الخميس 13 آب (أغسطس) 2015

هجرة الكفاءات.. لا كرامة لنبي في وطنه!

الخميس 13 آب (أغسطس) 2015 par د. فايز رشيد

لعل عيسى عليه السلام كان أكثر من محق عندما قال جملته الشهيرة: "لا كرامة لنبي في وطنه، قومه!. في الواقع .. وعلى الأغلب... فإن الدوائر المحيطة بمطلق كفاءة عربية, هي آخر من يعي ويدرك حقيقتها! وفي الغالب وبعد موت صاحبها, فإن تلك الدوائر التي كانت قريبة منها, وانسجاماً مع الدوائر الأخرى البعيدة بالطبع, والتي تدرك تماما حقيقة تلك الكفاءات! أكثر من الأقربين.. تبدأ في تعديد مناقب الفقيد وتتحدث عن إبداعاته المختلفة ودوره. وإثباتا في تقديرها لدور الراحل.. ربما تمنحه الأوسمة والنياشين وغير ذلك من أدوات التكريم!
للعلم, الكفاءات نوعان: كفاءات لم يكن لأحد أن يسمع بها لولا انتمائها لهذه الحركة -الحزب- الجهة, التي كانت السبب والمسبب في توصيلها لما وصلت إليه, ولهذا تراها تسبق اسمها بالمنصب بحذافيره, وتحاول إخراجه بشكل جميل.. النوع الثاني, كفاءات... لم يكن لأحد فضل عليها, سوى سواعدها ! الأولى تكبر بمناصبها, أما الثانية فتكبرالمناصب بها, والفرق كبير بين الحالتين بالطبع.
في العادة ,هناك أعداء للنجاح من الإطارات الضيقة القريبة, للكفاءات المعنية, فبدلا من تشجيعها من قبل دوائرها.. يحاول البعض في تلك الدوائر!. ولأنني أدرك صدق وأهمية هذه القضايا ,التي نحسها ونعيها يوميا في وطننا العربي.. تراني أكتب عنها. الكاتب.. وفضاؤه في العادة, الحرية التي يسبح بها! ويُفترض فيه أيضا, الإيمان بحرية القارئ, تراه بالتالي دقيقا في استعمال تعبيراته, فالكتابة الصحفية هي أحد أشكال الوعي. الأخير بدوره هو انعكاس للواقع , بالتالي فإن المقالة السياسية هي تعبير عن هذا الواقع الذي تعيشه الجماهير العربية,هذا إلى جانب إشكالاتها الاجتماعية, الاقتصادية, السياسية والحياتية الأخرى والتي تعانيها يوميا, بالتالي فإن المقالات السياسية هي انعكاس للواقع القاسي حدود الألم, وصولا إلى الحزن في العالم العربي إن الحرية تتنافى مع الخضوع.
لذا, ووفق ما قاله المرحوم سعد الله ونوس (أحد عمالقة كتاب المسرح العربي الهادف) وبما معناه: إن حرية الكاتب لا تكتمل إلا بحرية القارئ, فحرية الأول هي نظرية, مجردة, وأقصى ما يمكن أن تبلغه: تغريد منفرد يقابله تصفيق العاجزين, لذلك لا تتحقق حرية الكاتب دون أن تتزامن مع حرية كل القرّاء. يبقى القول وفي هذا المجال, وبكلمات أخرى: أن الحرية الفردية لن تكون إلا ضمن الحرية الجماعية ,وهي حرية المجتمع كاملا. نعم... كم من كفاءة عربية وجدت إهمالا لها في بلدانها.. وبالتالي هاجرت ووصلت إلى مراتب عليا في الغرب؟ لقد تصاعدت وتائر الهجرة مؤخرا من الدول النامية بما فيها دولنا العربية، الآف يجوبون البحر وبتنظيم المهربين. ووفقا لمنظمة الهجرة الدولية سافر نحو 150 ألف مهاجر عبر البحر خلال الفترة من يناير وحتى بداية يوليو لهذا العام 2015.
