الأحد 8 شباط (فبراير) 2015

مخيم بلاطة؛ اشتباكات ودلالات

الأحد 8 شباط (فبراير) 2015 par د. فايز أبو شمالة

رغم خطورتها، فإن الاشتباكات التي دارت في مخيم بلاطة لم تحظ بتغطية إعلامية تعكس دلالاتها السياسية والتنظمية، والسبب وفق تقديري يرجع إلى رغبة السلطة الفلسطينية في الإيحاء بأن الوضع الأمني في الضفة الغربية مستتب، ولا يوجد معارضه سياسية ولا معارضة مسلحة للقيادة التاريخية، وأن الأمر في المخيمات تحت سيطرة الأجهزة الأمنية.
ورغم خطورة الاشتباكات فإن معظم الفلسطينيين خارج منطقة نابلس لا يعرفون تفاصيل الأسماء التي تشتبك مع قوات الأمن في مخيم بلاطة، ولا يعرفون تفاصيل الأماكن التي تدور فيها الاشتباكات، ولكن معظم الفلسطينيين يعرفون أن حالة الغليان والرفض للسياسة الفلسطينية قد بلغت أشدها، وأن القيادة الفلسطينية قد وصلت سياسياً وأمنياً وتنظيمياً واقتصادياً إلى حائط السد الذي بدأت عنده تتكسر الأوهام، وتتكشف الأمور على حقيقتها المرة.
الاشتباكات المسلحة في مخيم بلاطة كشفت عن وجود سلاحين في الضفة الغربية، سلاح الأجهزة الأمنية التي مر عبر بوابة المخابرات الإسرائيلية، وتم رصده وترقيمه، وحساب عدد طلقاته، ليقابله سلاح فلسطيني لا تعرفه إسرائيل، ولا تحصي عدده، ولا تعرف مصدره، ولا تحفظ شكل الأشخاص الذين يحملونه، وهذا هو السلاح الذي سيقلب ظهر المجن، وسيغير وقع الضفة الغربية، وهو السلاح الذي تخشاه إسرائيل وتحرض على ضبطه، وتصفيته، ومحاصرته.
تصاعد الاشتباكات المسلحة في الضفة الغربية تفرض على الشعب الفلسطيني أن يحدد موقفاً منها، ولاسيما أن لنتائج هذه الاشتباكات تأثير مباشر على مجمل القضية الفلسطينية، وليس صحيحاً إدعاء البعض بأن ما يجري على أرض مخيم بلاطة هو شأن داخلي لتنظيم فتح، فطالما كان القرار السياسي الفلسطيني محكوماً بقبضة حركة فتح، فإن أي أحداث داخلية للحركة ستؤثر على مجمل حياة الشعب الفلسطيني، ولنا بنتائج اتفاقية أوسلو التي قادت التوقيع عليها قيادة حركة فتح خير دليل على تأثيرها على مصير الشعب الفلسطيني بالسلب حتى يومنا هذا.
الاشتباكات المسلحة في الضفة الغربية تعكس رفضاً شعبياً عميقاً لمجمل السياسية التي حولت القضية الفلسطينية من قضية وطنية لها الصدارة إلى قضية إنسانية تتوسل الرواتب آخر الشهر، وتنتظر فرج المفاوضات مع الإسرائيليين، ولا تحرك ساكناً إزاء توسع المستوطنات واعتداءات المستوطنين، ولا تغضب لما يجري من تهويد للقدس، لذلك فإن أي ظاهرة تمرد ومواجهة واشتباك مسلح مع الأجهزة الأمنية هي بشرى خير للشعب الفلسطيني، ورسالة اطمئنان على المستقبل، تؤكد بأن شباب الضفة الغربية لن يستكين، ولن ينهزم أما مغريات الحياة المادية، وأن الأمل معقود على هؤلاء الرجال في تحالفاتهم مع كل الشرفاء، لخلق واقع فلسطيني جديد، قادر على تكسير أرجل طاولة المفاوضات، وتهشيم كراسي الخشب المسندة، قبل زجر أولئك الذين ظنوا أنهم أسياد المرحلة إلى أبد الآبدين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 51 / 2181008

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز ابو شمالة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2181008 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40