أسطح عمارة مجاورة لعمارة “شارلي إيبدو”، وصور جزءا من الأشرطة التي أذيعت عن المنفذين، بعد خروجهما من “شارلي إيبدو”، وهما يرددان على ما يبدو عبارة “لقد انتقمنا للرسول”.

الأسئلة التي ينبغي أن توجه للشرطة الفرنسية ولوكيل الجمهورية المكلف بالملف، هي كالتالي:

واحد: كيف أمكن للشرطة الفرنسية، وقد عثرت على بطاقة الهوية كما تدعي، أن تذيع أسماء المشتبه بهما، في خرق واضح لقواعد العمل التي تتبعها جميع مصالح التحقيق في العالم؟

ثانيا: إذا كان قد تم التعرف على الأخوين من البطاقة المزعومة، فكيف تعرفت على كوليبالي، وهو كما رأينا ظل ملثما حتى في الصورة التي تظهر إعدامه في المتجر اليهودي؟

ثالثا: كيف أمكن لشخص مشبوه مثل “جون بول ناي” أن يتعرف على المتهمين بعد 12 دقيقة من بداية العملية؟

رابعا: من أين استقى الموقع الإسرائيلي “جي إس إس نيوز” معلوماته المبكرة حول الأخوين كواشي ساعات طوال قبل أن تعلن الشرطة عن عثور ها على بطاقة الهوية؟

خامسا: المطالبة بحصول أهل الشبان الثلاثة على جثث أبنائهم، وإخضاعها لتشريح تنفذه جهة محايدة، ليثبت على الأقل أنهم هم فعلا من نفذ؟

استدعاء هذه المصادر الثلاثة، والتحقيق معها حول الطرف الذي زودها بالمعلومة التي لم تكن بحوزة الشرطة الفرنسية نفسها، سوف يقود لا محالة إلى معرفة الجهة التي رعت العملية ونفذتها ثم ألصقتها بالمسلمين، وهل من الصدفة أن تكون الأطراف الثلاثة إما إسرائيلية صرفة مثل “جي إس إس نيوز” أو “إي 24”، أو قريبة من الموساد والاستخبارات الفرنسية مثل جون بول ناي، وهل جاءت الرواية الرسمية للتغذية على الطرف الحقيقي المنفذ أو المدبر كما حصل في أحداث 11 سبتمبر.

وما لم تقم السلطات القضائية الفرنسية بهذا التحقيق مع هذه الأطراف الثلاثة، فإنه يكون من حق جميع المسلمين في فرنسا، وفي العالم ،التشكيك في الرواية الرسمية، ثم الحق في اتهام الحكومة الفرنسية بـ“القتل العمدي خارج القانون” لشبان مسلمين، واتهام الحكومة الفرنسية والرئيس الفرنسي بالكذب الموصوف على الفرنسيين عموما، وعلى مواطنيه من المسلمين تحديدا.

وما لم تتحرك الجالية المسلمة في فرنسا وأوروبا، ومعها طائفة من الخبراء الأمنيين وخبراء القانون من الدول الإسلامية، مدعومين بحكوماتهم، فإن الحكومة الفرنسية لن تتردد في تركيب جريمة إرهابية أخرى تحت “راية إسلامية كاذبة”، لأنها قد دخلت مع حكم الاشتراكيين المتصهينين بالكامل في عملية ماكارثية واسعة، لا تريد فقط تطويع الجالية المسلمة، بل تهدف إلى تطويع الفرنسيين جميعا، وحملهم على القبول بتضييق غير مسبوق على حرياتهم، لأن هذا هو البرنامج الأصيل لمجموعة المجرمين المتحكمين اليوم في الحكومات الغربية، وقد فضحهم مؤخرا العسكري الأمريكي المتقاعد ورئيس منظمة “المتقاعدين اليوم” الأمريكية، خلال مداخلة مدوية له في المؤتمر المنعقد في دمشق حول الإرهاب، والذي شرح فيه كيف أصبحت الحكومة الأمريكية، إدارة وكونغرس، تحت إمرة جماعة من المجرمين المحترفين، على رأسهم الملياردير اليهودي الإسرائيلي، شيلدون آديلسون، الذي أنفق مليار دولار، كما قال، لشراء نصف أعضاء غرفتي النواب والشيوخ، حتى أصبح دميته السيناتور ماكين هو من يدير السياسة الخارجية الأمريكية، وقد ذكر السيد غوردون دوف أن أغلب الحكومات الغربية هي اليوم تحت إمرة هذه المجموعة الإجرامية العابرة للقارات.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 30 / 2180983

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حبيب راشدين   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2180983 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40