الجمعة 29 كانون الثاني (يناير) 2016

هل حسمت إسرائيل خيارات الرئيس؟ وحوار مع قائد في كتائب القسام

الجمعة 29 كانون الثاني (يناير) 2016 par د. فايز أبو شمالة

تضاربت الأنباء عن عقد لقاء في القدس بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو ووفد كبير برئاسة ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية، مسئولون فلسطينيون يؤكدون، ومسئولون فلسطينيون ينفون، وبين التأكيد والنفي تبرز الخلافات الشخصية بين ورثة الرئاسة، فالذي يؤكد على موعد لقاء ماجد فرج مع نتانياهو هم المجموعة التي ضمنت لنفسها مكانة في صفوف الرئيس القادم ماجد فرج، والذي ينفي اللقاء يعرف مسبقاً أن لا مكانة له في المرحلة المقبلة، وهذا ما أشار إليه مسبقاً د. صائب عريقات، حين قال قبل يومين يائساً: الرئيس الفعلي للفلسطينيين هو الإسرائيلي يوآف مردخاي منسق شئون المناطق.
فهل ما سبق يعني أن اللقاء مع نتانياهو هو الضمانة الأكيدة للرئاسة الفلسطينينة؟
لا يملك الجواب على السؤال السابق إلا الأحداث التاريخية، ففي سنة 2003، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون إجراء أي لقاء مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وأصر على محاصرته في المقاطعة، في الوقت الذي سمح بمشاركة محمود عباس الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء في قمة العقبة التي عقدت في 4/6/2003، بحضور شارون ومحمود عباس وملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس الأمريكي جورج بوش، وفي غياب عرفات؛ أعلنوا عن انطلاق خارطة الطريق، الهادفة إلى وضع حد للعنف وقيام الدولة الفلسطينية بحلول العام 2005.
لقد عاد الزمن على أثره، واشتكى محمود عباس قبل يومين من نتانياهو، وقال: إنه يرفض لقائي! فكانت المفاجأة بالخبر الذي يعلن عن لقاء نتاتنياهو مع ماجد فرج في القدس، فهل هذا يعني المشابهة بين شارون ونتانياهو؟ أم هنالك مشابهة بين عرفات ومحمود عباس؟ وهل بدأت إسرائيل مرحلة تسوية الممرات لعبور ماجد فرج إلى الرئاسة بالطريقة نفسها التي سوت فيها الأوضاع التي سمحت لمحمود عباس بأن يصير رئيساً مطلع 2005؟
كلا، وألف كلا، فإن كان نتانياهو هو شارون نفسه، فإن محمود عباس الذي نسق أمنياً مع شارون لن يكون ياسر عرفات الذي تحدى شارون ونتانياهو معاً، كما أن محمود عباس يعرف مكنون الخفايا والأسرار التي سمحت لثعبان الغدر أن يلدغ ياسر عرفات، فأبدى حرصاً في خطابه الأخير أمام الكتاب الإسرائيليين على الدم اليهودي، وزكى رائحته بطهارة الشهادة، وحرص في خطابه أمام الكتاب الفلسطينيين في اليوم التالي على تبجيل التنسيق الأمني علانية، ونسبه إليه شخصياً، ولم يسمح لماجد فرج بأن يحظى بشرف التنسيق الأمني لوحده، وأعلن صراحة أنه هو شخصياً من يرعى التنسيق الأمني، وأنه هو الذي يتبادل المعلومات الأمنية مع الإسرائيليين ثانية بثانية، وأنه هو الذي يقوم بواجبه تجاه التنسيق الأمني على أكمل وجه، وأن كل ما تقوم به الأجهزة الأمنية من تنسيق أمني يتم بأوامره الشخصية.
جفت أقلام ماجد فرج الأمنية، وطويت صحف اللقاء الذي كان سيتم في القدس لترتيب خلافة محمود عباس، الذي يرفض أن يعين له نائباً في رئاسة اللجنة التنفيذية أو رئاسة السلطة أو رئاسة تنظيم حركة فتح، ويصر على حل المجلس التشريعي، في عملية تعويم متعمد للحالة الفلسطينية التي ستظل معلقة بحبل سلامة محمود عباس نفسه، وبقائه خالداً أبد الدهر.
ضمن هذه الحالة الفلسطينية العائمة على مستنقع الخلافات الشخصية، وخارطة الطريق الوهمية، لا يخرج رابحاً إلا المستوطنون، الذين يستثمرون الزمن في الاستيلاء على الأرض، فمنذ اللقاء الذي عقد بين محمود عباس وشارون في 1/7/2003، حين اتفق الطرفان على تنفيذ بنود خارطة الطريق، وإحياء اللجان المشتركة بين الجانبين، على أمل التطبيق العملي لخطة خارطة الطريق. منذ ذلك اللقاء وحتى شهرنا هذا يناير 2016، ثلاثة عشر عاماً من التنسيق الأمني الذي أسهم في زيادة المستوطنين اليهود من 120 ألف مستوطن يهودي سنة 2003، إلى أكثر من 700 ألف مستوطن يهودي سنة 2016، يستولون على مساحة 61% من أرض الضفة الغربية.
فهل نحن أمام خارطة للطريق من جديد مع كل رئيس جديد؟ وهل سيبقى بعد 13 عاماً أخرى من التنسيق الأمني أرض في الضفة الغربية يغتصبها المستوطنون اليهود؟.
الجواب يتحرق كالجمر في صدور شباب الانتفاضة، ويتحرك في يدهم الحل الشافي.

