الثلاثاء 24 آب (أغسطس) 2010

الصمت لا يساوي الذهب دائماً

الثلاثاء 24 آب (أغسطس) 2010

ابلغ موقع «بوليتكو» على الانترنت ان مستشاري رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما نصحوه بألا يتكلم على قضية المسجد المخطط لاقامته قرب غراوند زيرو. على حسب النبأ، حذر رئيس فريق العمل في البيت الابيض رام عمانوئيل الرئيس الذي ليس وضعه حسنا في استطلاعات الرأي ويوشك كما يبدو أن يتلقى ضربة في انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني (نوفمبر)، لأن من غير الصحيح التعبير عن رأي في هذا الموضوع القابل للاشتعال.

وما كان أحد بطبيعة الأمر ليطلب من الرئيس ابداء رأي في شأن يخص سكان نيويورك قبل الجميع.

تحدث أوباما كما تعلمون وعاد بعد ذلك عما قال. وكانت النتيجة زلة مشكلة في شأن لم يكن يجب دخوله منذ البدء، وبدا الرئيس كمن يورط نفسه بنفسه. اذا كنتم من أنصار نظريات العرق والدين التي تتصل باسم الرئيس الامريكي، فمن المحقق انكم تفترضون انه تحدث لان هذه هي وظيفته في البيت الابيض. واذا افترضتم ان هذا خطأ فمن المفيد الفحص عن قراره: لأنه اذا اخطأ اوباما، وقد أخطأ، فانه يسأل السؤال ما الذي ينبغي أن يتحدث فيه القائد وما الذي لا ينبغي أن يتحدث فيه. يسود «إسرائيل» رأي أنك كلما تحدثت أقل كان ذلك أفضل. وهذا ميراث من المواريث المشكلة من أيام اريئيل شارون: فقد قال مستشارو شارون، الذين تذكروا جيدا الصورة المضغوطة لسلفيه، إنك لا تندم أبدا على كلام لم تقله. تحدث بنيامين نتنياهو (في ولايته الاولى) وايهود باراك بلا انقطاع: بل ان نتنياهو ظهر ذات مرة في برنامج «يوجد من يتحدث اليه»، وكأنه كان مستمعا معنيا ليس له مكان آخر يتحدث فيه، وبلغ باراك الى مستوى بحث معه محررو البرامج الواقعية في المذياع عن طريقة مهذبة ليقولوا لمكتب رئيس الحكومة أنه لا يلائمهم اجراء مقابلة معه.

أقل شارون من الحديث واجراء المقابلات، وهو أمر أنشأ له صورة زعيم لا يشغل نفسه بالسفاسف. وعزز الصمت ايضا صورة أن من حوله يسلكون في نجوع وتكتل وفي ذلك مضادة شديدة لايام الاضطراب في مكتبي سلفيه. ومنذ ذلك الحين يقلده الجميع: رئيس الاركان غابي اشكنازي، الذي يبث الدفء كإنسان، ويثير العطف ويعلم كيف يعبر جيدا عن الرسائل التي يريد نقلها، لم يجر مقابلة صحافية واحدة في أيام ولايته كلها اذا استثنينا محيطه القريب. ولا يكاد نتنياهو يجري المقابلات الصحافية في الولاية الحالية ولا يسمع صوته أيضا في شؤون يبدو ان من المهم للجمهور أن يعلم ماذا يفكر رئيس الحكومة فيها.

يبدو ان النتائج ايجابية. فاشكنازي رئيس أركان ذو شعبية، وتنبع الارتفاعات والانخفاضات في مكانة نتنياهو من أفعاله واخفقاته لا من أنه يقل الكلام. يحدث انطباع ان الجمهور «الاسرائيلي» يفضل صمت القيادة ويفسره على أنه نوع متميز من القيادة. إن ميراث شارون، بهذا المعنى حي قائم. والسؤال الوحيد هل يجدي علينا حقا.

قد يكون الأمر ساذجا، لكنني أرى أن الزعيم هو من يحسر عن يديه ويمس الأماكن التي تؤلمنا، والتي لا تتصل بقرارات عملية فقط. وهو لا يقود سياسة الأمن والميزانية فقط بل النقاشات التي تقرر الوعي. ولا يعمل فقط داخل الاجماع، ولا تقوده استطلاعات الرأي وسياسة منتصف الطريق فقط بل يعمل في قلب الجدل ايضا.

ولولا ذلك لوجدنا أنفسنا مع شارون الذي اتخذ قرارا وطنيا مختلفا فيه مثل الانفصال، من غير أن يقود النقاش الواجب الذي كاد يمنح الأمر كله معنى مختلفا. نجد أنفسنا في وضع خيبة أمل عامة واحساس بأن الساسة يشغلون أنفسهم بالبقاء والحيل لا بما يؤلمنا. قد يكون أفضل وجود زعيم مثل اوباما، يخطىء فيما يتحدث عنه، ممن لا يتحدث ولا يخطىء وليس زعيماً أيضا.

- **«معاريف»



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2177249

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2177249 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40