الأحد 22 آب (أغسطس) 2010

مأساة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان (3)

الأحد 22 آب (أغسطس) 2010

تعرضت مخيمات بيروت، مار الياس، مخيم شاتيلا، مخيم برج البراجنة وضبية لحروب أهلية ومحاولات تهجير ومجازر. في حين أصاب مخيمي تل الزعتر وجسر الباشا دمار كلي ولم يُعَدْ بناؤهما مجدداً.

مخيما تل الزعتر وجسر الباشا دمرا خلال الحرب الأهلية و«ضبيه» الوحيد في شرق بيروت

يقع مخيم تل الزعتر على بعد 6 كلم شرقي بيروت بالقرب من منطقة الدكوانة، وأقيم عام 1949 على مساحة تقدر 646،56 متر مربع .

لجأت عائلة محمود رعد من قرية الخالصة إلى منطقة خالية في الدكوانة مباشرة بعد نكبة 1948 ولحق بها تباعاً عائلات أخرى من القرية نفسها. ثم لجأ مختار قرية اللزازة في الجليل إلى تلك المنطقة وتبعه مواطنو القرية وأقاموا في المكان نفسه، إلا أن الدولة اللبنانية بالاتفاق مع الصليب الاحمر الدولي انشأت في موقع قريب من حرج ثابت مخيماً لايواء اللاجئين على أرض الوقف الماروني. وقد جرى نقل المقيمين في الدكوانة إلى تلك المنطقة حيث اقيم المخيم الذي عرف في ما بعد باسم تل الزعتر . ومن الطريف أن اللاجئين الاوائل في الدكوانة رفضوا الإقامة في البيوت التي باشرت الأونروا بانشائها حين تسلمت مهامها ومسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين وشيدوا بدلاً من البيوت أكواخاً من الصفيح في حين سكن اللاجئون من يافا وبعض قرى شمال فلسطين الأخرى في البيوت التي شيدتها الاونروا.

وسكان تل الزعتر يتحدرون من قرى شمال فلسطين، وعلى الأخص الخالصة واللزازة إضافة إلى بعض البدو الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في فترات اللجوء الأولى في منطقة المسلخ شرق بيروت، وجرى نقلهم إلى مخيم تل الزعتر عام 1956 على اثر انتشار دعاية عن وجود مرض فتاك بين البدو في منطقة المسلخ قيل إنه (الطاعون) قامت الدولة بنقلهم للسكن مع إخوانهم اللاجئين في تل الزعتر.

وقد جرى تدمير تل الزعتر تدميراً كاملاً على يد القوات اللبنانية وقتل المئات من سكانه وتشرد من بقي حياً منهم عام 1976 في خلال الحرب الأهلية اللبنانية.

[**جسر الباشا*]

لا يبعد مخيم جسر الباشا كثيراً عن مخيم تل الزعتر في شرق بيروت. تأسس عام 1952 على مساحة تبلغ 22،000 متر مربع وسكانه من الكاثوليك الفلسطينيين الذين قدموا من مدن حيفا وعكا ويافا، وكان سكان هذا المخيم قد اسكنوا في بداية الأمر في حرج العازارية في فرن الشباك وحين بيع الحرج الذي كان ملكاً لعائلة تقلا اللبنانية اضطرت الحكومة اللبنانية والاونروا لاستئجار قطعة أرض في جسر الباشا أقيم عليها المخيم عام ،1952 وقد تم تدمير المخيم تدميراً كاملاً عام 1976 خلال الحرب الأهلية اللبنانية وتشتت قاطنوه في أماكن متفرقة من بيروت شرقا وغرباً.

[**مار الياس*]

يعتبر مخيم مار الياس الأصغر بين المخيمات في لبنان وهو يغطي ما مساحته 5400 متر مربع وهو يقع الى الجنوب الغربي من بيروت تأسس عام 1952 من قبل رهبانية مار الياس لاسكان اللاجئين الفلسطينين الارثوذكس القادمين من الجليل شمال فلسطين.

معظم الرجال في هذا المخيم يعملون كعمال مياومين أو يديرون حوانيت صغيرة أو مكانيكيي سيارات، كما أن بعض النساء يعلمن في معامل خياطة وعاملات تنظيف.

