الجمعة 29 كانون الثاني (يناير) 2016

الرئيس الفلسطيني مردخاي!

الجمعة 29 كانون الثاني (يناير) 2016 par حسين لقرع

هناك سؤالٌ يحيّر منذ سنوات الكثير من المتتبعين للشأن الفلسطيني وهو: ماذا استفادت السلطة الفلسطينية مما يُسمّى “التنسيق الأمني” مع الكيان الصهيوني حتى تتشبّث به بكل هذا الإصرار والعناد؟

سؤالٌ بات طرحُه ملحّا بعد أن صرّح الرئيس الفلسطيني قبل يومين فقط بأن “التنسيق الأمني” لا يزال مستمرا، والجانب الفلسطيني يقوم بـ“واجبه على أكمل وجه” ويمنع الأطفال الفلسطينيين من إلقاء الحجارة على جنود الاحتلال بأوامر شخصيةٍ منه !

كان يمكن تفهّم هذا “التنسيق” لو كان الطرف الصهيوني جادا في ما يُسمى “عملية السلام”، واعترف بالحدّ الأدنى من حقوق الفلسطينيين، وفي مقدّمتها إقامة دولتهم المستقلة على حدود 4 جوان 1967، وحق اللاجئين في العودة... ولكن الطرف الصهيوني يفاوض الفلسطينيين منذ عام 1993 بدون أن تصل المفاوضات الماراطونية العبثية إلى أي نتيجة لصالحهم. وبالمقابل، تغوّل الاستيطان وقطّع أوصالَ الضفة الغربية وأصبح قرابة نصف مليون يهودي يستوطنونها، ما يجعل إقامة “دولة” فيها أمراً مستعصياً، وكل ذلك تمّ في ظل “التنسيق الأمني” بين الأمن الفلسطيني ونظيره الصهيوني، والذي وفّر أماناً غير مسبوق للمستوطنين وجعل الكيان الصهيوني يواصل الاستيطان وهو مطمئنّ إلى أن الشرطة الفلسطينية ستقوم بـ“واجبها على أكمل وجه” في مطاردة عناصر المقاومة وسجنهم والتنكيل بهم حتى لا ينغِّصوا عليه توسيع الاستيطان.

لقد قضى التعاونُ الأمني مع الاحتلال على أيّ أثر للمقاومة في الضفة، لكن السلطة الفلسطينية لم تحصد بالمقابل إلا الريح، وازداد الاحتلال تغوّلاً إلى درجة أن جنوده اقـتحموا حديقة بيت الرئيس عبّاس بحجة مطاردة المتظاهرين، ولعلّ خير تعبيرٍ عن فقدان السلطة أدنى مظاهر السيادة على المنطقة هو ما قاله صائب عريقات أمس بأن يوئاف مردخاي، منسّق شؤون الحكومة الصهيونية في الضفة الغربية “بات الرئيسَ الفعلي للشعب الفلسطيني”!

عرفات رحمه الله، أدرك عقب فشل مفاوضات كامب ديفيد في أوت 2000، أن الصهاينة لا يريدون سوى أن يتنازل لهم الفلسطينيون عن كل شيء دون أن يقدّموا لهم شيئاً بالمقابل، فعاد إلى الضفة وأطلق سراح مقاومي حماس من السجون، وأوقف “التنسيق الأمني” مع الصهاينة، وأشعل الانتفاضة الثانية، وبقي متشبِّثا بها إلى أن استشهد في نوفمبر 2004، أما عباس فيعتبر التعاونَ الأمني مع الاحتلال ضد المقاومة “واجباً” ويصرّ على التشبّث به، وإن انهارَ اتفاقُ أوسلو وأكذوبة “عملية السلام” ووهمُ الدولة المستقلة، وأمعن جنودُ الاحتلال في الإعدامات الميدانية للفلسطينيين إلى درجة قتل طفلةٍ في الـ13 من عمرها كان يمكن السيطرة عليها بسهولة!

لا ريب أن الفلسطينيين قد ابتُليوا باحتلالٍ استيطاني شرس ربما لم تعرف البشرية مثله، لكنهم ابتليوا أيضا بسلطةٍ فلسطينية ليست في مستوى كفاحهم وتضحياتهم، ترى التعاونَ الأمني مع الاحتلال لمطاردة المقاومين “واجباً”، ويفتخر رئيسُ مخابراتها بإجهاض 200 عملية ضد العدوّ والقبض على 100 مقاوِم ومصادرة أسلحتهم في ظرف ثلاثة أشهر، ثم تتشدّق بعد ذلك بأنها متمسِّكة بالثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها إقامة دولتها المستقلة على حدود 4 جوان 1967 !



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 73 / 2165371

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165371 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010