السبت 2 أيار (مايو) 2015

معنى “الحفاظ على تفوق “إسرائيل” العسكري”

السبت 2 أيار (مايو) 2015 par د. عصام نعمان

“إسرائيل” هي الدولة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط . تمتلك، على الأرجح، اكثر من 200 رأس نووي . ذلك، وحده، يجعلها الاقوى عسكرياً وتكنولوجياً بين دول المنطقة .
الولايات المتحدة تدرك هذه الحقيقة، لكنها تنكرها . الدليل؟ ما اعلنه اخيراً نائب الرئيس الامريكي جو بايدن بأن واشنطن ستقوم بإمداد “إسرائيل” بطائرات مقاتلة جديدة من طراز اف -35 “لمساعدتها على الحفاظ على تفوّقها العسكري في الشرق الاوسط” .
بايدن كشف ذلك في سياق كلمة ألقاها خلال حفل اقيم في واشنطن في مناسبة الذكرى ال 67 لما يسمى “استقلال” دولة “إسرائيل” . قيمة الطائرات ال 14 التي سيحصل عليها الكيان الصهيوني تربو على 3 مليارات/بلايين دولار ما يجعلها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك هذا النوع المتطور من الطائرات الأمريكية المقاتلة .
ما معنى “الحفاظ على تفوّق”إسرائيل" العسكري في الشرق الأوسط؟
كثيراً ما كان المسؤولون الأمريكيون يرددون بأن المقصود بذلك الحفاظ على تفوق “إسرائيل” على الدول العربية مجتمعة . لكن الدول العربية ليست “مجتمعة” ولا متفقة بل هي في حال شقاق وخصام، ويعاني معظمها حروباً أهلية واضطرابات أمنية ما يجعلها عاجزة عن التضامن فيما بينها، وبالتالي غير مؤهلة البتة لتشكيل تهديد جدي ل “إسرائيل” .
هل المقصود إيران؟
لو كانت إيران أقوى من “إسرائيل” لمَا كانت الولايات المتحدة تفاهمت معها بشأن برنامجها النووي . ثم، ألم يعلن الرئيس باراك أوباما، في سياق تأكيد التزام واشنطن صون أمن “إسرائيل”، استعداده لعقد معاهدة دفاع مشترك معها؟
أيّاً ما كان دافع الولايات المتحدة من وراء تزويدها “إسرائيل” طائرات “إف -35” وتبريرها ذلك ب يالحفاظ على تفوقها العسكري في المنطقة“، فإن ثمة نتيجة سياسية سرعان ما تتكشّف جرّاء ذلك وهي انها مظهر مزيدٍ من التصلب الصهيوني ورفضٍ لإعطاء الفلسطينيين ايّاً من حقوقهم ومطالبهم في المفاوضات، إذا كان أصلاً ثمة مفاوضات . ذلك ان بنيامين نتنياهو سيفسر هذه”الهدية" من أوباما بأنها تراجع عن ضغوطه السابقة عليه لوقف عمليات الاستيطان بغية تشجيع السلطة الفلسطينية على استئناف المفاوضات .
ليس أدل على أرجحية هذا التفسير من قيام دائرة أراضي “إسرائيل”، بإيعازِ من نتنياهو غداة اعلان بايدن عن “هدية” الطائرات، بنشر مناقصات (عطاءات) لإقامة 77 وحدة سكنية جديدة خارج “الخط الأخضر” في حي “نفيه يعقوب” وحي “بسجات زئيف” في القدس الشرقية .
تعقيباً على تكثيف الاستيطان في القدس، قالت حركة “السلام الآن” “الإسرائيلية” إن هذا اول اعلان من نوعه منذ الانتخابات “الإسرائيلية” التي جرت في منتصف مارس/آذار الماضي، وأشارت إلى أن نتنياهو يواصل نهجه الرامي إلى إحباط فرص السلام بدلاً من تغيير الاتجاه .
الهجمة الاستيطانية “الإسرائيلية” لا تقتصر على القدس والضفة الغربية بل شملت، بصيغة معدّلة، أراضي فلسطين 1948 أيضاً، أي داخل الكيان الصهيوني نفسه، ما أدى الى تعزيز موجة عداء واحتجاج واسعة على نتنياهو وفريقه اليميني المتطرف . فقد نظّم فلسطينيو عام ،1948 منتصفَ الأسبوع، إضراباً عاماً احتجاجاً على سياسة الحكومة اليمينية العنصرية التي تقوم بهدم البيوت العربية بدعوى انها غير مرخصة .
الإضراب العام دعت إليه “لجنة المتابعة العليا لشؤون العرب في”إسرائيل" التي تنضوي فيها جميع الأحزاب العربية، وشمل مؤسسات التعليم والمحلات التجارية في جميع المدن والبلدات والقرى الفلسطينية . وقد توّجت الإضراب تظاهرةٌ كبرى جرت لأول مرة في قلب تل أبيب، وليس الناصرة أو مدينة عربية أخرى كما جرت العادة، وذلك لإسماع صوت الجماهير الفلسطينية وإيصاله إلى الرأي العام في كل أنحاء العالم .
أما في قطاع غزة، فقد رأت حركة “حماس” أن تقرير الأمم المتحدة الذي حمّل الجيش “الإسرائيلي” مسؤولية شن سبع هجمات على مدارس تابعة لها أثناء الحرب على غزة الصيفَ الماضي، يشكّل دليلاً قاطعاً على ارتكاب “إسرائيل” جرائم حرب بحق المدنيين الفلسطينيين، ودعت مجلس الأمن الدولي إلى إدانتها وجلب قادة الاحتلال القتلة الى المحاكم الدولية" .
في الأمم المتحدة، تضغط السلطة الفلسطينية على الحكومة الفرنسية من أجل تضمين مشروع القرار الذي تنوي تقديمه إلى مجلس الأمن بخصوص القضية الفلسطينية جدولاً زمنياً لإنهاء الاحتلال وليس مشروعاً تفاوضياً جديداً . ذلك ان مشروع القرار الفرنسي يدعو الى عقد مؤتمر دولي للسلام من اجل التفاوض على “حل الدولتين”، وفي حال عدم التوصل الى اتفاق خلال سنتين، تعمل فرنسا ومعها الدول الأوروبية الحليفة على الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 .
وعود، ومفاوضات، وقرارات لفظية من مجلس الأمن لا تجد طريقها، منذ عام ،1948 إلى التنفيذ، فيبقى الاحتلال جاثماً على صدور الفلسطينيين . كل ذلك في زمن رديء لا يجد العرب متسعاً من الوقت في غمرة الحروب الأهلية الدائرة في مختلف اقطارهم من اجل نصرة شعب فلسطين المشرد تحت كل كوب والذي تهدد “إسرائيل” ما تبقى منه الرازح تحت نير احتلالها بمصادرة ما تبقّى من ارضه وبيوته بالاستيطان أو بالهدم بدعوى عدم ترخيصها!
ومع ذلك تشعر الولايات المتحدة بأن شعب فلسطين ما زال، على ما يبدو، يشكّل خطراً على “إسرائيل” ما يستدعي تزويدها مزيداً من الطائرات المتطورة “للحفاظ على تفوقها العسكري في الشرق الاوسط” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 61 / 2165848

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عصام نعمان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165848 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010