يلاحظ في هذا المخيم ارتفاع نسبة الأمراض المزمنة مثل السكري والسرطان وضغط الدم كما أن هناك نحو خمسين مريضاً عقلياً.

يبلغ عدد السكان حسب سجلات الأونروا 1600 شخص في حين يسكن المخيم نحو ألفي شخص. ويوجد مركز صحي واحد للأونروا يستقبل نحو مئة مريض يومياً. وتوجد مدرستان متوسطة وابتدائية تضمان 595 تلميذاً.

اضافة إلى ما تقدمه الأونروا من خدمات فإن عدداً من المنظمات غير الحكومية مثل «بيت أطفال الصمود» و«جمعية الاغاثة النرويجية» و«جمعية أسر الشهداء» و«مؤسسة غسان كنفاني» و«جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني» تقدم خدمات مالية نقدية لعائلات الشهداء والأيتام والتدريب المهني للاجئين والمعاقين والأعمال اليدوية ورياض الأطفال.

ويشير أمين سر اللجنة الشعبية محمد عيسى إلى أبرز المشكلات التي يواجهها أهالي المخيم، وهي «أن مياه الشرب غير كافية، لأن شبكة المياه صارت مهترئة وبيوت كثيرة لا تصلها مياه البئر المحفورة في المخيم، ونحاول حالياً اصلاحها».

يصمت عيسى برهة، ثم يستطرد قائلاً : «يتحمل الأهالي مسؤولية أساسية في الموضوع، إذ نجد عدداً كبيراً يضع شفاطات على الخط الرئيس للشبكة ما يمنع وصول المياه إلى بيوت الآخرين، وهذا الموضوع نحاول حله مع الأهالي أنفسهم، ولكن لا حياة لمن تنادي. لا أحد يتفهم ومعظم الذين ينتهكون حقوق غيرهم بالحصول على مياه يمكن أن يكونوا ذوي حظوة عند قوى سياسية»!!

أما المشكلة الثانية فيعتقد عيسى أنها «مشكلة الكهرباء، إذ يتعرض التيار الكهربائي لانقطاع متواصل، ويعود ذلك إلى قيام أحد الأشخاص، والذي أظن أنه يحظى بحماية شركة الكهرباء وأحد الأطراف السياسية، إلى تركيب عدادات خاصة لبعض الأهالي وتأمين كميات أكبر من الكهرباء لهم مقارنة مع غيرهم. وهذا الشخص كان عضواً في اللجنة الشعبية، وفصل لأسباب عديدة. ويجني المعني أموالاً شهرية من الأهالي في حين أنه يمتنع عن دفع المتوجب عليه لشركة الكهرباء».

ويبدو محمد عيسى متشائماً من الوضع في مخيم مار الياس إذ يشير إلى قيام بعض الشباب بتشكيل تجمع باسم أهالي مار الياس على خلفية الخلاف السياسي الفلسطيني، ما يعيق وجود مرجعية واحدة لأهالي المخيم، وبالتالي فإن ذلك يمنع اللجنة الشعبية من القيام بواجباتها وفرض القانون والمساواة بين القاطنين في المخيم المذكور. ويزيد عيسى : لقد أكدنا على أن اللجنة تحرص على سلامة المخيم وأهله من خلال : السهر على استقراره، ومواكبة المستجدات، وحسن العلاقة مع الجوار ومتابعة الأحداث. وأننا لا نميز بين أبناء المخيم بناء على آرائهم، أو التزاماتهم، او انتماءاتهم العائلية، ومعاملة الجميع بمساواة، مستلهمين في ذلك المصلحة العامة للمخيم، بعيداً عن أي محسوبيات أو تمييز من أي نوع كان، واعتبار المخيم وحدة متكاملة لا تتجزأ. كما نبذل أقصى الجهود لتوفير أجود الخدمات للمخيم، ونحافظ على الاستقلالية والوقوف على مسافة واحدة من الفصائل السياسية كافة، ونبتعد عن مزج المصلحة الشخصية مع المصلحة العامة، وأضاف: والابتعاد عن أي نفع شخصي، مباشر أو غير مباشر، من المشاريع التي تنفذ في المخيم أو غير ذلك. ونحاول إشراك أبناء المخيم في قرارات الشأن العام ذات الواقع المستقبلي. ونعتمد الشفافية وسياسة الأبواب المفتوحة والعقول المنفتحة، والقلوب السمحة لكل رأي وجهد من أبناء المخيم . ونؤكد على الرسالة والرؤية التي اعتمدناها منذ بداية انطلاقنا باعتبار كل فرد في المخيم هو كادر في اللجنة الشعبية من أجل عدم هدر أي طاقة من طاقات أبناء مخيمنا. ونحاول المساهمة في التنمية التربوية والثقافية وتعزيز نشاطات دعم متدني التحصيل، ورعاية الناجحين خاصة الطلبة الجامعيين ومتابعة شؤونهم، ودعم نشاطات الهيئات والأفراد الثقافية والتربوية والاجتماعية الفاعلة في المخيم، وتفعيل حوار الأجيال لرفع كفاية المهارات. ونحاول الحفاظ على البيئة في المخيم من خلال تفعيل النشاطات لرفع الوعي الصحي والبيئي لدى سكان المخيم، والحرص على النظافة العامة في أرجاء المخيم وتفعيل النشاطات البيئية، وحملات النظافة والمياه المهدورة، وتأهيل الأحواض، وتشذيب الأشجار والأزهار المغروسة في المخيم.

