السبت 20 حزيران (يونيو) 2015

من تدعم إسرائيل في المنطقة؟

السبت 20 حزيران (يونيو) 2015 par برهوم جرايسي

منذ بدء الأحداث في عدد من دول المنطقة، قبل ما يزيد على أربع سنوات، سعت إسرائيل إلى وضع نفسها في الواجهة، وأطلقت خطابات متنوعة ومتلونة، لتبث رسالة غير مباشرة، بأن لها دورا وموقفا مما يدور. وطيلة الوقت، استخدمت كل الأطراف المتنازعة، في جميع الحلبات المتفجرة، الخطاب الإسرائيلي لاتهام الآخر بالتعاون معها. لكن حقيقة الموقف الإسرائيلي، هو أن إسرائيل ترغب في ديمومة النيران المشتعلة في الحلبات كافة. وهذا ما استطعنا قراءته، كتأكيد جديد، في مقال مهم للرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي “الموساد”، أفرايم هليفي.
يُعد هليفي الرئيس الأبرز لجهاز “الموساد”. ورغم تركه المنصب قبل سنوات طوال، إلا أنه ما يزال شخصية يؤخذ برأيها وبتقييماتها الاستراتيجية. وهو كغيره من جنرالات الاحتياط، حريص في ما يقول، وغالبا ما يبث رسائل أجهزة إسرائيلية، ليست معنية ببثها مباشرة، لأغراض ما.
فقد نشر هليفي في صحيفة “يديعوت أحرنوت”، يوم الخميس 18 حزيران (يونيو) الحالي، مقالا حمل عنوان: “عدو صديق” (المقال مترجم كاملا في “الغد” في عدد اليوم التالي)، هو في جوهره يبث رسالتين: الأولى، أن كل الأطراف المتنازعة، في كل واحدة من حلبات المنطقة، هي عدوة لإسرائيل. والثانية، أن الصراعات الدائرة تُضعف كل واحد من الأعداء، وهذا بحد ذاته يخدم المصلحة الأمنية الإسرائيلية.
ويعطي هليفي مثالا بحركة حماس، إذ يقول: إن “حماس، مثلا، في وضعية حرب مع إسرائيل، بينما صراعها ضد منظمات أخرى في القطاع، لا تخضع لأمرتها، يخدم الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية”.
أما عن سورية، فيقول هليفي: إن “عدد اللاعبين غير الدول هناك أكبر: حزب الله، جبهة النصرة، القاعدة، داعش، الجيش السوري الحر، كل واحد من هؤلاء يُلحق خسائر بالأرواح لأعداء إسرائيل. ومجرد الصراع بين اللاعبين المختلفين يُضعف كل واحد منهم حيال إسرائيل. ويُحتمل أن ينشأ في الشمال أيضا عدو-صديق من بين اللاعبين”.
وهذا أيضا كان يسري على كل الدول العربية المشتعلة، ومن قبلها العراق. بلغة أخرى، فإن مصلحة إسرائيل تقتضي دعم كل ما من شأنه أن يحافظ على ديمومة النيران، وارتفاع اللهيب، لأن منطق العقلية الاسرائيلية يقول: “إن كل واحدة من هذه الحلبات تحتاج إلى سنوات طوال جدا حتى تحقق الاستقرار. وحتى ذلك الحين، تكون إسرائيل قد غيّرت الكثير من معادلات المستقبل”.
الأمر الأبرز عيانيا حصل في الأيام الأخيرة، بصدور أنباء تتحدث عن مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس، بهدف التوصل إلى هدنة لمدة خمس سنوات. وكان الرئيس الإسرائيلي رؤوفين رفلين، اليميني المتشدد، قد ألمح قبل نحو شهر إلى استعداد إسرائيل لمفاوضة “حماس” من أجل “إعادة إعمار القطاع”. ومقابل سيل التقارير، كانت ردود “حماس” متلعثمة ومتضاربة؛ فذاك من أعضائها ينفي، وآخر يقول لم نتسلم اقتراحات مكتوبة، بمعنى أنه تسلم اقتراحات شفهية، وآخر يُطلق تصريحا على نمط “كلا ولكن”.
لا حاجة لجهد كبير حتى نستخلص الاستنتاج الواحد والوحيد، وهو أن حكومة إسرائيل وأجهزتها، تسعى إلى تعميق الشرخ الفلسطيني، وتثبيت واقع “شعب برأسين”. وجيد أن شخصيات فلسطينية من فصائل عدة سارعت إلى إعلان هذا الاستنتاج والتحذير منه. لكن المقلق هو موقف “حماس”، الذي نستنتجه من سلسلة تصريحات قيادات الحركة، بمعنى الاستعداد لمفاوضة إسرائيل، كفصيل مسيطر بالقوة على قطاع غزة، وأنه ماض في مشروعه الانفصالي، وأن كل ما أعلنه في الماضي عن حل حكومته، والقبول بحكومة الوفاق، كان ضريبة كلامية، تتبدد على أرض الواقع فورا.
العقلية المسيطرة على سدة الحكم الإسرائيلي، الساعية إلى ديمومة اشتعال المنطقة، لا يقتنع بها جنرالات سابقون، من بينهم هليفي ذاته، ومثله إيهود باراك. فهما من دعاة استئناف المفاوضات والتوصل إلى حل للصراع. فأمثال هؤلاء يدركون أن الوضع القائم في الحلبة الفلسطينية لن يدوم، وأن الانفجار هو مسألة وقت. وهذا ما قاله باراك بوضوح قبل أسابيع قليلة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 38 / 2177743

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع برهوم جرايسي   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2177743 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40