الاثنين 13 تموز (يوليو) 2015

صعود مصر

الاثنين 13 تموز (يوليو) 2015 par هاشم عبد العزيز

كانت خواتيم أيام شهر يونيو/حزيران المنصرم كما لو أنها تنذر بأن الإرهاب هو الحاضر لا بجرائمه الممتدة بأكثر من قارة وحسب بل وبتواصل هذه الجرائم لأيام متتابعة.
هي جرت في ثلاث قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا ونفذت بتفجيرات ناسفة واعتداءات انتحارية واستهدفت مواقع سياحية ومنشآت صناعية ودور عبادة ونقاط عسكرية.
بدأت في منطقة سوسة السياحية التونسية وامتدت إلى فرنسا مستهدفة أحد مصانع الغاز.ووصلت إلى الكويت بتفجير داخل مسجد كان عامراً بالمصلين واختتمت في سينا ء المصرية بالاعتداء على الجيش المناط به مسؤولية تصفية بؤر الجماعات الإرهابية في هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية للأمن القومي المصري.
الجرائم لم تكن عشوائية.. هي استهدفت ركيزة الاقتصاد التونسي متمثلاً في السياحة، ووجهت ضربة جديدة للأمن الفرنسي في عدته وعتاده وتقصيره وغروره، أما في الكويت فقط فكانت الفتنة المذهبية والطائفية هي الهدف وهذا ما تقوم به هذه الجماعات في بلدان عربية عدة.
ولكن ماذا بشأن مصر؟
هنا لابد أن نتوقف أمام مسائل عدة ومنها:
✽ أولاً: إن مصر كانت من أولى البلدان التي تعرضت للإرهاب الممنهج الذي استهدف قطاع السياحة بأهميته الاقتصادية والحضارية، وبموجة من الاغتيالات التي استهدفت مسؤولين وبخاصة في الأجهزة الأمنية ونالت من حياة أعداد غير قليلة من العلماء والمفكرين ذوي العقول النيرة وهي تواجه الإرهاب الآن بجرائمه من اغتيالات سياسية وتخريب المنشآت والاعتداء على القوى الأمنية والقوات المسلحة.
✽ ثانياً: في ترابط مع جرائم سيناء الأخيرة كانت هناك محاولات لتفجيرات عديدة في القاهرة فشلت من قبل الأجهزة الأمنية.
✽ ثالثاً: لم تكن عملية سيناء الإرهابية الأخيرة قاصرة على استخدام أعداد من الإرهابيين والأسلحة ومنها الثقيلة بل كان الانفجار الإعلامي الذي بدا أنه معد سلفاً أكثر ضجيجاً، وفي فترة قياسية بدا هذا الإعلام كما لو أنه أنجز مهمته في رسم صورة واهية ووهمية ملامحها إلحاق هزيمة ساحقة بالجيش المصري في سيناء وفشل الحكومة في سياستها الأمنية وإجهاض انتفاضة 30 يونيو التي وضعت نهاية تاريخية لجماعة الإخوان المسلمين.
فماذا كانت الحقيقة؟
الحقيقة هي أن الجماعات الإرهابية أقدمت على عملية انتحارية في سيناء واستنفذت ما لديها من جماعات وآليات ومنها أسلحة غير عادية.
لقد تمكنت هذه الجماعة من أن تسجل إنجازاً إعلامياً استمر لدقائق قليلة ثم انهار بعد ذلك كل شيء مما جرى تسويقه، وجاء هذا من خلال الرد العسكري الحازم الذي حول الاحتفاء من قبل هذه الجماعة بإنجازها إلى مقبرة لأعداد غفيرة من أفرادها والأهم أن العديد من المراقبين وصفوا ما جرى ب«أفضل عملية إرهابية».
والقول هكذا يعود إلى أن هذه العملية كشفت هذه الجماعات بأعدادها وعتادها ومناطق تواجدها وهي ما كانت تعمل القوات المسلحة إلى بلوغه.
ولكن هل هذه هي القضية؟
في الراهن تبدو هذه القضية هي الأولوية المصرية وفي هذا الشأن يتبادر إلى الأذهان هذا التزامن بين الهجوم الإرهابي على نقاط عسكرية في سيناء ومحاولات تفجير سيارات مفخخة في القاهرة وبين ذكرى 30 يونيو التي مثلت انتفاضة الغضب الشعبي المصري ضد الإخوان المسلمين.
في الأساس تمكنت هذه الجماعة من التواجد في سيناء والتسلح من خلال دور الإخوان الذين أطلقوا قياداتها من السجون وأباحوا ليس سيناء وحدها بل مصر بكاملها لمن هب ودب لاختراق مصر كمقدمة لدخولها دوامة الفوضى الكاسحة لمكوناتها الوطنية والتاريخية.
لا أحد يرغب في مجرد توجيه الاتهام للإخوان المسلمين في مصر وارتباطهم بالإرهاب والعمليات الإرهابية الوحشية لكنهم هم أنفسهم يرفضون هذا المحذور الذي يقلل من شأنهم حسب اعتقادهم كما يبدو.
تؤكد كل الأدلة والمؤشرات علاقة «الإخوان» بما يسمى «جماعة بيت المقدس» تماماً مثلما هي العلاقة بين «داعش» وتركيا ثم بين «الاخوان» وتركيا؟.
هنا يمكن القول إن الأشقاء المصريين عليهم الإفصاح عن الأطراف التي تقف خلف الإرهاب بتنظيماته وجماعاته وأفراده لأن هذه هي البداية لفرز الغث من السمين.. من الذين يتحدثون عن محاربة الإرهاب بأصواتهم عالية لكن أياديهم طائلة لدعمه ورعايته واستخدامه.
إن اللعبة في هذا المجال جهنمية وهي سترتد على اللاعبين والمتلاعبين بهذه الدناءة والوحشية.
أما ما يمكن أن يقال لأردوغان وغيره هو هذه الحقيقة: لقد أسقطت مصر بصمودها في وجه العدوان الثلاثي عام 1956م تراتبية بريطانيا كدولة عظمى رقم واحد لتتنحى الى زوايا الظل لتصعد قوى عالمية أخرى.
ومصر اليوم تعيد ترتيب علاقاتها الدولية الجديدة بعيداً عن هيمنة أمريكا وتوابعها مثل تركيا وسواها لتكون الغلبة في الأخير للشعوب العربية من المحنة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165336

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع ارشيف المؤلفين  متابعة نشاط الموقع هاشم عبدالعزيز   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165336 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010