[**شاتيلا وصبرا*]

يقع مخيم شاتيلا في جنوب بيروت بجوار مخيم صبرا وأسستهما اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العام 1949 ليؤوي المئات من اللاجئين الذين تدفقوا إلى المنطقة قادمين من الخليل في شمال فلسطين عام 1948.

تعرض المخيمان إلى العديد من الكوارث خلال الغزو «الإسرائيلي» للبنان عام 1982 وشهدا واحدة من أبشع المجازر في سبتمبر/ايلول من السنة نفسها على يد «إسرائيل» والقوات اللبنانية، وكذلك حرب المخيمات. وخلال سنوات الصراع في لبنان كان المخيمان عرضة لكثير من عمليات القصف والتدمير والحصار، ما أدى إلى تدمير الكثير من المنازل وتهجير الكثير من ساكنيه.

الأوضاع الصحية هي الأسوأ بين المخيمات، كما أن الكثافة السكانية فيهما تعتبر الأعلى نظراً لصغر مساحتهما، ومعظم السكان يعملون كأيد عاملة رخيصة أو يديرون حوانيت صغيرة.

يبلغ عدد السكان حسب سجلات الأونروا 7485 شخصاً إلا أن عدد المقيمين الفلسطينيين لا يتجاوز الـ 4 آلاف بسبب الهجرة إلى ألمانيا وأوروبا الشمالية، ويوجد مركز صحي واحد بمعدل 100 مريض يومياً، كما توجد مدرستان اعدادية وابتدائية بمعدل 1034 طالباً.

إضافة إلى خدمات الأونروا فإن عدداً من المنظمات غير الحكومية مثل النجدة الشعبية وبيت أطفال الصمود والإغاثة النرويجية Norwegian Peoples Aid وجمعية الهلال الأحمر الفلسطينية تقدم خدمات صحية ومساعدات مالية وتنظم أنشطة صيفية وتقيم رياض أطفال ومراكز إعادة التأهيل.

وتؤكد الناشطة الاجتماعية عبير قاسم أن عدد الفلسطينيين لا يتجاوز الـ 60% من عدد المقيمين. وأن الباقين ينتمون إلى الجنسيات اللبنانية، السورية، العراقية، المصرية، الكردية، السيريلانكية والبنغلادشية.

وتشير قاسم إلى المشكلات الكثيرة التي يعاني منها أهالي المخيم «لدينا عيادة واحدة للأونروا تستقبل أكثر من مئة شخص يومياً، وعليك أن تتصور كيف يمكن أن تكون المعالجة. مع التأكيد على غياب الأدوية المناسبة. وأن دوام العيادة يبدأ من السابعة صباحاً حتى الثانية ظهراً».

وتضيف قاسم : «على الرغم من وجود مدرسة ابتدائية ومتوسطة تضم أكثر من ألف طالب، فإنه لا توجد مساحات للعب الأطفال ما يزيد من عدوانيتهم وقضاء معظم أوقاتهم في الشوارع». والمشكلة الكبرى التي تطرحها قاسم تتعلق بعدم تفهم الأهالي لكيفية التعاطي مع أطفالهم.