- حوار مع قائد في كتائب القسام

اعترف أمامي أنهم يواصلون العمل ليل نهار، وعلى مدار عام ونصف لم يعرفوا طعم الراحة، ولم يتسرب إليهم الوهن، فالمعركة التي يستعدون لها معركة مصيرية؛ بقاء أو فناء، حياة أو موت، ولا خيار لهم إلا العمل تحت كل الظروف، والبقاء نداً يخترق حصون العدو.
سألت أحد قادة كتائب القسام عن مصادر سلاحهم، من أين تحصلون على السلاح في ظل هذا الحصار الرباعي الخانق؟ فقال مبتسماً: وهل كنت تتوقع مني أن أكشف لوسائل الإعلام عن السر، ولكنني أؤكد لك أن تدفق السلاح لم يتوقف، ولو عرف الناس مصادر سلاحنا، وكيفية وصوله إلينا، وآلية تصنيعه، والطرق الفنية المبتكرة في تطويره، وأنواعه، وكيف يسر لنا الله سلاحاً من حيث لم نحتسب، ولم يخطر لنا في بال، لو عرف أهلنا بذلك لسجدوا لله شكراً على إبداع القسام في تطوير وسائله القتالية، الأمر سر، وسيبقى سراً حتى لحظة الاحتدام، حين نلتقي مع عدونا في ساحة الوغى، يومها سيصيب الذهول عدونا من هول المفاجأة.
سألت الرجل: هل أفهم من حديثك أنكم جاهزون للمعركة، وأن حديث الأخ إسماعيل هنية قبل أيام عن مفاجآت ستربك حسابات العدو، هو حقيقة وليس تقديرات وتوقعات؟
بكل تأكيد، فالقائد إسماعيل هنية لا يعرف كل التفاصيل، وليس من اختصاصه أن يعرف المدى الذي وصلت إليه صواريخنا، ولا عددها، ولا كيفية تصنيعها وتهريب موادها التفجيرية، ولكن القائد تساءل عن كثرة الحوادث، وارتفاع عدد الشهداء جراء العمل، وطالبنا بأخذ الحيطة والحذر، واستمع لنا، وقد أكدنا له أن هؤلاء الشهداء الذين يرتقون أثناء التجهيز دليل جهدٍ وتفانٍ، فنحن نعمل، ومن يعمل يخطئ، ولو أننا قعدنا في بيوتنا، نرتب على كتف أطفالنا ونهمس بالحب في آذان نسائنا، لكانت السلامة من نصيبنا، ولما كانت لنا الهمة التي غدونا بفضلها جاهزين للمواجهة، لقد طمأن حديثنا الصادق والصريح أبو العيد هنية، وجعله يصدح بتصريحاته المستندة على الحقائق، والتي تناولتها وسائل إعلام العدو بحذر وفزع.
سألت: هل نحمل نحن الفلسطينيين كتائب القسام أكثر مما تحتمل؟ هل نطلب منها المستحيل في ظل العجز العربي، والتنسيق الأمني، والحصار الإسرائيلي، والدعم العسكري الذي يتدفق على عدونا من ألمانيا وأمريكا ودول الغرب كافة؟ هل صارت المقاومة نداً؟
