الثلاثاء 17 آب (أغسطس) 2010

كيف تلبّس بوش جسد أوباما وروحه

الثلاثاء 17 آب (أغسطس) 2010 par سعد محيو

يبدو أن لعنة جورج بوش ستواصل ملاحقة باراك أوباما طوال ولايته الحالية، وربما الثانية. فبعد أن تبخّرت شعارات التغيير التي وعد بها الرئيس الأمريكي العالم الإسلامي في اسطنبول والقاهرة، وعادت بالتالي كل توجهات بوش العنفية في أفغانستان وفلسطين والعراق، جاء دور قارة أمريكا اللاتينية التي ظنّ الكثيرون هناك أيضاً أن أوباما سيكون أكثر تفهماً لهمومهم واهتماماتهم.

نقطة الافتراق هنا كانت انقلاب هندوراس الذي فبركته ونفّذته الـ «سي . آي . إيه»، ثم دعمته إدارة أوباما، على الرغم من الأصوات القوية التي ارتفعت في منظمة الدول الأمريكية والأمم المتحدة مُطالبة بإعادة الرئيس الشرعي المُنتخب ديمقراطياً ميل زيلايا إلى منصبه.

هذا الموقف الأمريكي صبّ ماء مثلجاً فوق رؤوس الأمريكيين اللاتينيين «المعتدلين»، الذين راهنوا على أن أوباما الديمقراطي سيكون أكثر ديمقراطية مع القارة، وسيضع حداً للإطلالة الامبريالية البوشية عليها.

هؤلاء «المعتدلون»، الذين يُذكّرون إلى حد ما بـ «المعتدلين» عندنا في المنطقة العربية، لم يكونوا قصراً على البرازيليين والأرجنتينيين الذين يقفون على الحياد في المجابهة الراهنة بين واشنطن والدول «البوليفارية» (فنزويلا، الإكوادور، نيكاراغوا، بوليفيا، وكوبا)، بل شملوا أيضاً حلفاء وثيقين للغاية للولايات المتحدة كالمكسيكيين.

فقد أعرب الرئيس المكسيكي فيليب كالديرون عن خيبة أمله الكبيرة من الدعم الأمريكي للدكتاتورية الهندوراسية، وانضم إلى «المعتدلين» الآخرين في تشيلي والبرازيل في التنديد بقرار واشنطن تعزيز وجودها في خمس قواعد عسكرية في كولومبيا. وهو توّج كل ذلك باقتراح خطير أقرّته قمة كانكون في فبراير/ شباط الماضي : استبدال منظمة الدول الأمريكية بمنظمة جديدة للأمريكيتين تُستبعد منها الولايات المتحدة وكندا.

لماذا عجز أوباما عن تحقيق وعوده بإقامة علاقات جديدة مع أمريكا اللاتينية تستند إلى التفهّم والتفاهم، كما إلى الاعتراف بحق السكان الهنود الأصليين في الوصول إلى السلطة في العديد من دول القارة؟ ولماذا لم يستخدم موقعه كرئيس أسمر للإطلالة باحترام على الشعوب السمراء والحمراء المطالبة بحق تقرير المصير؟

لسببين :

الأول، أن المؤسسات لا الفرد، هي من تحكم سعيداً في الولايات المتحدة. وهذه المؤسسات لم يطرأ عليها أي تغيير منذ نهاية الحرب الباردة التي أمدّ الرئيس بوش في عمر سياساتها، والتي قسمت العالم بين «من هم معنا ومن هم ضدنا».

والثاني، أن إدارة أوباما لم تستطع ترويض ضباع الشركات الأمريكية العملاقة التي تعوّدت أن تأمر فتُطاع في نصف القارة الغربي، فانضم إليهم بدل أن ينقضّ عليهم.

والحصيلة : عودة روح المجابهة بين الولايات المتحدة والشعوب الأمريكية اللاتينية، بعد أن شعرت هذه الأخيرة بأن كل مبادرات خطب الود ومد اليد الأوبامية طوال السنتين الماضيتين كانت مجرد حلم ليلة صيف أو كوعد إبليس في الجنّة. وهذا إرث مؤسف لأول رئيس أسمر في تاريخ الولايات المتحدة، عُقدت عليه الآمال الكبيرة بأن يتمكّن من إسماع صوت هذه الشعوب في ردهات واشنطن وكواليسها بدل أن يكون رجع صدى لصوت ومصالح قوى «الماكوورلد» في أمريكا اللاتينية.

أمريكا اللاتينية، إذاً، انضمت إلى جوقة الإحباط من أوباما في «الشرق الأوسط». وفي حال تمدد هذا الإحباط في نهاية المطاف إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي، سيكون جورج بوش قد تلبّس نهائياً جسم أوباما وروحه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 15 / 2165825

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165825 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010