الجمعة 27 شباط (فبراير) 2015

فلسطين وثلاثة “جهاديين”

الجمعة 27 شباط (فبراير) 2015 par د.احمد جميل عزم

منذ نهاية السبعينيات، تطور مصطلح “جهادي” وليس “مجاهد”، كما تطور قبل ذلك مصطلح “إسلامي” وليس “مسلم”. والتقت سُبُلٌ مختلفة، منها الإخلاص للجهاد والإسلام، ومنها مخابرات عربية وغربية، لتصيغ ظاهرة “الجهادية السلفية”. ولم يكن الممثل الأميركي سلفستر ستالون بغائب عن ذلك، فقد كان أحد أجزاء فيلمه “رامبو” عن الأفغان وجهادهم. وعدا هذه الأسباب، هناك أسباب أخرى يمكن فهمها من سيرة ثلاثة “جهاديين” لهم علاقة بفلسطين: عبدالله عزّام، وممتاز دغمش، وفضل شاكر.
عزّام ابن سيلة الحارثية، شمال فلسطين، والمولود العام 1941، درس في كلية خضوري الزراعية، قبل التدريس في “إدر” جنوب الأردن. وكان ناشطاً وقياديّا في جماعة الإخوان المسلمين، وقاتل مع حركة “فتح” نهاية الستينيات، كما درّس في الجامعة الأردنية، واشتغل موظفاً في وزارة الأوقاف الأردنيّة. وذهب إلى جامعة الملك عبدالعزيز في جدّة، قبل أن يذهب إلى الجامعة الإسلامية في بيشاور قرب أفغانستان، ويصبح رمزاً للجهادية العالمية.
أمّا دغمش، فهو ضابط الأمن الوقائي السابق، زمن حكم “فتح” لغزة، حين كان محمد دحلان رئيساً لهذا الجهاز. والقصص والأساطير حوله كثيرة، آخرها إعلان الإعلام المصري قبل أيام أنه قُتل، وأنّه وراء عمليات كثيرة وقعت في مصر، تماماً كما قيل إنّه وراء مقتل موسى عرفات، المسؤول الأمني الفلسطيني الرفيع العام 2005. ومن الألغاز؛ هل انضم لحركة حماس بعد الأمن الوقائي، ولتنظيمات مختلفة؟ والثابت أنّه قاد وأسس تنظيم “جيش الإسلام” السلفي الجهادي، الذي شارك مع “حماس” في عملية اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، قبل أن تواجهه “حماس” يوم وصلت السلطة، هو وعائلته وتنظيمه، بالقوة لتحرير صحفي أجنبي اختطفه. لكن دغمش بقي طليقا بعد هذا. وفي العام 2011، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية قرارا بمصادرة أي أملاك له تحت السيطرة الأميركية، ومنع أي أميركي من التعامل معه، وهو قرار روتيني لا يعني أنّ له شيئا في أميركا. واللغز أنّ مصر تلاحقه، لكن لم نسمع أنّها طلبت من “حماس” تسليمه، ولم نعرف ما إذا كان طليقاً أم ملاحقاً.
أمّا فضل شاكر المغني الرومانسي السابق، فليس فلسطينياً، لكنه تربى قريباً من مخيم عين الحلوة. وقال وهو يتحول للسلفية الجهادية العام 2012 إنّه لبناني تربى في المخيم، وغنى على أسطح بيوته. وناشدَ الرئيس محمود عبّاس منحه الجنسية الفلسطينية، وقد منحه إياها فعلا حينها. ولكنه انضم بعدها للقتال المسلح ضد حزب الله والشيعة في لبنان. ونهاية العام الماضي، ظهر شاكر في مقابلة صحفية من مخيم عين الحلوة، له لحية ويلبس “تي شيرت” من ماركة عالمية رياضية مشهورة، ويقول: “أنا بدايتي من هذا المخيم. ما خليت سطح بالمخيم إلا وغنيت فيه”.
عندما يطلب فضل جنسية وهو على طريق السلفية، فهو لا يدرك معنى فعله؛ لأنّ الجنسية الوطنية لا تتناغم مع السلفية، وبما يؤكد اضطراب حالته النفسية. وهو يبرر أنّ تحوله مرتبط باستهداف أصدقائه وأقاربه من أجهزة أمن لبنانية تخضع لمنظومات طائفية -غير سُنّية- كما يقول. هل هو مطارد، أم أنّ حمله السلاح انتهى ويتم غض النظر عنه؟
لا أستغرب أن يقول قارئٌ لهذه الأسطر: ماذا يريد هذا الكاتب؟ ما هذه التوليفة ممن بدأوا أو تناقلوا بين الهم و“التعتير” والشتات الفلسطيني، إلى “الجهادية”، و/ أو الإرهاب أحياناً؛ ومن قرب السلطة والأنظمة، إلى القتال في أنحاء مختلفة؟
أردت أن أعرف كيف يصلون لهذه الجبهات؟ وكيف ترك عزّام طريق مرج بني عامر إلى “تورا بورا”، ويترك دغمش بحر غزة إلى خطف الصحفيين وأمور أخرى، ويترك فضل شاكر النغمة الشجية إلى الحديث في التلفزيون عن “تفطيس” خصومه اللبنانيين!
ممتاز لغز، وفضل لغز، ويبقى عزام ومقتله العام 1989، في انفجار لغم تحت سيارته، لغزاً. وتتكشف الآن تفاصيل عن عودة عزام للعمل الفلسطيني آخر سنوات حياته. ويقول البعض إنّه ما كان ليوافق على تحولات السلفية الجهادية وتنظيم “القاعدة” نحو الإرهاب، وأن هذا ليس ما أراد.
الأكثر أهمية من ذهاب هؤلاء، هو السؤال: كيف لا يذهب سواهم؟ كيف يبقى الأمل معلقا ببوصلة تشير للقدس، وبعزف ناي على بحر الجليل، و“خبطة قدم هدّارة” حتى الوصول؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2178254

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع احمد جميل عزم   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178254 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40