الخميس 12 آب (أغسطس) 2010

حزب (كاديما) «الإسرائيلي» واحتمالات دخول الائتلاف الحكومي

الخميس 12 آب (أغسطس) 2010 par علي بدوان

عاد رئيس الوزراء «الإسرائيلي» من زيارته الأخيرة لواشنطن حاملاً معه سلة من العطاءات السياسية وغير السياسية الأميركية الجديدة، والتي أعطته دفقاً مهمّاً بالنسبة للوضع الداخلي «الإسرائيلي» ولتحالفه الائتلافي ولعلاقاته مع المعارضة «الإسرائيلية» وخصوصاً منها مع حزب «كاديما» الذي يشكل الحزب الرئيسي للمعارضة «الإسرائيلية» الحالية.

فبعد حملة انتقادات واسعة تعرض لها نتنياهو وائتلافه الحكومي داخل «إسرائيل» من قبل المعارضة وحتى من قبل بعض أحزاب الائتلاف الحكومي، على خلفية ما اعتبره البعض في المعارضة من تراجع مكانة «إسرائيل» الدولية، خصوصاً بعد حادثة السفينة «مرمرة»، عاد نتنياهو من واشنطن بارتياح نسبي ملحوظ، وقد حقق تقدماً جيداً في إعادة ترتيب علاقات حكومته مع إدارة الرئيس أوباما، حيث انتهت الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء «الإسرائيلي» لواشنطن، بنتائج لافتة للانتباه، بعد حديث طويل عن وقوع خلافات وتباينات بينهما خلال الشهور الستة الماضية، وهي أحاديث بولغ بها من قبل البعض في الحالة الرسمية العربية.

فقد طغت الحميمية على لقاء بنيامين نتنياهو مع الرئيس باراك أوباما، وخرج اجتماعهما المشترك بنتائج متقدمة بالنسبة لبعض القضايا التي شكلت في الشهور الماضية عناوين استعصاء سياسي بينهما، وتحديدًا بالنسبة للجهود التي يبذلها المبعوث الأميركي جورج ميتشل في رعايته لـ «مفاوضات التقريب» غير المباشرة بين الطرفين الفلسطيني و«الإسرائيلي»، حيث ذهب أوباما في المؤتمر الصحافي المشترك مع نتنياهو للمطالبة بالانتقال للمفاوضات المباشرة قبل وقت كبير من انتهاء فترة تجميد الاستيطان دون أن يشير إلى إطار الحل النهائي الذي سيحكم هذه المفاوضات، وهو الأمر الذي يدعو إليه نتنياهو ليل نهار.

وزاد أوباما في طمأنة نتنياهو بالإعلان عن تفاهمات مشتركة بالنسبة للموضوع النووي «الإسرائيلي» هذه المرة، والتي صدرت عبر تصريح علني للرئيس أوباما بعد انتهاء اجتماعه مع نتنياهو وضمن بيان خاص صدر عن البيت الأبيض، فشكل خطوة كبيرة في مجال التستير والحماية الأميركية لـ (الغموض النووي «الإسرائيلي») وللبرنامج النووي لـ «تل أبيب» الذي ما زال حتى الآن يتمتع بصفة وميزة «طي الكتمان الشديد» منذ أن تم العمل على إقامته في خمسينيات القرن الماضي بإشراف فرنسي ما لبث أن تحول إلى إشراف أميركي خالص.

وقد برزت فجاجة الموقف الأميركي واضحة وصارخة في التفاهمات الأخيرة، عبر إعلان واشنطن التزامها بإحباط أي مشروع قرار دولي يلزم «إسرائيل» بالموافقة على مراقبة دولية على ملفها ومنشآتها النووية في منطقة ديمونا في صحراء النقب، فضلاً عن إقرار توسيع رقعة التعاون الأميركي مع «إسرائيل» في المجال النووي المدني وفقاً للمصادر الأميركية ذاتها، ومساعدة «إسرائيل» على إنتاج طاقة ذرية رغم رفضها التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي.

والأنكى من ذلك، أن الإدارة الأميركية تعهدت لنتنياهو باتخاذ موقف حازم إذا تم عقد مؤتمر دولي لنزع السلاح النووي وتحييده عن منطقة «الشرق الأوسط» بإبعاد «إسرائيل» عن الموضوع، إضافة لإدراج الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والصواريخ البالستية بعيدة المدى على جدول اعماله، في إشارة لاستهداف بعض الدول العربية وعلى رأسها سوريا.