وتزيد قاسم : «وإليكم ما يمكن رؤيته في شوارع المخيمين من نفايات وقاذورات تؤثر في صحة الأهالي، وكأنه لا يكفي الأهالي فقدان الأمن، فإن اللجنة الأمنية غير فعالة ولا ثقة للأهالي بالتنظيمات الفلسطينية المتواجدة فيه».

أما الإعلامي الفلسطيني حسن باكير فيؤكد أن أهم مشكلات المخيمين هو غياب المرجعية السياسية للمخيم، وتأثير الانقسام الفلسطيني على الوضع داخله، فهناك ثلاث لجان شعبية، وثلاث لجان أمنية، لكن القوى السياسية في وادٍ والأهالي في وادٍ آخر.

ويعود باكير بالتاريخ إلى ثمانينات القرن الماضي لتذكر مجزرة صبرا وشايلا التي نفذتها قوى لبنانية متعاملة مع الاحتلال «الإسرائيلي» وتأثيرها في الناس «تلك المجزرة التي أودت بحياة المئات من اللاجئين الفلسطينيين والمئات من اللبنانيين المقيمين حول المخيم، أثرت على نفسية الكثير، ما دفعهم للهجرة الكثيفة إلى ألمانيا وإلى أوروبا الشمالية، وهناك منطقة في ألمانيا سميت باسم مخيم شاتيلا تيمناً بالمخيم المذكور . كما أن بعضاً ممن عاشوا أيام المجزرة ما زالوا يتعاطون الأدوية المهدئة للأعصاب لمعالجة آثار المجزرة عليهم».

ويضيف باكير : «لم يقف الأمر عند هذا الحد ففي منتصف الثمانينات، تعرض المخيم إلى حرب جديدة، فقد حاصرته قوى ميليشياوية لبنانية خلال ما سمي بحرب المخيمات وأودت هذه الحرب بحياة المئات من أهالي المخيم الذين دفنوا في ساحة أحد الجوامع داخل المخيم، ومازال الأهالي يتذكرون تلك الأيام السوداء عند مرورهم بالمقبرة داخل مخيمهم».

ويختم باكير : «تحول مخيم شاتيلا إلى رمز للوجود الفلسطيني اللاجئ الذي لا هم لديه سوى العمل من أجل العودة إلى فلسطين».

ويعاني مخيم شاتيلا من انقطاع مياه الشرب، ومؤخراً بنت الأونروا خزاناً كبيراً وحفرت بئراً ارتوازية، إلا أن المياه التي تم سحبها من عمق 450 متراً تبيّن أنها غير صالحة للشرب او للاستعمال.

ويقول أحد المواطنين «حفرت منظمة التحرير الفلسطينية بئراً بالقرب من المدينة الرياضية قبل عام 1982، وتم اغلاقه بعد الاجتياح «الإسرائيلي»، ومنذ فترة وبعد موافقة بلدية بيروت تم ترميم البئر إلا أن شخصين من أهل المخيم وضعا أيديهما عليه ويقومان ببيع المياه ويرفضان مد المخيم بمياه الشرب إلا بعد أن يستعيدا المبالغ التي دفعاها لترميم البئر مع أنهما وخلال العام الفائت استطاعا جباية أموال أكثر بكثير مما دفعاه لترميم البئر». ولمخيم شاتيلا تاريخ حافل من الانتهاكات التي لاحقت أهله منذ 1948 وحتى الآن.

[**برج البراجنة*]

يقع مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية من بيروت بالقرب من مطار بيروت الدولي. وقد بني من قبل رابطة جمعيات الصليب الأحمر عام 1948 Leaguc OF Red Cross Societies ليقيم فيه لاجئون فلسطينون قدموا من قرى الجليل، وخاصة الكويكات وشعب.

وقد تعرض المخيم عبر سنوات الحروب في لبنان إلى تدمير كبير وتهجير طال نحو ربع سكانه.

يبلغ عدد سكان المخيم حسب سجلات الاونروا 16923 شخصاً إلا أن عدد المقيمين فيه يزيد عن 20 ألف شخص. وفي المخيم مركز صحي واحد للأونروا يستقبل نحو 200 مريض يومياً .

