الأحد 15 آب (أغسطس) 2010

الانقلابات الفلسطينية والقنابل الدخانية!!

الأحد 15 آب (أغسطس) 2010 par حسن خليل

منذ سيطرت حركة «حماس» على الأوضاع في قطاع غزة يوم 14/6/2007 ونحن نسمع من خلال «التلفاز الفلسطيني»، وعلى ألسنة معظم المسؤولين في «السلطة الفلسطينية» تعبير الانقلابيين، أو حكومة «حماس» الانقلابية، أو ما شابه ذلك من الألفاظ التي قاسمها المشترك كلمة «الانقلاب».. والمدقق في كل ما جرى ويجري على ساحة العمل السياسي الفلسطيني داخل الوطن وفي المنافي يخرج بالظواهر أو الحقائق التالية :

1- خلال النصف الأول من شهر يونية/ حزيران 2007 بلغت الفوضى أوجها في قطاع غزة، حيث الصدامات الدامية، والاعتقالات والاغتيالات وعمليات السطو والاعتداء على الأجانب.. وأجمع المحللون على أن حركة «فتح» لديها ميليشيا تقدر بأكثر من عشرين ألف مسلح، وحوالي ثلاثين ألف مسلح ينتمون إلى الأجهزة الأمنية الرسمية (الشرطة - الأمن الوقائي - الحرس الرئاسي - المخابرات العامة والعسكرية - والأمن الوطني) وذلك كحدّ أدنى، في حين قدروا إمكانات حركة «حماس» بما يقارب عشرة آلاف من العناصر العقائدية، بالإضافة إلى القوة التنفيذية التي أضيفت إلى جهاز الشرطة.

ولقد أرادت القوة الخفية من خلال ذراعها المتطاولة أن تقضي على كل مظاهر الوفاق التي أثمرها «اتفاق مكة»، خاصة «حكومة الوحدة الوطنية»، ومشاركة كل القوى الفاعلة في كل مؤسسات «السلطة»، بحيث تنتفي عنها صفة الولاء لحزب واحد، ولون واحد، والتفرد بالقرار الوطني الفلسطيني، وأجمع المحللون في الداخل والخارج على أن نتيجة الصدام ستكون حتماً في صالح حركة «فتح» التي تمسك بكل زمام الأمور في مؤسسات «السلطة» وفي منظمة التحرير، لكن النتيجة التي صعقت الجميع دون استثناء هو أن الحسم العسكري كان إلى صالح حركة «حماس».. ومنذ تلك الساعة صارت «السلطة» في رام الله تستخدم مصطلح «الانقلاب العسكري» أو «سلطة حماس الانقلابية».

2- في المقابل قام «رئيس السلطة» محمود عبّاس بإقالة حكومة هنية التي تمثلت فيها الوحدة الوطنية بعد «اتفاق مكة»، وكلف د.سلام فياض بتشكيل حكومة تحل محل حكومة إسماعيل هنية، لكنها لم تنل ثقة المجلس التشريعي الفلسطيني، فقدمت استقالتها، وطلب منها «رئيس السلطة» مواصلة عملها تحت اسم حكومة تصريف الأعمال، وهذا كما صرح أبو الدستور الدكتور أحمد الخالدي عمل غير قانوني ومخالف للدستور؛ لأن من لم يحصل على الشرعية لا يجوز له أن يقوم بمهام الحكومة الشرعية.

وأصبحت حكومة تصريف الأعمال اللاشرعية تقوم بكل أعمال الحكومات الشرعية ومهامها، بتغطية أمريكية أوروبية عربية، وهذه أهم مصادر الحكم الدستوري في هذه الأيام، بدلاً من مرجعية المجلس التشريعي والدستور الفلسطيني، ويجب أن تضاف إلى مصادر الشرعيات التي تمخضت عنها الثورة الفرنسية ممثلة في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.. وصار العالم يتعامل مع حكومة فياض التي في عرف القانون تعد حكومة انقلابية، بينما حكومة هنية هي التي تحمل صفة حكومة تصريف الأعمال إلى أن تحل محلها حكومة تحظى بثقة السلطة التشريعية داخل الوطن.

3- قامت حركة «فتح» بالسيطرة التامة على كل مؤسسات منظمة التحرير، وأوصدت أبوابها في وجه حركتي «حماس» و«الجهاد» في مخالفة للنظام الأساسي والميثاق الوطني (القومي) الذي يعتبر كل فلسطيني عضواً في المنظمة والمؤسسات التابعة لها.. وجعلت المنظمة هي المرجعية لـ «السلطة الفلسطينية»، بعد أن كانت قد حاولت دفن المنظمة حية في ظل الرئيس القائد الشهيد ياسر عرفات الذي أفشل خطط هذه الزمرة المتآمرة على المنظمة وعلى كل شيء له صلة بالجهاد والمقاومة والتحرير، وأصبحت حركة «فتح» تستأثر بالاقتصاد الفلسطيني والتمثيل السياسي الفلسطيني.. وتفردت في تقرير مصير الشعب الفلسطيني وإمساكها بالقرار الفلسطيني.

4- جرت مسرحية بحضور ثلاثمئة عضو حملوا صفة عضو المجلس الوطني من أصل 750 عضواً، من خلالها تم التمديد إلى أجل غير مسمى لـ «رئيس السلطة»؛ ليصبح مثل غيره من رؤساء الدول المجاورة رئيساً إلى الأبد، وكما ذكر مستشاره السابق نبيل عمرو إنه سيظل رئيساً إلى الأبد.. بينما قررت المسرحية التمديد أيضاً للمجلس التشريعي الذي تسيطر حركة «حماس» على أغلبيته، لكن «سلطة» رام الله تمنع أعضاءه من الاجتماع، وأغلقت مقره أمام الجميع.

وصار عزام الأحمد رئيس كتلة «فتح» يقوم بمهام «رئيس المجلس التشريعي»، حتى لجنة الانتخابات نزعوا منها قرارها.. فها هي قد قررت القيام بانتخابات بلدية بأمر من «رئيس السلطة»، حتى إذا تأكد أن حركة «فتح» ممزقة الولاءات، لم تستطع أن تشكل لجنة واحدة من بين مئات اللجان البلدية أمر «رئيس الحكومة» إلغاء الانتخابات وتأجيلها إلى أجل غير مسمى، فلربما تستطيع حركة «فتح» لملمة صفوفها ودخول الانتخابات حتى لا تسيطر عليها فصائل اليسار (الجبهتان الشعبية والديمقراطية والنضال والحزب الشيوعي) والتي أغضبها القرار، ولجأت إلى محكمة العدل العليا.

بعد كل هذه الانقلابات.. ترى هل ستحل فلسطين اليوم محل الدول العربية جميعها في القيام بالانقلابات التي كانت تشهدها في النصف الثاني من القرن العشرين، وغابت عنها طويلاً؟ ونترك للقراء معرفة من يقف وراء كل هذه الانقلابات لمصلحة التفرد بالقرار السياسي الفلسطيني؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165372

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165372 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010