وعلى ضوء هذه الحزمة أو السلة من الإغراءات والانجازات التي توج فيها نتنياهو زيارته لواشنطن، عاد إلى «تل أبيب» بنفس جديد، وبروحية جديدة، حيث كشفت مصادر سياسية موثوقة أن نتنياهو بات الآن بصدد إعادة ترتيب خريطة تحالفاته الداخلية، في مسعى لإعادة الحوار مع حزب «كاديما» لضمه لحكومته الائتلافية في حالة خروج حزب «إسرائيل بيتنا» من الائتلاف وهو الحزب الذي بات مزعجاً جدًّا لنتنياهو وحكومته الائتلافية بسبب من فجاجة سلوك زعيم الحزب المذكور ووزير خارجية «إسرائيل» أفيجدور ليبرمان، إضافة إلى إيلي يشاي رئيس حزب «شاس» للمتدينين الشرقيين، الذين يعارضون العملية التفاوضية غير المباشرة الجارية مع الطرف الفلسطيني، والرافضين لقيام أي شكل من أشكال الكيانية الفلسطينية حتى ولو كانت على أجزاء من الضفة الغربية وباقي قطاع غزة.

كما أن نتنياهو بات الآن يأخذ بالاعتبار احتمال أن إحالة أفيجدور ليبرمان للقضاء «الإسرائيلي» بتهمة الاحتيال وهو ما سيدخل حزب «إسرائيل بيتنا» في أزمة ستنعكس على الائتلاف الحكومي. كما يأخذ بالاعتبار احتمال تحقيق تقدم ولو بسيطاً في المفاوضات فينسلخ اليمين المتطرف عن ائتلافه كما يهدد أقطابه، وهو ما سيدخل الحكومة الائتلافية الحالية في أزمات جديدة، لذلك فإن نتنياهو يفضل أن يكون جاهزاً لكل احتمال.

وانطلاقاً من المعطى إياه، ذهبت بعض المصادر «الإسرائيلية» للقول بأن نتنياهو وافق على شرط حزب «كديما» أن يكون التحالف بينهما على أنقاض الائتلاف الحالي، أي إلغاء الخطوط العريضة للحكومة الحالية ووضع خطوط عريضة جديدة بين الحزبين الكبيرين، وبعد ذلك فتح الباب أمام أي حزب يريد الانضمام. وفي هذه الحالة يكون عدد وزراء حزبي «الليكود» و«كديما» متساوياً، ويمكن أن تتنازل تسيبي ليفني عن مطلبها الذي نادت به منذ إعلان نتائج انتخابات «الكنيست» بتداول منصب رئاسة الحكومة، لكنها تكون القائمة بأعمال رئيس الوزراء ووزيرة الخارجية وتتولى ملف المفاوضات مع الفلسطينيين.

وتقول مصادر «إسرائيلية» عبرت عن رأيها مباشرة وعبر الصحافة «الإسرائيلية»، بأن نتنياهو أرسل بالفعل فور عودته من واشنطن، كبار مساعديه لإدارة تفاوض جدي حول الموضوع مع تسيبي ليفني زعيمة حزب «كاديما»، في محادثات تناولت قضية توزيع المناصب الوزارية واحتمالاتها في الحكومة الائتلافية القادمة.

ومع ذلك، فإن بعض المراقبين يعتقدون بأن بنيامين نتنياهو بعيد عن وضع يجعله يفكك الائتلاف الحالي ويشكل ائتلافاً بديلاً مكانه، معتبرين أن مساعي نتنياهو الحالية لضم «كاديما» ليست سوى محاولة تضليل وتعمية، هدفها التظاهر أمام الأميركيين والمصريين والأوروبيين بأنه جاد في تغيير الأوضاع السياسية من جهة وتخدير حزب «كديما» كي لا يدير حملة سياسية ضده، في هذا الوقت بالذات، الذي تتحسن فيه العلاقات بينه وبين الرئيس الأميركي باراك أوباما. فهدف نتنياهو الحقيقي حسب رأي هذا الاتجاه من المراقبين في الداخل «الإسرائيلي» هو تضليل الرأي العام في الداخل والخارج وشل حركة المعارضة «الإسرائيلية».

أخيراً، إن الساحة السياسية «الإسرائيلية» عودتنا دوماً أن كل الاحتمالات تبقى مفتوحة في الخريطة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2178822

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2178822 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40