وهناك في المخيم 7 مدارس اعدادية وابتدائية ومدرسة ثانوية واحدة تضم 3410 طلاب.

وفي المخيم مركز تدريب للنساء باشراف الأونروا. وتقدم المنظمات غير الحكومية العاملة في المخيم خدمات تدريبية وصحية واستشفاء ورياض أطفال. والجمعيات هي : جمعية أسر الشهداء الفلسطينية، مؤسسة غسان كنفاني، جمعية النجدة، جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني واتحاد المرأة الفلسطينية.

وفي المخيم مركزان للعناية بالمسنين والمسنات، الأول تابع للجمعية الخيرية للمرأة الفلسطينية والثاني للأونروا، حيث يتم استقبال المسنين وتنظيم نشاط متنوع لهم وإقامة عشاء قروي سنوياً تطبخ فيه المسنات الأكل الشعبي الفلسطيني.

وقد شهد المخيم في نهاية الثمانينات هجرة واسعة إلى دول أوروبا الشمالية خصوصاً بعد تعرض مخيمات بيروت للحصار وتدمير أطرافها وحصد عدد من أرواح أهاليها.

وتلعب تحويلات المهاجرين إلى أوروبا دوراً أساسياً في مداخيل أهالي المخيم، ويمكن ملاحظة ذلك من خلال أشهر الصيف حين يشهد المخيم اكتظاظاً شديداً وتبدأ ورش الإعمار ببناء منازل جديدة للجيل الجديد اعتماداً على تقديمات المهاجرين.

ويؤكد عضو لجنة المتابعة العليا للجان الشعبية ناصر الأسعد أن انقطاع التيار الكهربائي الدائم في المخيم يشكل مشكلة أساسية «ولما كان المخيم يتغذى من أكثر من محطة، فنلاحظ قيام البعض بربط عداده بأكثر من خط كهربائي ما يؤدي إلى عدم التوزيع العادل للكهرباء. ويمكن التأكيد أن هناك مافيا كهربائية تمارس سياسة بيع الكهرباء وشرائها من وإلى المخيم حيث يتم قطعها عن جزء من المخيم وبيعها لبعض المؤسسات الاقتصادية المحيطة، وهذه المافيا تحظى بحماية بعض الجهات السياسية النافذة».

ويضيف الأسعد : وهناك مشكلة أكبر فعند نهاية هذا العام، لن يعود هنا أية مساحة لدفن أحد في مقبرة المخيم. وكأن أهالي المخيم لا يكفيهم ما يعانونه في الحياة، فإنهم سيواجون مشكلات أكبر عند الوفاة بسبب غياب المساحات المطلوبة.

ويزيد : «لا إمكانية للدفن خارج المخيم، فتكلفة الدفن ما بين نقل وحفر وثمن الأرض وبناء القبر تزيد عن 3 آلاف دولار أمريكي، فمن أين سيأتي اللاجئ بهذ القدر من المال؟».

ويشهد المخيم نشاطاً شبابياً متنوعاً كورش عمل ورحلات وحفلات أطفال إلا أن هذا النشاط الواسع لا يفسح المجال أمام مشاركة الشباب في الشأن العام . وخصوصاً في ظل غياب مرجعية سياسية وأمنية واحدة، كما أن اشتباكات مسلحة عدة تحصل في المخيم المذكور بسبب خلافات هامشية، مثل الكهرباء والمياه وخلافات عائلية وغيرها.

وتؤكد إحدى العاملات الاجتماعيات على انتشار المخدرات بشكل واسع وخصوصاً الحبوب المهدئة والشراب المخدر، لكنها تقول «تدور الشبهة حول عدد من التنظيمات السياسية برعاية هذه التجارة التي تدخل إلى المخيم فتجد سوقاً واسعة الانتشار في داخله».

وتنتشر البطالة في صفوف الشباب الذين يقضون معظم أوقاتهم بتدخين الأرجيلة في زواريب المخيم.

وفي المخيم مستشفى للهلال الأحمر الفلسطيني باسم «مستشفى حيفا» وهو المستشفى المركزي في بيروت. وقد تحسن أداؤه في خلال الفترة الأخيرة، لكن لا ثقة للأهالي به وبخدماته إذ يفضلون أن يتم تحويلهم إلى مستشفى بيروت الجامعي الحكومي بدلاً منه.