لقد نشأت أحزاب شوفينية في الدول المهاجَر إليها, وتعمل على محاربة الأجانب المقيمين فيها، فكيف باللاجئين الجدد؟!أصبح من الصعوبة بمكان إعطاء الهاربين إلى هذه الدول, حق اللجوء إليها...هذا الذي يتم تحت مبررات عديدة. في كثير من الأحيان تقوم سلطات هذه البلدان بتسهيل هجرة جنسية معينة إليها. الحالة المحددة التي نقصدها هي: تسهيل هجرة الشباب الفلسطيني, سواء منهم من يعيشون في فلسطين أو الذين يقيمون في الشتات. هذه الهجرة تحديداً تتم من أجل أهدافٍ سياسية , فالذين يعيشون على الأراضي الفلسطينية يتم التسهيل لهم من أجل إفراغ فلسطين من العنصر الشبابي الحيوي.
أما الذين يقيمون في الشتات فيأتي بهدف: إنقاص عدد المطالبين بحق العودة إلى الأرض الفلسطينية. لذلك فإن سفارات وقنصليات الدول الغربية في رام الله وفي العديد من العواصم في البلدان الأخرى عربية وغيرها, تقدم التسهيلات والإغراءات للشباب الفلسطيني من أجل الهجرة.على هذه القاعدة هاجر عشرات الآلاف من فلسطينيي لبنان ,وفلسيطنيون من الأرض الفلسطينية المحتلة. وحتى اللحظة، فإن عشرات الآلاف من فلسطينيي سوريا تمكنوا من الوصول إلى هذه البلدان... ولا يزال موسم الهجرة مستمراً.
في أسباب الهجرة للشباب العربي إجمالا, والتي أخذت تتصاعد في الآونة الأخيرة, وبخاصة من العراق ولبنان وسوريا والدول العربية في شمال إفريقيا يمكن القول: بداية لو كانت الأوضاع في بلدان المهاجرين مستقرة بالمعنيين الاقتصادي والسياسي وبالضرورة الاجتماعية , لما حصلت الهجرة . فالبطالة بين الخريجين وضعف الرواتب إن وجدت الوظائف, وعجزها عن تلبية أهم القضايا الحياتية للشباب , كل هذه الظروف تدفعهم إلى الهجرة. في كثير من الأحيان.. يقدم الغرب تسهيلات كبيرة للكفاءات من الدول العربية, التي لا تقّدر كفاءة أبنائها، فيكون مستقرهم في البلدان الأجنبية! فما أكثر الكفاءات العربية في الطب والهندسة وحتى في علم الذرة وغيرها من التخصصات الأخرى , في الدول الغربية. لو وجدت هذه الكفاءات ظروفاً مماثلة للعمل في بلدانها , لاستقرت فيها. ولكن للأسف: فإن العديد من الدول العربية أصبحت طاردةً لأبنائها.بالمعنى السياسي فالحروب والأحداث الداخلية في هذا البلد العربي أو ذاك, هي بحد ذاتها عامل مساعد على هجرة الشباب منها.
بالنسبة لهجرة الفلسطينيين في الشتات, فإن وضع العراقيل أمام العمل للفلسطيني (فمثلاً في لبنان يُحظر على الفلسطيني العمل في (72) مهنة ووظيفة)،وهذا بحد ذاته دعوة إلى الهجرة، ولذلك ولأسباب أخرى أيضاً, فإن العديدين من الشباب والخريجيين الفلسطينيين, وعندما لا يجدون عملاً في هذه الدولة العربية أو تلك , فإنهم يُدفعون دفعاً إلى الهجرة، وبخاصة أن العائلات الفلسطينية في الشتات تعتمد في سد تكاليف متطلبات حياتها على رواتب أبنائها المتخرجين من الجامعات، بالفعل فإن الفلسطينيين ونتيجة لظروف وأسباب كثيرة يفتقدون إلى مصادر دخل أخرى, فأيضاً التملك للفلسطيني في العديد من الدول العربية غير مسموح به. هذا الواقع في العديد من الدول العربية للأسف يدعو إلى الحزن.. ونحن في زمن تسود فيه المقولة الجريئة:“لا كرامة لنبي في وطنه”!.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 46 / 2178384

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178384 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40