الثلاثاء 24 شباط (فبراير) 2015

منهجان لا يلتقيان

الثلاثاء 24 شباط (فبراير) 2015 par صالح عوض

لاشيء يمكّن للاستعمار وقواه المتعددة من أوضاعنا كما تفعل الفرقة والتنازع بيننا وعمل البعض لاصطدام مكونات أمتنا.. ولا شيء يُحبط طموحنا ويُفشل عزائمنا كما هو التنابز والانشطار في انشقاقات بأسوار لا يبنيها إلا الجهل؛ فمنذ زمن البشرية الأول تتكثف قوى الخير والفضيلة والحق والعطاء في أشخاص ومجموعات وشعوب وأمم كما تتكثف قيم الشر والانفصام والتخريب في أشخاص ومجموعات وشعوب.. ذلك لأن منهجين توزعا هذين الصنفين من التنوع.. أجل إنهما لا يلتقيان مهما حاولا التقارب وصياغة الاتفاقيات بينهما وصناعة الكلمات المناسبة، ذلك لأن أحدهما قائم على قاعدة لمّ الشمل والتكامل والتعاون، وأما الثاني فهو قائم على الأنانية والتخريب وإفساد ذات البين.. يرى الأول في التكامل والتوحد فرصته في الإفلات من الشرور والمآزق والفتن ويرى الآخر في تخريب علاقات الناس والشعوب فرصته في التعيش والكسب.

هذه قواعد تحكم سلوك الأشخاص كما تحكم سلوك الدول والمؤسسات.. وفي وطننا العربي وعالمنا الإسلامي نرى نماذج عديدة على صعيد الأشخاص والمجموعات والأحزاب والدول لكلا النموذجين ولا يمكن تفسير سلوك كل منهما بعيدا عن فهم ما يستند إليه من قيم ومفاهيم.

في الأسرة الواحدة والبلد الواحد والدولة الواحدة تتجلى أهمية الدعوة إلى منهج الخير والتكامل والفضيلة والتعاون، وهذا يستدعي تفهما مشتركا لما يمثل العوامل الأساسية التي تحفظ الوحدة وتنظم الطاقة وتدفع بالمجموع للإنتاج والعمل النافع.. وهذا يعني بوضوح تصغير الثانويات وتعظيم الجوهري وتأجيل نقاط الاختلاف للزمن ولأهل الاختصاص وعدم السماح لمن هب ودب بالخوض في ما ينغص على المجموع وحدته.

ومن هنا بالضبط كان توحيد أهل البلد وأركان المجتمع وشعوب الأمة باجتهاداتها عملٌ يتقدم على الصلاة والصيام في غير المفروضة.. ومن هنا نفهم أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وآيات القرآن الكريم في ميدان الوحدة والتعاون والتساند والتواد والتماسك ودرء الفتن وترك الجاهلية والتنازع.

تتكشف المخاطر بسرعة في السياسة الآن، حيث تطورت الهجمة الاستعمارية علينا فبعد أن تأكد المستعمرون أن هجوماتهم المباشرة بجنودهم وآلياتهم وراياتهم لا تستطيع الاستقرار في بلداننا مهما كانت غلبة السلاح لهم، وقد أدرك المستعمرون أن هجماتهم المباشرة ضد أي إقليم من أقاليمنا إنما هي إعلانٌ مجدد لتوحيد الأمة حول ضرورة إسناد المقاومة في ذلك الإقليم.. وتظل تلك المعركة عنصر توحيد ويقظة لدى مثقفي الأمة وشعوبها.. من هنا انتقل الاستعماريون إلى مرحلة جديدة.. إنها الحرب بالوكالة عنه.

هناك معيارٌ محدد واضح ومحدد، إنه وحدة الأمة والحرص على استقلالها وسيادتها والتعاون بين مكوناتها ومواجهة أعدائها الاستعماريين والعمل بكل طاقة للاستفادة مما بين أيدينا للنهضة والاستقلال.. في مواجهة ذلك وعلى الضد منه، يقف المخربون لشعوبهم ولأمتهم والمرتبطون بأجندات الغربيين والمتورطون في فتن داخلية.. فليختر من شاء ما شاء..

أما الشرفاء الأحرار أبناء الأمة الأمناء، فإنهم لن يختاروا منهجا سوى منهج توحيد الأمة وشعوبها وتعاونها وتكاملها ومطاردة أعدائها الاستعماريين وقطع أيديهم عن ثرواتها وخيراتها.. الشرفاء الأحرار من أبناء الأمة سيتصدّون لمنهج التخريب والتفتيت والتجزئة والتبعية.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 46 / 2165561

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

2165561 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 32


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010