[**ضبية*]

يقع مخيم ضبية على بعد 12 كم شرقي بيروت على تلة تشرف على طريق طرابلس الدولي. وقد تأسس المخيم عام 1956 يقطن فيه لاجئون جاؤوا من قرى الجليل في شمال فلسطين معظمهم من المسيحيين الكاثوليك وهو المخيم الوحيد الباقي في الضواحي الشرقية للعاصمة بيروت.

نتيجة لموقعه في شرقي العاصمة، فقد شهد المخيم حملات من العنف والدمار خلال سنوات الحرب الأهلية، فحتى عام 1990 كان قد دمر حوالي 25 % من المخيم كما هجر منه حوالي 100 عائلة إلى أماكن أخرى والمخيم يعاني كبقية المخيمات الفلسطينية من ارتفاع نسبة البطالة في صفوف سكانه ومعظم رجاله يعملون في أعمال مؤقتة كأيد عاملة رخيصة، كما أن عدداً كبيراً من النساء فيه يعملن كبائعات في الحوانيت التجارية أو عاملات تنظيف.

يبلغ عدد سكان المخيم حسب سجلات الأونروا 920 .3 شخصاً إلا أن المقيمين لا يتجاوز عددهم الـ 1500 شخص.

وفي المخيم مركز صحي واحد بمعدل 75 مريضاً في اليوم. أما الطلاب والبالغ عددهم 254 تلميذاً فيتلقون دروسهم في مدرسة الكرمل الابتدائية في منطقة برج حمود القريبة من المخيم.

بالاضافة إلى الخدمات التي تقدمها الأونروا فإن عدداً من المنظمات غير الحكومية تنشط في المخيم ومن بينها جمعية مار منصور والأخوات الناصريات والبعثة البابوية، وتقدم هذه الجمعيات خدمات صحية واجتماعية وروضة للأطفال كما يتم تقديم رعاية خاصة بالأطفال والمسنين.

وخلال الحروب الأهلية اللبنانية هاجر عدد كبير من العائلات الفلسطينية إلى الخارج واستقر مهجرون لبنانيون قدموا من الدامور والعيشية في منازلهم، ويحمل عدد لا بأس به الجنسية اللبنانية، «إلا أن ذلك لا يلغي انتماءنا الفلسطيني لكن الجنسية اللبنانية تهون علينا الحياة وتؤمن لنا فرص عمل أكثر» حسب تعبير ميشال بطرس أحد المقيمين في المخيم.

ويعاني القسم السفلي من المخيم من تفجر شبكة المجارير سنوياً والتي تفيض على المنازل، وتبرز المشكلة الصحية بصفتها الأهم في حياة الأهلي وخصوصاً معاناتهم من الأمراض العصبية.

وهناك مشكلة دائمة تواجههم وهي رفض محيطهم اللبناني بغالبيته المسيحية لهم لأنهم فلسطينيون، ورفض الكثير من اللاجئين الفلسطينيين لهم لأنهم مسيحيون. وعلاقتهم مع ممثلهم الوطني (منظمة التحرير الفلسطينية) شبه مقطوعة. في حين أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تشرف بشكل تفصيلي على حياة أهالي المخيم.

[**ملاحظات عامة*]

يبدو أن الوجود الفلسطيني في العاصمة بيروت تعرض ومنذ الاجتياح «الإسرائيلي» عام 1982 إلى ضربات طالت وجوده وأثرت في حياة اللاجئين ونمط معيشتهم وكانت المخيمات تحت الوصاية السورية منذ عام 1988 وحتى عام 2005، ما حولها إلى بؤر تفتقد إلى مقومات الحياة المشتركة بينهم وفقدوا ثقتهم في أية مرجعية موجودة لهم. وتحولت السلطات المحلية (اللجان الشعبية) إلى أطر لسلب المواطنين ووسيلة لاستغلال الخدمات المقدمة للاجئين وتحويلها إلى سلع تباع لهم. كما جرى الاستيلاء على تقديمات من جمعيات ومؤسسات دولية لأهالي المخيمات.

- *المصدر : صحيفة «الخليج» الاماراتية


titre documents joints

مأساة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان (2)

22 آب (أغسطس) 2010
info document : HTML
61.7 كيلوبايت


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 58 / 2178359

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178359 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40