السبت 28 شباط (فبراير) 2015

هل تسلّم مصر غزة لـ“داعش”؟

السبت 28 شباط (فبراير) 2015 par حسين لقرع

اذا صحّت الأنباء التي تتحدث عن قرب شنّ الجيش المصري غاراتٍ جوية على غزة، فإننا سنكون إزاء انحدار عربي غير مسبوق في التاريخ؛ فلقد كانت الجيوش العربية لا تدخل أجزاء من فلسطين إلا لمحاربة الاحتلال، ومحاولة تحرير الأرض والمقدّسات، أما الآن فقد يقصفها الجيشُ المصري بطيرانه أوّلاً، ثم يدخل غزة تالياً، بهدف إسقاط حكم حماس فقط، وليس لقتال العدوّ الذي أصبح صديقاً وحليفاً.

ويمكن فهمُ التهديدات التي يطلقها في الأيام الأخيرة إعلاميون مصريون من رؤوس الفتنة والحقد والدم، أمثال عكاشة الذي قال بكل صلفٍ وعجرفة: “اقرؤوا الفاتحة على حماس”، بمثابة تحضير للرأي العام المصري والعربي، لهذا العدوان العسكري الذي ينوي الجيشُ المصري القيام به في غزة، بذريعة الانتقام من حماس الإخوانية، التي تدعم “داعش” في سيناء، على حدّ زعم الانقلابيين. وبعد مرحلة التحضير، قد نشهد قريباً غاراتٍ جويةً مكثفة على غزة، تُتبع لاحقاً بغزو بري لإسقاط حماس، وإعادة القطاع إلى سلطة عباس.

بمعنى آخر، سنشهد الجيشَ المصري وهو يحاول إنجاز ما عجز عنه العدوّ الصهيوني في حروبه الثلاثة السابقة على غزة، برغم ما خلّفته من خسائر بشرية فادحة ودمار كبير، لاسيما حرب الصيف الماضي التي هدّمت فيها آلاف البيوت، وشرّد عشرات الآلاف من السكان، ليقيموا داخل خيم بلاستيكية، ومدارس الأونروا، وفي حاويات باردة في عز الشتاء، حتى إن رضيعة لا يتجاوز عمرها 40 يوماً توفيت مؤخراً من شدة البرد والصقيع، لتكون ضحية أخرى من ضحايا الحصار الجائر الذي يفرضه “الأشقاءُ” قبل الأعداء، منذ بضع سنوات.

والواضح أن الحصار الخانق لم يعد يشفي غليل النظام الانقلابي، فها هو يخطّط الآن لضرب القطاع بطيرانه، وغزوه لانجاز ما عجز عنه العدوّ الصهيوني، عوض أن يدخله ليتخذه منطلقاً لتحرير الأقصى، وكل فلسطين. أليس هذا من العلامات الصغرى للقيامة؟ نتمنى أن يثوب النظامُ الانقلابي إلى رشده، ويتوقف عن بغيه بحقّ المستضعفين من سكان غزة المحاصَرة، فذلك أسلم للطرفين، ولكنه قد يفعلها ويتورّط في شنّ حربٍ عليهم، ويُلحق بمصر وصمة عار أخرى لا تمحوها الأيام، دون أن يحقق ما يصبو إليه بالضرورة؛ إذ لا نعتقد أن الجيش الذي عجز منذ سنوات عن تصفية تنظيم محدود لا يتعدى عدد أفراده الألفين في سيناء، سيستطيع تحقيق إنجازٍ في غزة، عجز عنه جيشُ العدوّ خلال ثلاثة حروب مدمّرة.

إذا تخطى الجيشُ المصري حدوده ودخل القطاع، فالأرجح يُلقَّن درساً لن ينساه هذه المرة، إذا كان قد نسي درس اليمن في الستينات، أما إذا حقق مراده وأسقط حماس بنيّة تسليم غزة لعباس، الذي لا يستطيع حتى حكم الضفة إلا بمساعدة الاحتلال، فسيترحّم على الحركة طويلاً، ويعضّ أصابع الندم حينما تسقط غزة، في يد “داعش”، وتتوحّد مع “ولاية سيناء”، وتتحوّل إلى شوكةٍ في حلقه، المؤشرات الأولية المتوفرة، تؤكّد أن هذا التنظيم يتحيّن الفرصة للانقضاض على غزة، وقد يوفرها له النظام المصري، ويسلّمها له على طبق من ذهب، فتجني براقش على نفسها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2180870

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حسين لقرع   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2180870 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40