الاثنين 13 تموز (يوليو) 2015

الشعب اليوناني يقول «لا» لأوروبا

الاثنين 13 تموز (يوليو) 2015 par علي بدوان

رَفض الشعب اليوناني لشروط الاتحاد الأوروبي بشأن التعامل مع أزمات اليونان الاقتصادية مؤشر على الرفض المتزايد لدى شعوب العالم لشروط التبعية الاقتصادية ولوصفات النظام الدولي المُعولم. فاليونان (وبعيداً عن توصيف الحكومة القائمة من ناحية) ضَرَبَت مثلاً على توظيف روح الديمقراطيه بسعي رئيس الوزراء للحصول على تفويض مباشر من الشعب اليوناني بشأن الأزمة الاقتصادية، وللمضي في صناعة الاستقلال الاقتصادي الذي سيحقق بالضرورة الاستقلال الوطني في شروط عصر العولمة بحصوله على مايفوق الـ 61 % من لا للتقشف والرضوخ لوصفات صندوق النقد بزيادة الأسعار وتخفيض الرواتب لسداد الديون وفرض المزيد من الضرائب على عامة الناسي والمجتمع. تجربة اليونان الأخيرة في الاستفتاء الشعبي على شروط الاتحاد الأوربي المُقدَمة لها، زاخرة بالدروس. فالدرس الأول البليغ هو التعاطي الحكومي في اليونان مع الغالبية العظمى من عامة الشعب ومع القاع الاجتماعي، بخيارات إستراتيجية وليس تجاهل رأي الناس والشارع بشأن القضايا الكبرى التي تَمِس الحياة اليومية لعموم المجتمع. والدرس الثاني البليغ أن القيادة التي تتعرض للضغوط الدولية تلجأ الى شعبها بكُلِ صدق وشفافية، لتبني موقفها على أساس المصلحة الوطنية العامة، وعلى قاعدة شعبية راسخة. فحين اشتد الضغط على الحكومة اليونانية المُنتخبة بشعارات واضحة ضد الخصخصة واجراءات التقشف لم تبحث تلك الحكومة عن مخارج لتخوّن شعاراتها، بل لجأت للشعب الذي تثق به ويثق بها، والآن ما من أحد يستطيع الطلب من قيادة ان تقفز على ارادة شعبها في بلدٍ يحترم خيارات شعبه الذي أعطى نسبة تفوق الستين بالمائة، فاليونانيون انتفضوا، في وضعٍ كانت فيه البنوك الكبرى تسلف اليونان بفوائد كبيرة وتلعب باقتصادها حتى وقعت الواقعة. وهنا جاءوا يقولون ان اليونانيين لا يحبون العمل، وان حالهم عائدة الى كسلهم.

والدرس الثالث البليغ، تَمَثَلَ بإقبال الشعب اليوناني على المشاركة في الاستفتاء بنسبة متقدمة، متفاعلاً مع الحديث دون أن يكون مُتفرجاً عليه، وهو مايعكس ثقافة متقدمة في هذا البلد من خلال وعي الناس لأهمية صندوق الاستفتاء في تقرير المصائر الكبرى لحال البلد. إن ماحدث في اليونان في الاستفتاء الأخير، زلزال في القارة الأوربية، يتوقع ان تكون له هزات ارتدادية كثيرة، وقد يكون محطة في اتجاهات تطور النظام العالمي. فهذه اليونان، مهد الفلسفة ومفهوم الديمقراطية نفسه، تقاوم. وليس على البنوك وصندوق النقد الدولي سوى العودة الى مفاوضات اقل عنجهية. وبالتالي فإن تبعات قادمة لابد وستواجه الحكومة اليونانية من أجل تمرير موقفها المستند لإرادة الناس أمام نظرائها من حكومات دول الاتحاد الأوربي، التي باتت خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة تدخل بشكل مباشر في مسار الأزمة الاقتصادية اليونانية.

أخيراً، لقد دخلت دخلت السوق الأوروبية المشتركة فيما كانت تتمتع بقطاع زراعي ناشط ومُنتج على المستوى الأوروبي، وبعد عامين من دخولها السوق تراجع هذا القطاع لدرجة كادت أن تقترب من الانهيار، وكذلك القطاعات الاقتصادية المنتجة وخاصة النسيج والخياطة التي تراجعت بقدرة السياسات والشروط التي فرضها الإنضمام، وكان يلاحظ أن الصناعات الجديدة التي أدخلت إلى اليونان كانت تلك التي رفضتها شعوب أوروبا الغربية لأنها تضر بالبيئة وصحة الإنسان فأصبحت اليونان وكأنها مَكب لتلك الصناعات، وهو ما زاد من استياء غالبية الأحزاب وقوى المجتمع المدني في البلاد من السياسات الأوربية على مستوى دول الاتحاد بالنسبة لليونان.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165440

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع علي بدوان   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165440 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010