الخميس 26 شباط (فبراير) 2015

لو كانت منظمة التحرير هي المهددة؟

الخميس 26 شباط (فبراير) 2015 par د.احمد جميل عزم

إذا كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري، يحذر من أنّ استمرار قطع الأموال المستحقة للفلسطينيين من عائدات ضرائبهم، وعدم وجود بدائل، قد يؤديان إلى انهيار السلطة الفلسطينية، فيما تشير مصادر قيادية فلسطينية إلى أنّه في اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الأسبوع المقبل سيجري بحث وقف التنسيق الأمني؛ فإن اللافت أنّ جميع الحديث عن “السلطة” وحلها يصب في إطار التحذير بشأن دورها الوظيفي الأمني والمالي الحياتي، ولا يوجد من يتوقف عند أهميةٍ وطنية أو استراتيجية تذكر للسلطة.
يقول كيري: “إذا انتفى وجود السلطة الفلسطينية أو توقف التعاون الأمني (مع إسرائيل)، أو تقرر حلها، نتيجة للمعاناة الاقتصادية، وهذا يمكن أن يحدث قريباً إذا لم تتسلم عوائد إضافية، فقد نواجه أزمة أخرى ذات أثر كبير على الفلسطينيين والإسرائيليين”. وتوقع أن تكون لهذا نتائج أخرى في المنطقة.
فلسطينيا، فإنّ كل الحديث عن التنسيق الأمني ومستقبل “السلطة”، مرتبط بموضوع حجب العائدات الضريبية الفلسطينية. ويبدو أنّ التحذيرات السابقة من أنّ عدم استجابة المجتمع الدولي لطلب الفلسطينيين بتحديد موعد لوقف الاحتلال قد يؤدي إلى وقف التنسيق الأمني، تبخرت، فصار الموضوع محصوراً بالضرائب.
الأصل أنّ السلطة الفلسطينية هي أحد رموز بناء الكيانية الفلسطينية على الأرض الفلسطينية. لكن اللافت أنّ لا أحد، فلسطينياً أو عربياً، يتعامل مع “السلطة” باعتبارها حقاً موضوعا وطنيا يستحق الدفاع عنه.
وحتى تصبح الفكرة أوضح؛ فلنتخيل أنّ منظمة التحرير الفلسطينية هي التي كانت مهددة بالحل أو الإلغاء والمحاصرة، وأنّ هذا في زمن ماضٍ، فإنّ المتوقع حينها كان التفافا جماهيريا واسعا، وحراكا ضاغطا لحماية الكينونة الفلسطينية الوطنية.
ورغم أن منظمة التحرير في وضع بائس من حيث عدم فعاليتها وقِدم أطرها، وعدم تجديد أعضاء مؤسساتها وهيئاتها التمثيلية، كما عدم وجود ميثاق وطني فلسطيني حقيقي لها، إلا أنّه يبدو أن الشارع الفلسطيني عموماً لا يكترث بموضوع “السلطة”، ولديه بديل هو المنظمة.
لقد سئم الفلسطينيون الوضع الراهن وسياسية الحصار التي تعيشها “السلطة”، ومحاولة الإسرائيليين تحويل الأخيرة إلى عبء وقيد عليهم، وابتزازهم بواسطة حصارها وتجفيف مواردها المالية، بدلا من أن تكون (السلطة) رافعة وطنية للانتقال نحو الاستقلال والتحرر. ومنظمة التحرير موجودة، بغض النظر عن وضعيتها، وهي تشكل بالنسبة للفلسطينيين بديلا، وتذكرهم بزمن كان خطهم البياني الوطني في تصاعد، يقتربون أثناءه من الخلاص، بقيادة المنظمة. ومن هنا، لا تشكل “السلطة”، بوضعها الراهن، شيئا يخافون عليه بالدرجة التي تجعلها قضية حياة أو موت، كما كانت المنظمة.
في واقع الأمر، ونتيجة مناقشات متفرقة مع عدد من عناصر قيادية فلسطينية في المنظمة وفصائلها، يتضح لي أنّه حتى المستوى القيادي ليس تماماً ضد حل “السلطة”، وأنّهم يشعرون أنّ الوضع الراهن عبء، ولا بد من تغيير المسار وأدوات العمل. والبعض منهم كمن ينتظر المبرر، وينتظر من الإسرائيليين إنضاج الظرف الدولي لحل “السلطة”.
حُشِرَت السلطة الفلسطينية بدور وظيفي حياتي يومي، من دون أن تكون جزءا من عملية التحرر والاستقلال. ويريد الإسرائيليون أن يستغلوا هذا الدور الوظيفي لمنع منظمة التحرير والفلسطينيين من المطالبة بحقوقهم الوطنية. وبالتالي، يصبح الراتب والوظائف والحياة اليومية التي يُفترض أن يتحمل الاحتلال عبئها، عبئا يثقل كاهل الفلسطينيين؛ ليس على الصعيد الحياتي فقط، بل وتعرقل برنامجهم الوطني.
السؤال ليس ما إذا كان سيتم حل الأزمة المالية الراهنة للسلطة، وبالتالي التراجع عن الحديث عن تغيير مفهوم التنسيق الأمني، أو حتى الحديث عن مستقبل “السلطة”. السؤال هو: كيف لا تكون “السلطة”، ولا يكون الراتب، القيد الذي يُطبق على رقبة الفلسطيني، ويعرقل حراكه في اتجاه التحرر الوطني؟ وبالتالي، يكون السؤال: ما هي ضمانات عدم تكرار الأزمة الراهنة؟
عندما هاجم الإسرائيليون غزة، كان المطلب الشعبي، ومطلب المقاومة، ضمانات لوقف استمرار الحصار والعدوان. وللأسف، لم يتحقق هذا الهدف. والآن، فإنّ النظر إلى “السلطة”؛ سواء من حيث الاعتداء الإسرائيلي عليها أو دورها الوطني الاستراتيجي، هو ما يحتاج أن يناقشه المجلس المركزي الفلسطيني حقا، في إطار إصلاح منظمة التحرير ذاتها قبل أي شيء، لتكون الملجأ والبديل الجاهز دائماً.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2165611

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

2165611 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010