الأربعاء 4 شباط (فبراير) 2015

تخبط أمريكي وهوان عربي

الأربعاء 4 شباط (فبراير) 2015 par صالح عوض

تقف الادارة الامريكية على مفترق طرق في تعاملها مع التطورات الامنية والسياسية في بلاد العرب والمسلمين، واصبح واضحا امام صانع القرار الامريكي ان المسألة اكثر تعقيدا مما كان متوقعا.. وأن معالجتها لا تتم بالتزام طريقة معينة، فقد يلزم الامر الى تعديلات وتغييرات في الاستراتيجية والخطة تطرأ الحاجة اليها تجاوبا مع نتائج التطورات والتفاعلات الحاصلة..

ويزداد التخبط الامريكي حدة بفعل التطور الحاصل على الجبهة الروسية والصينية وامريكا اللاتينية، حيث لن يسلم الروس بإخراجهم من مسرح صناعة القرار الدولي وسيصرون على البقاء كقطب دولي، وهذا ما دفع هنري كيسنجر فيلسوف السياسة الامريكية الى القول بأنه ينبغي عدم إثارة الروس بالإيحاء لهم بأنهم خارج اللعبة الدولية.. والامر نفسه يثار على الجبهة الصينية، حيث يحاول الامريكان والغربيون فحص امكانية تدمير الاقتصاد الصيني أو احتوائه.. ولكن استمرار عجلة النمو في الاقتصاد الصيني في ظل انهيارات متتالية في الاقتصاد الراسمالي الامبريالي يعطي اشارات تزيد في الارتباك الغربي الأمريكي.

وبالنظر الى تفصيلات الاشتباك في بلادنا نرى ان السياسة الامريكية غير مستقرة على حال فبعد ان اصابها الاحباط من الاخوان المسلمين وتركتهم يواجهون مصيرهم في مصر وتونس وليبيا والبت عليهم دول الخليج وكادت تفتك بهم في تركيا لولا صرامة وعناد الرئيس التركي.. فهاهي تعود ولو من ابواب خلفية الى فتح علاقات عميقة معهم وتشجع اصدقاءها لفتح حوارات معهم، بدءا من المملكة السعودية وسواها.. ذلك لانها ترى في غيابهم استفرادا لدول اقليمية وتوجهات معينة بالتمدد في فراغ مذهل سببه غيابهم من الساحة.. فرغم ان امريكا تفتح حوارات في ملفات عديدة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وتغلف ذلك كله بأجواء من التهدئة والتفهم و تجميد الحصار في بعض جوانبه والتصدي لمحاولات الللوبي الصهيوني في الكونغرس، إلا أن هذا كله لا يتواصل على خط وحيد في السياسة الامريكية، إذ لن تقبل الادارة الامريكية بتنامي القوة الايرانية وتمدد النفوذ الايراني وتنامي الدور الإيراني على حساب قوى في المنطقة على راسها اسرائيل، من هنا تتحرك امريكا على خطين، الاول استحضار قوى سياسية اسلامية منظمة منافسة لايران وقادرة على التجييش والتعبئة في ظل عجز النظام العربي على تشكيل قوة سياسية او اجتماعية لمواجهة التمدد الايراني.. والخط الثاني: جر ايران للغوص عميقا في ملفات تعمل الادارة الامريكية على تعفينها كالملف العراقي والسوري واليمني وتحاول الايحاء بأن هناك دوائر للتقاطع بين السياستين في العراق ضد داعش وفي اليمن ضد القاعدة..وحقيقة الامر غير ذلك.. حقيقة الامر توفير كل الشروط اللازمة لإشعال الاشتباك طويلا وشاملا في المنطقة بين مكوناتها الطبيعية فيتحقق بذلك استمرار تفوق اسرائيل واستمرار سيطرة الأمريكان على مصادر الطاقة في المنطقة.. ولكن هذا من جهة ما ليس ضمانة حقيقية لنجاخ السياسة الامريكية في المنطقة بعد ان اصبحت كل القوى المحلية والدولية على ادراك بأن الامريكان لا يصلحوا ان يكونوا اصدقاء وحلفاء بل انتهازيين مجرمين قتلة يبيعون حلفاءهم وينكلون بعملائهم.. ومن هنا تدرك الادارة الامريكية انها مكروهة في المنطقة والانقلاب عليها وارد حتى من اصدقائها الامر الذي يعني امكانية تغييرات عميقة لصالح المنطقة..لكن من الواضح ان النظام العربي يعيش حالة هوان ومذلة امام الامريكان إلا انه ليس قدر الشعوب فمن يدري لعل ذلك كله بوابة التغيير العميق في السياسات لصالح الامة ومستقبلها.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165482

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165482 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010