الخميس 10 أيلول (سبتمبر) 2015

عن «استقالة عباس» ومهرجان أيلول

الخميس 10 أيلول (سبتمبر) 2015 par عوني صادق

للفلسطينيين حصة في كل شهر من أشهر السنة، وكلها حصص كئيبة لم تحمل لهم يوما خبراً ساراً يتفاءلون به، أو حادثة يفرحون بها، إلا نادراً جداً، لكن شهر أيلول(سبتمبر) تميز في حمولاته الكئيبة وحوادثه غير المفرحة، وخصوصا منذ أيلول 1993 الذي أنزل فيه «اتفاق أوسلو» سيئ الذكر . وواضح أن أيلول هذا العام لن يشذ عن القاعدة، ولن يختلف عن أسلافه .

في هذا «الأيلول» سينعقد المجلس الوطني الفلسطيني في الظروف المعروفة والأوضاع الفلسطينية الموصوفة، وبالطرق المعهودة التي لم تكن يوماً غير سليمة وغير شرعية مثلما هي هذه المرة، وفي غياب شبه كامل لما يطلقون عليه «الشعب الفلسطيني» . ومع الدعوة لعقده، جدد الرئيس محمود عباس إعلانه عن نيته تقديم استقالته من كل مناصبه ! ومصادر كثيرة تقول إنه «جاد» هذه المرة ! ولأن أبومازن يحظى بالرضا من كل الأطراف تقريباً، غير الفلسطينية، فإن إعلانه حرك المستنقع الساكن على مدى العالم، بدءاً من الأمم المتحدة، وانتهاء ب«الشريك «الإسرائيلي»» مروراً براعية «عملية السلام» الميتة منذ سنين، الولايات المتحدة الأمريكية! أما العرب فليس من حاجة للتوقف عندهم، فهم في خبر كان !!

الفلسطينيون، بعض منهم (حماس والفصائل والمستقلون) انشغل بالتساؤل، وأيضا بالإجابة، عن مدى جدية الإعلان الرئاسي، وبعض آخر (من فتح) انشغل بتأكيد نية الرئيس الاستقالة، ونية القيادة منعه من تنفيذها ! وبطبيعة الحال، فإن هذه المسألة سيكون لها دور كبير في تمرير ما يراد تمريره في اجتماعات المجلس، سواء وقعت الاستقالة أو لم تقع ! لكنها ستأخذ، وأخذت منذ الآن، حيزاً من «الفيلم» الفلسطيني الطويل! ««الإسرائيليون»»، لم يتخلفوا عن المشاركة في العرض، صحافة ومسؤولين، فكتب المعلق الأمني في (يديعوت أحرونوت)، رون بن يشاي، مقالا أكد فيه أن الرئيس محمود عباس «جاد هذه المرة على غير العادة»، وأن «إسرائيل» تترقب المفاجآت»!

لذلك كان طبيعياً أن تتحرك أطراف عربية ودولية للاتصال مع الرئيس لمنعه من الاستقالة. كذلك قالت مصادر «إسرائيلية»، إن الحكومة ««الإسرائيلية»» تجري اتصالات مع الإدارة الأمريكية بهذا الخصوص، وإن الأجهزة الأمنية «الإسرائيلية» نصحت الحكومة بتقديم «مبادرة سياسية» جديدة «لإنقاذ الوضع الفلسطيني»، لأن انهياره سيحمل نتائج أمنية وسياسية خطيرة! لكن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يخشى أن تكون تهديدات عباس «لعبة» ! والوحيد الذي أعلن تمنياته بأن يكون عباس جاداً هو افيغدور ليبرمان، زعيم («إسرائيل» بيتنا)، لأنه يعتقد أن الرئيس الفلسطيني هو «العقبة الحقيقية في طريق التوصل إلى السلام»!! ويبدو أن الولايات المتحدة استجابت للاتصالات «الإسرائيلية»، وأجرى وزير الخارجية جون كيري اتصالاً مع الرئيس عباس هاتفياً. وذكرت مصادر مطلعة أن كيري طالبه بعدم الاستقالة «في هذه الفترة الصعبة» !

ومن عروض المهرجان أيضاً، ما تفعله دوماً منظمة الأمم المتحدة، و«اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط» المعنيتان أولاً بإحلال السلام في المنطقة. فمن جهة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، كلاً من مصر والأردن والسعودية وأمين الجامعة العربية نبيل العربي لحضور اجتماع «اللجنة الرباعية» الذي يفترض أن يعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 28 أيلول(سبتمبر) الجاري، «للبحث في سبل إحياء محادثات السلام» في إطار «مبادرة أوروبية» ! ومن جانبه، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دو جاريك، إن اجتماع «الرباعية» يأتي على خلفية قرار اتخذته اللجنة في اجتماعها الذي عقدته في شهر شباط (فبراير)الماضي. أما المفوضة العامة للاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، فقالت تعليقاً على ذلك: «نأمل أن تكون هذه بداية جديدة لعملية يمكن أن تؤدي إلى إدخال تحسينات على الأرض، وكذلك لإعادة فتح الباب أمام أفق سياسي للمفاوضات» !
وواضح أن دعوة الأمين العام واجتماع «اللجنة الرباعية» ومعهما «المبادرة الأوروبية»، ليست أكثر من استمرار لعمليات الضحك على ذقون الفلسطينيين (والعرب)، وكلام المسؤولين فيهما يدينهم ويفضح نواياهم. فما معنى أن يقول الأمين العام إن الغرض من الاجتماع هو «للبحث في سبل إحياء محادثات السلام»؟ وماذا كانوا يبحثون طوال السنوات الماضية؟! وما معنى أن تقول المفوضة الأوروبية إن الغرض هو «إعادة فتح الباب أم المفاوضات»؟ أي باب؟ إن الفشل الذي لحق بمبادرة وزير الخارجية الأمريكية الأخيرة، أكد أنه لم يكن هناك باب أصلاً. ولكن، لماذا لم لا تلاحظ الأمم المتحدة، ولا يلاحظ الاتحاد الأوروبي، وطبعاً لا تلاحظ أمريكا أن «الباب المغلق» مغلق بسبب السياسات «الإسرائيلية» التي تدوس كل القرارات والاقتراحات، وتغلق كل السبل والأبواب؟ كيف لا يرون أن سياسات الاستيطان والتهويد ومصادرة الأرض وحملات الاعتقال وجرائم القتل لا يمكن إلا أن تسد سبل أي مفاوضات، وأن المواقف الأمريكية والأوروبية كانت دائماً تمثل دعماً وتأييداً للسياسات «الإسرائيلية» المعادية للسلام وضد الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني! تلك المواقف التي شجعت الحكومات «الإسرائيلية» على احتقار القوانين والقرارات والمنظمات الدولية، فكيف والحالة هذه يمكن لأحد، أو لاجتماع، أن يفتح «الباب المغلق» منذ سنين ؟
وطبعاً سيختتم المهرجان بكلمة الرئيس و«مفاجآته» أمام الجمعية العامة، وسننتظرها بالتأكيد! ولكن لأن الشعب الفلسطيني غائب أو مغيب، أصبح «مهرجان أيلول السنوي» وسيلة لإثبات أن الأرض كروية، وأن العودة إلى النقطة التي بدأنا منها حتمية، منذ توقيع «اتفاق أوسلو» !



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2165300

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165300 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 24


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010