وجاء الرد سريعاً: نعم، بلا أدنى شك، فكتائب القسام هي التي اختارت طريق المواجهة، وهي التي طورت من كفاءتها وقدرتها، وهي التي تحملت المسئولية في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وهي التي تدرك ما يمتلكه العدو من معدات وتكنولوجيا، ومع ذلك فإننا نسعى لأن نتفوق في مجالات لا يدركها عدونا، وما دون الندية هي المذلة والخنوع والاستخذاء، ونحن متوكلون على الله، الذي يسر لنا سبل استنهاض شباب فلسطين، واكتشاف مخزون الطاقة الذي لا ينضب لدى الإنسان المعبأ، والمجهز بأحدث أدوت المواجهة، والأيام القادمة ستكشف لكم حجم كتائب القسام المرعب للعدو، والمطمئن للصديق.
سؤال: هل أستشف من حديثك أن كتائب القسام باتت قادرة على الدفاع عن قطاع غزة، وملاقاة الجيش الإسرائيلي، وصد أي هجوم إسرائيلي مفاجئ؟
جواب: في الفترة الأخيرة ما عاد يشغلنا ملاقاة عدونا على أرض غزة، فقد تجاوزنا هذه المرحلة، ولاسيما أننا لاقينا عدونا على أرض غزة أكثر من مرة، وأعجزناه، ودحرناه، اليوم نحن نعد أنفسنا لنفاجئ العدو، والانقضاض عليه، فالزمن الذي كانت تقتحم فيه الدبابات الإسرائيلية أرض غزة صار من وراء ظهورنا، نحن نتجهز لاقتحام المواقع الإسرائيلية، واسترداد بعض أرضنا التي يحتلها العدو منذ سنة 1948، وهذا ما لا يتوقعه العدو الإسرائيلي في أسوأ التقديرات.
س: لماذا لا تلق كتائب القسام السلاح، وتنحو باتجاه التفاوض السلمي مع العدو الإسرائيلي، ألا يكفي ثلاثة حروب في زمن قصير نسبياً؟.
ج: العدو الإسرائيلي مستعد لأن يمنحنا تصاريح لدخول إسرائيل هذا المساء، وأن يمنحنا بطاقات vip ، ومستعد لأن يفك الحصار عن غزة في هذه اللحظة، والعدو الإسرائيلي على استعداد لأن يفتح بوابات المساعدات المالية والاتصالات الدولية، وأن يمنحنا الرعاية والحماية والسلامة والقبلات الحارة مقابل الاعتراف بشروط الرباعية فقط، والتي تتمثل بالاعتراف بإسرائيل، ونبذ المقاومة، والاعتراف بما وقعت عليه منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن حساباتنا الوطنية والدينية أبعد بكثير من حسابات إسرائيل، وأطول مدى من مكاسب دنيوية زائلة، غايتنا وطن محرر وعقيدة غير مدنسة، لذلك ترانا نواصل الليل بالنهار، ونعد أنفسنا لمعركة قد تستمر عدة أشهر أو عدة سنوات، ولكننا واثقون أن النصر حليفنا، وأن عدونا زائل.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 62 / 2176534

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز ابو شمالة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2176534 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40