السبت 2 أيار (مايو) 2015

توقف ساعة المغاربة في زمن العرب

السبت 2 أيار (مايو) 2015 par حبيب راشدين

في الوقت الذي يشهد فيه المشرق العربي إعادة توزيع سريع للأوراق، ولوظائف الدول، وسيولة في إعادة بناء التحالفات الإقليمية والدولية، نتابع الوضع في دول المغرب العربي وهو ينتكس إلى الأسوإ، مع تفاقم حالة الجمود، وتخشب أنظمة الحكم فيه، هي التي تمنع الإقليم من مباشرة تسوية مشاكله البينية، وتحرمه من لعب أي دور في المستقبل المنظور داخل الفضاء العربي، يعطي معنى لحضورنا وإنفاقنا في الجامعة.

بداية التراجع كانت من ليبيا، حين وقفت دول الاتحاد موقف المتفرج من عدوان “النيتو”، الذي نفذ تحت غطاء عربي انتزعته دول الخليج بالقوة من الجامعة العربية، وفشل دول الاتحاد في بناء موقف موحد قبل وأثناء وبعد العدوان، وفشلها حتى يومنا هذا في صياغة حل مغاربي للأزمة، يجهض سيناريوهات التدخل العسكري الجاهزة، سواء من جهة مصر وبعض حلفائها في الخليج، أم من قبل الأوروبيين الذين يدبرون لحملة “نيتو” جديدة تحت غطاء محاربة “مهربي” الهجرة السرية.

الهوة بين دول الاتحاد ازدادت عمقا واتساعا، مع تسفل العلاقات الجزائرية المغربية، وانهيار سقف “علاقات الحد الأدنى” التي أدارها البلدان منذ غلق الحدود البرية بينهما، أضيفت إليها الأزمة الدبلوماسية المصطنعة الأخيرة بين الجزائر وموريتانيا، وتباين مواقف الدول الأربع حيال كثير من القضايا داخل الجامعة العربية، وفي علاقاتها مع أوروبا والولايات المتحدة.

والحال، فإن دول الاتحاد المغاربي، التي تشكل نصف جغرافيا العالم العربي، وثلث سكانه، واقتصاده الثاني، والقوة العسكرية الثانية فيه، لا تزن اليوم مثقال بعوضة في صناعة القرار العربي، وبات تمثيل دولنا داخل الجامعة العربية أقرب إلى ما يسمح به لجزر القمر والصومال، وسوف يتفاقم مع عودة المملكة السعودية القوية إلى الواجهة، وتفردها بمعية دول الخليج في صناعة القرار العربي.

ربما لم يلتفت قادة دول المغرب العربي إلى أن هذا الإقليم كان ولا يزال يعامل ضمن لعبة الأمم كجزء من العالم العربي، وأن طموحاته في أن يكون لاعبا أساسيا في إفريقيا قد وضع لها أكثر من خط أحمر أمريكي فرنسي، مع بنائهما المنهجي لحزام من الفوضى الخلاقة على امتداد دول شريط الساحل. وقد تابعنا الجهود الفرنسية الملحة لتعويق المساعي الجزائرية في أزمة مالي، فلا سبيل إلى التنكر لانتسابنا إلى الفضاء العربي بحجة وجود فرصة التعويض عنه بالفضاء الإفريقي، الذي ليس لنا فيه نصيب، لا في السياسة، ولا في الاقتصاد، وقد أهاننا الأشقاء الأفارقة حتى في لعبة كرة القدم.

وما لم تبادر دول المغرب العربي إلى ترميم سريع لعلاقاتها البينية بقدر من الشجاعة والعقلانية، وتقدير مغارم سياساتها الحمقاء الانتحارية، ثم تجتهد لبناء موقف مشترك من قضايا فضائها المغاربي أولا، ثم العربي في المقام الثاني، وتستعيد الموقع الذي يليق بوزنها ومقدراتها في صناعة القرار فيهما ، فإنها مرشحة لتكون مستقبلا محض ساحة مناورات في لعبة الأمم، يعبث بدلوها كما عبث بليبيا، أو تساق إلى مغامرات بينية، لا تزال الدول الغربية تحضن وترعى صاعقها الأكبر والأخطر في الصحراء الغربي لإشعال فتيله وقت الحاجة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 34 / 2165282

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع حبيب راشدين   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165282 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010